برزت الودادية الحسنية للقضاة كفاعل أساسي في تكريس ما يمكن تسميته بـ”الدبلوماسية القضائية الموازية”، خدمةً لصورة القضاء المغربي وتعزيزاً لمكانته داخل المنتظم الدولي في وقت أصبحت فيه الدبلوماسية متعددة الأوجه، وتجاوزت حدود القاعات الرسمية إلى فضاءات المجتمع المدني والهيئات المهنية.
من هيئة مهنية إلى قوة ناعمة للدبلوماسية المغربية فمنذ تأسيسها، لم تكتفِ الودادية الحسنية بدورها الاجتماعي والمطلبي لفائدة القضاة، بل اختارت أن تنفتح على محيطها الإقليمي والدولي، مدركة أن القضاء اليوم لم يعد مجرد سلطة للفصل في المنازعات، بل رافعة من روافع الدولة الحديثة وسفير لقيمها الحقوقية والمؤسساتية.
فقد أصبحت الودادية، بفضل ديناميتها وتواصلها الدائم مع المنظمات القضائية العالمية، شريكاً فعالاً في نشر التجربة المغربية القائمة على استقلال السلطة القضائية، وتعزيز الثقة في القضاء كضامن للحقوق والحريات.
تميزت مشاركة الودادية الحسنية للقضاة في العديد من الملتقيات الدولية، سواء داخل القارة الإفريقية أو على مستوى الاتحاد الدولي للقضاة، بكونها صوتاً صريحاً يعكس مواقف المغرب الداعية إلى ترسيخ مبادئ العدالة، واحترام سيادة القانون، وتبادل الخبرات في مجال الحكامة القضائية.
ففي كل مناسبة تؤكد الودادية الحسنية للقضاة المكانة الريادية للمغرب في المجال القضائي على الصعيد الدولي، وفي تجسيد حي لنجاح الدبلوماسية القضائية الموازية، حيث حققت الودادية الحسنية هذه السنة إنجازًا وطنيًا مشرفًا، بعد انتخاب رئيسها الأستاذ محمد رضوان نائبًا لرئيس الاتحاد الدولي للقضاة، ورئيسًا للمجموعة الإفريقية للاتحاد، خلال المؤتمر السنوي السابع والستين المنعقد هذا الأسبوع في العاصمة الأذربيجانية باكو، بمشاركة ممثلين عن الهيئات القضائية من مختلف أنحاء العالم
وقد كان حضورها النشيط في الاجتماعات والندوات المقامة بعدد من الدول مناسبةً للتعريف بالإصلاحات الكبرى التي عرفها القضاء المغربي، وخاصة ما يتعلق باستقلال المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة.
انطلاقاً من التوجه الإفريقي للمملكة، حرصت الودادية الحسنية على تقوية جسور التعاون جنوب-جنوب، من خلال مبادرات لتبادل الزيارات بين القضاة المغاربة ونظرائهم في بلدان إفريقية شقيقة، مثل السنغال، الكوت ديفوار، موريتانيا، ومالي.
كما ساهمت في ترسيخ التعاون العربي عبر الملتقيات القضائية المشتركة، التي تكرس روح الأخوة المهنية وتؤسس لشراكات علمية وتكوينية تعزز مكانة المغرب كمرجع في الإصلاح القضائي.
من خلال مقاربتها الهادئة والمتزنة، نجحت الودادية الحسنية في جعل صوت القاضي المغربي مسموعاً في النقاشات العالمية حول استقلال القضاء ومكافحة الفساد وحماية الحقوق الأساسية.
وقد ساهمت، بشكل غير مباشر، في تعزيز الدبلوماسية الرسمية للمملكة، من خلال ما تعكسه مواقفها وخطاباتها من التزام بالقيم الكونية للعدالة، وهو ما يمنح للمغرب صورة إيجابية كبلد رائد في الإصلاح المؤسساتي واحترام دولة القانون.
لقد أثبتت الودادية الحسنية للقضاة أن الدبلوماسية ليست حكراً على السفراء والوزراء، بل يمكن أن يمارسها القضاة من موقعهم كحماة للعدالة ورسائل للثقة والمصداقية. فحيثما حلّ القاضي المغربي، حمل معه إشعاع المملكة ورؤيتها الحكيمة بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في جعل العدالة ركيزة أساسية للتنمية والدبلوماسية الوطنية.

