الرئيسية آراء وأقلام المناسبة شرط

المناسبة شرط

C53C89F9 CE06 4416 9F00 1A67CE73FA55.jpeg
كتبه كتب في 10 يناير، 2024 - 5:38 مساءً

حيث يحتفل العالم بأسره يومه 10 دجنبر بالاعلان العالمي لحقوق الانسان ، الذي جعل شعوب العالم تشعر بكينونتها وكرامتها بعيدا عن كل الممارسات التي تعود الى الأزمنة البئيسة الحاطة من الكرامة و الإنسانية ، فالعالم استشعر ان الحياة المشتركة بين الأفراد والجماعات وسط الوحدات السياسية أو مايسمى بالدول بمختلف تلويناتها بين الجمهورية أو الملكية حري بها أن تكون أكثر انصافا وتعقلا واحقاقا للحق سيما وسط عالم يتغير ويتطور بسرعة البرق ،وتظهر فيه الحاجيات الجديدة والغير مسبوقة بأثر او تجربة قبلية ، او حتى تتغير المفاهيم او تتطور الاساليب والسبل من البدائية والبداوة الى التكنولوجيا والعصر الحديث ، نحيى جميعا تطورا مشهودا لا نعلم مداه أو حتى حدوده سوى القليل منها ، لكن الكل يستفيد ويعيش فيه وينهل مما خلص اليه ، فلم يعد مستساغا ان يستهدف حق من حقوق التقاضي او يتم الاستخفاف بعقول الناس أو حتى ضرب الحقوق باقرار وسائل قد لا تتناسب مع طبيعته او حتى عدم محاولة جعل الوسائل المرصودة لخدمته ، بفعل فاعل غير مقدر لخطورة الموقف ، او مباشر لاجندات غريبة – حتى نكون منصفين غير متسرعين عن هذا الوطن الذي نعيش فيه جميعا – فسبل تحقيق المأمول وتطوير الوسيلة يمكن أن يأتى بها من الخارج لكن بما يتناسب مع طبيعة المجتمع المغربي الذي يعلم الجميع أن له خصوصية ، وله حجم انتظارات كبيرة ،ليس بوسعه أمامها ان يعود ادراجه الى الخلف وسط عالم يتطور ، اكيد ما وجد من الإمكانات في السابق بخصوص حق التقاضي بشقيه -حق الدفاع وحق التنفيذ – لم يكون في المستوى المطلوب ولم يحقق الهدف المنشود وفق ما يصبو اليه الكل من المتدخلين في منظومة العدالة ، وهو ما فرض ضروة التعديل في التشريع والامكانات ، ووسط هذا كل لا بد في التشخيص للواقع بشكل جيد بعيدا عن العدمية والعشوائية داخل بوثقة فكرة مركزية هل عدالتنا مريضة بحاجة إلى ميكانيزمات جديدة ؟ ما الحل هل استعمال وسائل جديدة ام تطوير ماهو موجود لتحقيق هذا الهدف ؟

الفكرة المركزية -تشخيص الواقع –

سارع المشرع المغربي مباشرة بعد بزوغ فجر الاستقلال الى ايجاد نظام تقاضي جديد يلائم خصوصية المجتمع المغربي فبعد محاكم السدد،التي كانت سائدة في فترة من الفترات ومحاكم الجماعات والمقاطعات ، كنظام فعل لتلبية حاجة من الحاجات خصوصا ان المغاربة عاشوا التحكيم في القبيلة والقرية والدوار قبل الانتقال إلى حياة التمدن الذي فرض وجود المحاكم الجديدة نظرا لعدة اعتبارات منها اتساع هامش الاحتياجات الخاصة والعامة ،وبعد المشاركة في الحرث والزيجات والصنعة بمفهومها التقليدي ، وما ينجم عن ذلك من منازعات اوعزتنا الى المحاكم ، ظهرت المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة للنظر في جميع الدعاوى باختلاف أنواعها في الاول ، وظهر قضاء الدرجة الثانية من خلال محاكم الاستئناف كفرصة جديدة لمن يتقبل حكم الدرجة الأولى لسبب من الأسباب ، بين الإغفال أو حتى عدم الجواب عن الدفع والدفاع في بعض الأحيان ، ثم فيما بعد شهدنا القضاء المتخصص الاداري والتجاري مع توالي السنون بين المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية ، قضاء تطور بشكل متسارع بيد أنه رغم ذلك حافظ على استقرار المعاملات والمراكز القانونية المختلفة ، فكان لزاما لتفعيل المساطر القضائية وحماية حقوق الدفاع والحق في التنفيذ تحقيقا للمحاكمة العادلة إسناد مهام التبليغ والتنفيذ الى جهات تسهر على ذلك وتقوم بتنزيل القانون على أرض الواقع دون محاباة احد فالجميع متساوون امام القانون ، فأنيط التبليغ والتنفيذ في البداية بهيئة كتابة الظبط التي فعلت كل ما في قدرتها لتقوم به في الاول قبل أن يصبح الرائج أكثر من المتوقع فيصبح القيام بهذه المهام الى جانب المهام في المحاكم من تسجيل المقالات وتلقي المذكرات والحضور في الجلسات وغير ذلك مما يقوم به الزملاء في كتابة الظبط في مختلف الشعب صعب المنال ، فارتأى المشرع المغربي مرة أخرى التدخل في التشريع من خلال التعديل ، فأوجد هيئة جديدة أناط بها التبليغ أطلق عليها اسما نتحفظ عليه هيئة الاعوان القضائيين الى جانب هيئة كتابة الظبط، وفي ترابط معها من خلال المساطر والقوانين المعمول بها من كلا الهيئتين ، وفيما بعد حدث تدخل ثان من شأنه تعديل المهام باسناد التبليغ والتنفيذ وانجاز محاضر المعاينات وتغيير اسم الهيئة الى هيئة المفوضين القضائيين بالمغرب ، وحتى نكون منصفين هناك عمل جاد لكن يحتاج إلى تجويد وتطوير لتفي بالغرض والهدف سيما ،وان المساطر والاليات هي الاخرى ليست وفق المأمول ، لكن ليس بخاف عن القاصي و الداني ان هناك مجهودات بذلت نهار مساء من الزملاء لتصريف الإجراءات دون كلل ورفع مستوى التبليغ والتنفيذ.

