الرئيسية أحداث المجتمع المهدية بين التهميش وضرورة إعادة التقسيم الإداري: نقاش عمومي لا يحتمل التأجيل

المهدية بين التهميش وضرورة إعادة التقسيم الإداري: نقاش عمومي لا يحتمل التأجيل

IMG 20251225 WA0019
كتبه كتب في 25 ديسمبر، 2025 - 11:55 صباحًا

تُعدّ المهدية جزءًا لا يتجزأ من النسيج الحضري لمدينة القنيطرة، غير أن واقعها التنموي يطرح أكثر من علامة استفهام، في ظل ما تعانيه منذ سنوات من تهميش واضح وغياب مشاريع تنموية توازي مكانتها الديمغرافية والمجالية. وضعٌ بات يؤثر بشكل مباشر على جودة عيش الساكنة، ويُعمّق الإحساس بالإقصاء وغياب العدالة المجالية.
هذا الواقع لم يعد خافيًا على أحد، إذ تتقاطع شكاوى المواطنين حول ضعف البنيات التحتية، محدودية المرافق العمومية، وغياب رؤية واضحة لتنمية المنطقة. ورغم تعاقب المجالس المنتخبة، ظلت المهدية تراوح مكانها، دون تحسن ملموس يرقى إلى تطلعات ساكنتها المشروعة.
وأمام هذا الاختلال المزمن، أصبح من المشروع بل من الضروري فتح نقاش عمومي جاد ومسؤول حول إعادة التقسيم الإداري لجماعة المهدية. نقاش ينبغي أن يشارك فيه المواطنون، الفاعلون المحليون، والسلطات المختصة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، وبمنطق المصلحة العامة والتنمية المستدامة.
ولا يقتصر هذا الوضع على المهدية وحدها، بل يشمل أيضًا أحياء أخرى تابعة لنفس النفوذ الترابي، مثل القصبة، أليانس، الدوحة وغيرها، والتي تعاني بدورها من إشكالات بنيوية متشابهة، سواء على مستوى الخدمات أو التجهيزات أو الحكامة المحلية. وهو ما يطرح تساؤلات حقيقية حول نجاعة التقسيم الحالي وقدرته على الاستجابة للتحولات العمرانية والديمغرافية التي تعرفها المنطقة.
إن النتائج المحققة إلى حدود اليوم تؤكد محدودية النموذج القائم، وتُبرز الحاجة إلى حلول جريئة وغير تقليدية. ومن بين هذه الحلول، يبرز خيار إحداث جماعة المهدية كجماعة ترابية مستقلة قائمة بذاتها، تتوفر على صلاحيات وموارد تمكّنها من تدبير شؤونها المحلية بشكل أكثر فعالية، بالتوازي مع إحداث جماعة جديدة تضم باقي الأحياء المذكورة، بما يضمن توازنًا أفضل وعدالة مجالية أوضح.
فاستمرار الوضع على ما هو عليه لم يعد مقبولًا، خاصة في ظل تنامي وعي الساكنة بحقوقها، وارتفاع منسوب الإحباط من أداء المنتخبين، الذين لم ينجحوا في تحويل انتظارات المواطنين إلى سياسات عمومية ملموسة.
إن فتح هذا النقاش اليوم ليس دعوة للانقسام أو التشتيت، بل هو تعبير عن رغبة حقيقية في إصلاح الخلل، وبناء نموذج تدبير ترابي أكثر قربًا من المواطن، وأكثر قدرة على تحقيق التنمية المنشودة. نقاشٌ أصبح ضرورة ملحّة، لا تحتمل مزيدًا من التأجيل.

مشاركة