بقلم: عبد السلام اسريفي
كلما اقترب موعد مناقشة مجلس الأمن الدولي لقضية الصحراء المغربية، ترتفع وتيرة التوتر في أروقة النظام الجزائري، وكأن الحمى السياسية تصيبه مع كل خطوة تقرّب المجتمع الدولي من الاعتراف العملي بواقعية المبادرة المغربية للحكم الذاتي. هذه الحالة ليست جديدة، بل باتت تتكرر كل عام كلما أدركت الجزائر أن مشروعها الانفصالي ينهار أمام صلابة الموقف المغربي ووضوح الرؤية التي قدمتها الدبلوماسية المغربية للعالم.
إنّ مقترح الحكم الذاتي، الذي طرحه المغرب منذ سنة 2007، لم يعد مجرد تصور سياسي، بل تحوّل إلى قاعدة توافقية حقيقية، باعتباره الحل الوحيد القادر على إنهاء هذا النزاع المفتعل الذي عمر نصف قرن. في المقابل، لا تزال الجزائر تُصرّ على التمسك بأوهام الماضي، متخفية وراء شعارات “تقرير المصير” التي لم تعد تقنع أحداً، خصوصاً في ظل المعطيات التي تؤكد أنّ أغلب من يُقيمون في مخيمات تندوف لا تتجاوز أصولهم الصحراوية نسبة محدودة، وأنّ جزءاً كبيراً منهم يعيش هناك قسراً منذ عقود دون أن يُسمح له بحرية التعبير أو العودة إلى أرضه.
لقد تحوّلت تلك المخيمات، للأسف، إلى ورقة ضغط سياسية تُستغل لإدامة الأزمة بدل حلها. وما يطالب به المغرب اليوم بسيط وواضح: تمكين هؤلاء المحتجزين من حقهم في الحرية، والسماح لهم بتقرير مصيرهم الحقيقي، لا وفق الشعارات التي يرفعها النظام الجزائري، بل وفق إرادتهم الإنسانية الطبيعية في العيش داخل وطنهم الأم.
ولا يمكن إغفال الدور البارز الذي تلعبه الدبلوماسية المغربية بقيادة الوزير ناصر بوريطة، التي نجحت في تفكيك خطاب الخصوم بالحجة والواقعية، وجعلت من المغرب طرفاً فاعلاً وموثوقاً على الساحة الدولية. هذه الدبلوماسية الهادئة والواثقة أربكت خصوم الوحدة الترابية، وأكدت أن قوة المغرب لا تُقاس بالصوت المرتفع، بل بثبات الموقف وإيمان الشعب بعدالة قضيته.
إنّ الزمن كفيل بكشف الحقائق، وقد أثبتت السنوات الأخيرة أنّ منطق التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي يسير في اتجاه واحد: الصحراء مغربية، وستظل كذلك إلى الأبد.