الفكرة المركزية – المأمول والمتأمل –

حينما يتدخل التشريع لتعديل النصوص القانونية والمساطر فهو يستشعر ضرورة ملحة لا محيد عنها لتطوير المجتمع وتحقيق جل الغايات والمرامي التي أومأنا اليها آنفا ، حيث يتم استقدام سبل جديدة بامكانها تحقيق مارصد من اهداف ، فالنهل من تجارب الاخرين ليس عيبا ، فالمؤكد أن الغاية من صون حقي الدفاع والتنفيذ لن يكون سوى حماية حقوق الانسان ،وبالتالي ليس بغريب اطلاقا ايجاد ميكانيزمات جديدة من شأنها تفعيل ذلك على أرض الواقع ، فقد استدعى حماية حق التقاضي إسناد مهام التبليغ والتنفيذ الى المفوض القضائي المساعد للقضاء الممارس لمهنة حرة في سائر نفوذ المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة ، فأمسى التطوير مقتض لتوسيع الاختصاص المكاني ليشمل دائرة الاستئناف ، وحتى القيام بمهام جديدة من قبيل التحكيم تخفيفا عن القضاء ، او حتى التأصيل للتنفيذ الودي لاتفاقات الاطراف ، ولكن تسريع وتيرة التعديل دون تعديل المساطر القضائية ليس في محله فما تم العمل به لسنوات خلت لم يعد يفي بالغرض اليوم فأمسى ايجاد مساطر أكثر فعالية مواكبة من لدن المسؤولين في زمن الاحصائيات والتقارير الشفافة التي بمجرد زر ورقن في الحاسوب ممكن ان تعلم الرائج والمخلف والمنجز في المغرب كله من الأهمية بمكان وحتى الحق في الحصول على المعلومة بالنسبة المفوض القضائي لتلافي البطئ في التبليغ وتحقيق نجاعة التنفيذ ، وتيسيره فلما تعلم الارصدة البنكية تقوم بالحجز عليها في حالة الامتناع ،وحتى حينما ترصد الاصول التجارية أو المنقولات او العقارات يكون يسيرا عليك القيام بالمطلوب فأموال المدين ضمان عام لدائنيه ، ناهيك عن ضرورة إيجاد مساطر أكثر مرونة وتسخير الإمكانات اللوجستيكية ، من تكنولوجيا وتقنيات التواصل عن بعد لخدمة المفوض القضائي الذي يقوم بمهامه، فالتبليغ يرنو ايصال المعلومة بشكل سلس غايته الحفاظ على الحقوق ، ومؤدى هذا حتى التبليغ باستعمال الوسائل التقنية يجب ان يكون تحت إمرة المفوض القضائي لسهولة تداول الوثائق وضمان وثوقيتها وتأمين وصولها من خلال التوقيع الالكتروني على الاصول والنظائر المعتمدة من قبل المفوض القضائي ، هذا كله الى جانب جعل مواكبة قضاة التنفيذ لمهام المفوض القضائي بشكل من شأنه المساعدة على الانجاز من خلال تذليل الصعاب ، وليس استعمال السلطة فيما لا ينفع ويعرقل القيام بالمطلوب ، وحتى فيما يتعلق بالتفتيش لم يعد مجد ان يناط بالنيابة العامة اليوم ، بل يمكن ان يتم تفعيل دور المجالس الجهوية فيها الصدد ، سيما وان النيابة العامة اصبحت مستقلة في الوضع الراهن ، حيث كان الامر مقبولا في السابق ، علنا نجد حلا لعدالتنا المريضة ونحافظ على حقوق الانسان من الضياع فقط لكون فلان او علان لم يعتمد المقاربة التشاركية في التسيير .
انتهى بعون الله وتوفيقه

بقلم الاستاذ ياسين الكيالي المفوض القضائي لدى المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بمراكش وورزازات

مشاركة