الرئيسية أخبار فنية الناظور تُعيد للسينما رسالتها النبيلة: من الصورة إلى المصالحة

الناظور تُعيد للسينما رسالتها النبيلة: من الصورة إلى المصالحة

8aec2e58 323e 4686 8f8b 18b48073c284
كتبه كتب في 14 أكتوبر، 2025 - 10:23 مساءً

صوت العدالة : محمد زريوح

في زمنٍ تتعالى فيه أصوات الحروب وتتعثر فيه لغة الحوار، تعود مدينة الناظور لتحتضن من جديد المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة في دورته الرابعة عشرة، التي ينظّمها مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم خلال الفترة الممتدة من 15 إلى 20 نونبر 2025، تحت شعارٍ يختزل فلسفة الحياة قبل الفن: “ذاكرة السلام”.
حدثٌ ثقافيٌّ وإنسانيٌّ يجمع بين الفكر والفن والدبلوماسية والحقوق، بمشاركة نخبة من السينمائيين والمفكرين والباحثين من المغرب ومختلف أنحاء العالم، في زمنٍ تتزايد فيه الحاجة إلى استعادة المعنى، وإلى ذاكرةٍ تصون الإنسان من النسيان.

في سياقٍ عالميٍّ متوترٍ تتكاثر فيه الأزمات وتتعمّق النزاعات، يرفع المهرجان راية الأمل، مستحضرًا دور العدالة الانتقالية كجسرٍ لإعادة بناء الثقة بين الشعوب وتحقيق المصالحة. ومن هنا جاء اختيار شعار الدورة، “ذاكرة السلام”، ليعكس إرادة جماعية في جعل الفن السابع فضاءً للحوار بين الصورة والذاكرة، وبين الإبداع والمسؤولية، في لقاءٍ نادرٍ بين جمال الفن وعمق القيم الإنسانية.
ولأن السلام لا يكتمل دون الوفاء، فقد أهدى المهرجان هذه الدورة لشعار رمزيٍّ مؤثر هو “الوفاء للوفاء”، تكريمًا لوجوهٍ أضاءت دروب الإبداع والفكر والحقوق، وتأكيدًا على أن الاعتراف ليس مجرد عرفٍ ثقافي، بل قيمةٌ إنسانيةٌ سامية تُعيد للذاكرة معناها.

وتُفتتح فعاليات المهرجان بتسليم الجائزة الدولية “ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم” في نسختها الثامنة إلى الدكتور عمر عزيمان، مستشار جلالة الملك محمد السادس نصره الله، اعترافًا بمساره العلمي والحقوقي المتميز، وبإسهاماته في ترسيخ مبادئ العدالة والإنصاف والمصالحة، وتعزيز ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما تشهد الدورة لحظة وفاءٍ رفيعة مع تكريم سمو الشيخة الدكتورة سعاد الصباح، رمز الفكر والإبداع العربي، احتفاءً بعطائها في الأدب والحقوق والدفاع عن قيم الكرامة والمساواة، من خلال ندوة فكرية دولية بعنوان “الوفاء للوفاء” بمشاركة باحثين من العالم العربي وإسبانيا وأمريكا اللاتينية.

6191fa18 9fb6 4683 a8b9 d5047eee8220

أما من الناحية السينمائية، فتقدّم الدورة باقةً ثرية من الأفلام الوثائقية والروائية الطويلة والقصيرة، تستحضر الذاكرة الإنسانية كأفقٍ للمصالحة والسلام. من بين هذه الأعمال فيلم “سأتذكّرك” للمخرج المغربي محمد رضا غزناي، و“كوباراويس” لعزيز خواضير وإيفر ميراندا، و“جاوك” لحسن بنجلون، إلى جانب عشرين فيلمًا من مختلف البلدان. وتتشكل لجان التحكيم من شخصيات بارزة في مجالات السينما والفكر والحقوق والسياسة، ما يمنح المهرجان بعدًا عالميًا يزاوج بين التنوع الثقافي والعمق الإنساني.

ولا يخلو المهرجان من لمسات الوفاء للفن وأهله؛ إذ يُكرَّم كلٌّ من أسعد التغماوي، ومحمد عبد الرحمان التازي، ومريم السالمي، تقديرًا لمسارهم المبدع في خدمة السينما المغربية. كما يستحضر المهرجان ذكرى الراحل نور الدين الصايل، أحد أبرز بناة الذاكرة السينمائية الوطنية، في لحظة اعترافٍ بجميل من ساهموا في جعل السينما مرآةً لروح المغرب المتعدد والمنفتح.

وفي ختام الفعاليات، عبّر المكتب الوطني لمركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم وإدارة المهرجان عن خالص الشكر والتقدير للسلطات المحلية والشركاء والداعمين الذين جسّدوا بروح صادقة شعار الدورة “الوفاء للوفاء”، مؤكدين أن مهرجان الناظور سيظل فضاءً للحوار الثقافي والإنساني، ومنبرًا للفكر الجمالي الذي يجعل من السينما وسيلةً للسلام، ومن الذاكرة طريقًا نحو المستقبل.

مشاركة