الرئيسية آراء وأقلام انتشار ظاهرة العنف …التربية هي الحل

انتشار ظاهرة العنف …التربية هي الحل

44043395 101
كتبه كتب في 27 أغسطس، 2019 - 2:20 مساءً

صوت العدالة – عبد السلام اسريفي

انتشرت في السنوات الأخيرة بالمغرب ظواهر دخيلة وخطيرة، كان أهمها العنف بكل أشكاله،أضر بشكل خطير الساكنة،حيث سجلنا حالات اعتراض سبيل المارة وانتزاع ممتلكاتهم والاعتداء عليهم وخاصة النساء،ولدى الشرطة بالمملكة ملفات كثيرة في هذا الموضوع، نجحت بشكل كبير في التصدي لها واعتقال الفاعلين وتقديمهم للعدالة.

والعنف بهذا الشكل، لا يمكن إلا يتطور الى حالات أخرى، حالات رفض وعصيان، قد تتحول الى أفعال إجرامية ، قد تستهدف الآخر كما قد تستهدف الذات (الانتحار)،وهي حالات كثيرة عرفتها مجموعة من المدن، دون أن تكون هناك أسباب واضحة تدفع الشخص الى إنهاء حياته.

وحسب علماء الاجتماع، فالعنف ظاهرة لصيقة بالمجتمعات المتخلفة، فحيث يوجد الفقر والتهميش يوجد العنف، فقدان الأمل في المستقبل على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة الى أسباب ذاتية خاصة لدى طبقة الشباب الذين فشلوا في حياتهم الدراسية، وامتهنوا الشوارع ، في انتظار الذي قد لا يأتي،كفيلة بدخول هذه الفئة في مرحلة المحظور، والتمرد على الواقع بشكل يعتبرونه منصفا حتى وإن كان سيتسبب في الأذى للآخرين.

والحل، بالاضافة الى التصدي للظاهرة، التركيز على التربية، فلا يمكن أن ننتظر جيلا يتمتع بقيم جميلة ومسالم، دون تطور في منظومة التعليم بكل مستوياته.

فالمدرسة لها دور مؤثر وفعال في وقاية التلميذ من سلوك العنف، وذلك من خلال تنمية القيم الدينية، والتي تتثمل في غرس مبادئ الرفق، والإيثار، وروح التسامح في نفوس التلاميذ، وذلك من خلال إعداد خطة تربوية لإرشاد التلاميذ من خلالها إلى السلوكيات الصحيحة، التي يجب اتبعاها داخل المدرسة وخارجها مع مراعاة المراقبة الجادة لسلوك التلاميذ.

يجب أن يكون هناك تنسيق كامل بين وزارة التربية الوطنية والمدارس لعلاج ظاهرة العنف في جميع المؤسسات التعليمية.

ويمكن أن نوجز الوسائل التي ينبغي على وزارة التربية الوطنية اتخاذها، من خلال التنسيق مع المدارس، لعلاج ظاهرة العنف فيما يلي:

(1) توفير عددٍ من الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين للكشف عن السلوك المنحرف لدى التلاميذ، وعلاجه في وقتٍ مبكرٍ.

(2) وضع برامج دراسية مرنة تتناسب مع المستوى العقلي للتلاميذ.

(3) تنويع المناهج الاختيارية لتناسب ميول ورغبات التلاميذ..

(4) جعل المناهج ذات قيمة تربوية وأخلاقية، تنمي شخصية التلاميذ.

(5) توفير المدرسين المؤهلين تربويًّا وعلميًّا؛ ليكونوا قدوةً صالحةً أمام التلاميذ..

(6) توفير وسائل الأنشطة المختلفة؛ لإعطاء التلاميذ الفرصة لممارسة هوايتهم داخل المدرسة، وخاصة خلال فترة الإعدادي.

(7) الاهتمام بمادة التربية الدينية؛ ليكتسب التلاميذ اتجاهات إيجابية نحو دينهم وسلوكياتهم؛ لحمايتهم من الانحراف والعنف.

(8) تدريب مديري المدارس والمعلمين على أحدث وسائل محاربة العنف، وذلك من خلال عقد ندوات ومحاضرات يقوم بها متخصصون في التربية.

(9) تكريم أوائل التلاميذ في كل فصلٍ من الناحية الأخلاقية والعلمية، وذلك في حفل عام أمام المسؤولين والتلاميذ.

(10) فتح باب الحوار والمناقشة بين التلاميذ والمدرسين وإدارة المدرسة، من خلال عقد ندوات ومسابقات داخل المدرسة، وإتاحة الفرصة للتلاميذ للتعبير عن آرائهم في القضايا المعاصرة، مع مناقشة الآراء الخاطئة بهدوء، مع ذكر الأدلة على خطأ هذه الآراء، حتى يتم إقناع التلاميذ بالرأي الصواب؛وتوجيههم التوجيه الصحيح.

هذا بالاضافة الى تبني استراتيجية وطنية يكون مضمونها يتمحور حول احتواء الطفل / التلميذ وتلقينه تعليما يراعي خصوصية المتعلم ويحترم ثقافة المنطقة،حيث أن أغلب المقررات خاصة في التعليم الخصوصي، بعيدة كل البعد عن الحياة اليومية للتلميذ، الذي يجد نفسه غريبا وهو يتابع فصول هذه المواد ، التي غالبا ما تكون لمجتمعات راقية كفرنسا مثلا وبريطانيا.

فانتشار المناهج التعليمية المواطنة، كفيل بتهييء التلميذ وتلقينه المبادئ الصادقة، التي تجعله مواطنا ايجابيا حتى وهو عاطل عن العمل، فالتربية والتعليم هما الحل الوحيد للتصدي لانتشار ظاهرة العنف بالمجتمع المغربي،وما نقوله عن مدن الهامش، يمكن أن نقوله عن الرباط، ومراكش وأكادير …

فالكل مسؤول ابتداء من الأسرة والمدرسة والدولة، فلا يعقل أن نبني أجيال دون تأسيس قاعدة تروبية صلبة،فالفقر والحاجة والحرمان لا يمكن أن يتسببا في بروز سلوكيات منافية للأخلاق الحميدة، فإذا استطعنا الاعتماد على المدرسة، ودعمناها ببرامج وطنية قريبة من حياة التلميذ،فالأكيد أننا سنصنع جيلا قادرا على كبح غضبه وايجاد تبرير لتصرفاته،وبالتالي التخلص من ظواهر تهدد الأسر والحياة الشخصية للأشخاص على حد سواء.

مشاركة