صوت العدالة- عبد الكبير الحراب
في جلسة حامية أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم الجمعة، واصل سعيد الناصري الإدلاء بأقواله في ما بات يعرف إعلاميًا بقضية “إسكوبار الصحراء”، مؤكدًا أمام القاضي أنه يتحدث بـ”حرقة” لكشف ما وصفه بجزء بسيط من الحقيقة، لا يتجاوز 10 في المائة مما جرى في الواقع.
القاضي واجه الناصري بأسئلة دقيقة حول عقارات قُدمت على أنها بيعت بوكالات مشكوك في صحتها، تتعلق بفيلا فاخرة بحي كاليفورنيا بالدار البيضاء، وشقة بمدينة وجدة، تبين أن مالكتهما هي سامية، الزوجة السابقة لعبد النبي بعيوي. الناصري أنكر علمه أو ضلوعه في أي من هذه المعاملات، قائلاً: “لم أكن طرفًا فيها ولا علم لي بها”.
عندما استفسره القاضي عن صلته بسامية، أوضح أنه تعرف عليها بعد طلاقها من بعيوي، بحكم أنها أصبحت تقطن بجواره. وعن بدايات علاقته ببعيوي، قال إنها تعود إلى سنة 2013 حين كان عضوًا بحزب الأصالة والمعاصرة، مشيرًا إلى أن تعارفهما تم عبر شخص يُدعى فجري، صاحب كراج للسيارات، ساعد بعيوي في شراء سيارة آنذاك.
ورغم تواتر الحديث عن علاقات تجارية بين الرجلين، نفى الناصري الأمر بشكل قاطع، مبرزًا أن أقصى ما جمعه ببعيوي هو مرافقته له أثناء اقتنائه بعض الأثاث من متجر يملكه تاجر يهودي بالدار البيضاء. كما نفى حضوره أو اطلاعه على الخلافات التي نشبت بين بعيوي وطليقته، مكتفيًا بالإشارة إلى أن والد سامية سبق أن قدم شكاية ضد بعيوي داخل الحزب، بحكم أن الناصري كان يترأس لجنة تنظيمية آنذاك.
المحكمة استفسرت الناصري أيضًا عن تصريح لمحامية، قالت إن بعيوي أخبرها بأن له دورًا في اعتقال والدة سامية. الناصري لم يتردد في المطالبة بمواجهة مباشرة معها، مشددًا: “هذه السيدة لم ترني قط.. وأطلب من المحكمة إحضارها”.
وفي رده على مزاعم بعيوي، قال الناصري ساخرًا: “بيني وبينه خمسة أمتار.. يجي يقول هذا الكلام قدامي”. وأضاف في نبرة تحدٍّ: “بعيوي شخص كتوم، وما كيحكيش حتى على مراتو.. آش ندخلني؟ واش غادي نسولو شنو قالت ليك مرتك؟”.
وفي سياق آخر، تطرق الناصري إلى علاقته بقاسم بلمير، موضحًا أنه تعرف عليه خلال عيد الأضحى عام 2013، وأن العلاقة بينهما اقتصرت على مكالمة هاتفية سنة 2016 لتهنئته بعد فوزه في الانتخابات، تلتها مساعدة منه في إجراءات بيع فيلا كاليفورنيا.
الناصري كشف أيضًا أنه كُلّف رسميًا بشراء منزل لفائدة أحمد أحمد، الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي كان حينها مقبلاً على الزواج من مغربية، دون أن يحدد الجهة التي منحته هذا التفويض. وقال في هذا الصدد: “أحمد أحمد طلب مني نعاونو فشراء شقة.. وأنا قلت خاصني نتشاور مع الناس لي معايا، ومن بعد توصلت بالتكليف الرسمي”.
وعن مجريات التحقيق، أبرز الناصري أنه خضع لثلاث مواجهات مع الحاج أحمد بنبراهيم، المعروف بـ”إسكوبار”، الأولى جمعته به مباشرة، والثانية جمعت بعيوي بـ”إسكوبار”، والثالثة ضمّت هذا الأخير مع مير بلقاسم. لكنه فجّر مفاجأة بقوله إن محضر المواجهة الثالثة لا يزال مفقودًا، رغم وجود إثنين آخرين.
أثناء الجلسة، نبه القاضي الناصري أكثر من مرة إلى ضرورة التحدث بهدوء، قائلاً له في إحدى اللحظات: “واش كتعرض؟”، فردّ الأخير مبتسمًا: “الحماس سيدي القاضي”. فأجابه القاضي: “حنا ماشي فجامع.. تكلم ببطء باش نفهموك”.
وفي ختام الجلسة، أكد سعيد الناصري أن “الباطل صعيب”، وأن ما كشفه حتى الآن لا يمثل سوى 10 في المائة من الحقيقة، مبررًا اندفاعه بأنه يتحدث من قلب موجوع، على أمل أن تساهم أقواله في إيصال المحكمة إلى “الواقع الحقيقي”.