الأستاذ محمد البوحي
إستمعت إلى حوار مع “المعطي منجب”. أستاذ التاريخ يطلق على نفسه مؤرخ ، و لأول مرة أستمع لحوار مع هذه الشخصية التي أسمع كل مرة عن تظلمها من الدولة المغربية.
و بكثير من الصراحة و دون التموقع مع أو ضد المعطي ، و باختصار شديد، أود إعطاء رأيي المتواضع في الحلقة و في شخصية المعطي من خلالها.
المعطي يحسب نفسه على التيار اليساري بالجامعة و قال بأنه ذهب إلى فرنسا هروبا من بطش الدولة بسبب مواقفه مع الطلبة القاعديين ، ثم اشتغل بالسنغال لكونها دولة كانت تعرف البناء الديموقراطي قبل أن يعود إلى المغرب بعد وفاة الحسن الثاني، و سمعت قبل ذلك بمتابعته و إغلاق الحدود في وجهه بسبب تحويلات مالية مشبوهة و بسبب حسب ما اعتبره كتابات بالإنجليزية ضد النظام. و هنا أود لفت نظر القارئ إلى معرفتي الشخصية بمجموعة من المناضلين اليسراويين، الذين يستفيدون من دخلات و خرجات إلى الخارج و تحويلات و تمويل جمعيات يسيرونها تحت غطاء حقوق الإنسان ، من دول أجنبية غربية هي أول من يتستر و يمول و يشارك في إنتهاك حقوق الإنسان في العراق و سوريا و فلسطين و دارفور….. و في حق دول و جماعات و أقليات، و منهم من يستقبل معارضين لدولهم و يمنحهم اللجوء السياسي و يوفر لهم منصة لطعن بلدانهم، بل منهم من عاد من المنفى رئيسا أو مسؤولا كبيرا. وهذا يشترك فيه الإسلامويون و اليسراويون و المستمزغون و المستهودون و المتشيعون و المتدعوشون…. و المعطي المؤرخ لا بد أنه سمع بتجربة الخميني و قادة العراق بعد إسقاط صدام و ليبيين و فلسطينين و سوريين و توانسة و مصريين كانوا في المنفى و تبعوا هذه “الوصفة الشهيرة” للإستفادة من الدعم السخي من الغرب المنافق، مقابل تفتيت أوطانهم عبر الهجوم المنهجي على الأنظمة الحاكمة بمختلف ألوانها و أشكالها و مللها و نحلها…. و لا يمكنني أن أجزم أو أنفي تورط المعطي في هذه التهم ، غير أنني أعرف مناضلين أكثر شراسة و تعرضا للنظام المغربي لم يتهموا بتهم مماثلة.
نقطة ثانية مهمة ، لاحظت أن المعطي لم يخرج من شرنقة “التحليل البيريمي” للطلبة القاعديين أيام الدراسة ، و لا زال يحلم بإقامة دولة ديمقراطية على أنقاض الفاشية أو الديكتاتورية أو التوتاليتارية و كل و مسمياته، و يبدو جليا أنه لا يمتلك آليات تحليل المجتمع المغربي السياسية و تداخلتها مع القوى الأجنبية و تعقد المصالح و الرهانات و الإكراهات الداخلية و الخارجية، و فهم الضغوطات و حتى الإبتزاز الذي تتعرض له الدولة من طرف الأحزاب السياسية و الطبقات الإجتماعية بمختلف أشكالها و تموقعاتها و أصول نشأتها، و تفاعل النظام مع هذه التجاذبات و التقاطبات و الإستقطابات و التنافرات الفسيفسائية و كيفية إدارة الدولة للتوازنات و التناقضات….. بدى لي المعطي يختصر المسألة و يبسطها في إسقاط نظام من طرف تحالف “الخوانجية” و “الكلاكلية”، و إقامة الديموقراطية على أنقاض هذا النظام، الذي انجرف المعطي في مهاجمته دون أخذ المسافة كأكاديمي و مؤرخ، عليه أن لا يضع نفسه و شخصه و متابعاته في صلب التاريخ الذي يتحدث عنه ، و أذكر لعل الذكرى تنفع المعطي و رفاقه أن “المؤرخ” لا يمتلك آليات السياسي لفهم الواقع و تناوله من منظار فهم تاريخ الدولة و المجتمع، عن طريق تاريخ تشكل وتطور الصراع الطبقي في سياق تاريخي و اجتماعي و ثقافي محدد ، و هذا أضعف الإيمان في مؤرخ يدعي انتمائه للمرجعية الماركسية اللينينية أو أحد روافدها على الأقل.
المعطي غرق في الذاتية و إستل سيف مهاجمة النظام دون إعطاء أية بدائل أو حلول أو وصفات يمكنها أن تشكل خيارات أخرى من غير يوم “الحساب” الذي ينتظره هو و أصحاب حلمة 2006، مع إضمحلال فرص قومتهم و خلاص المجتمع على أيدي حركتهم المباركة. و لم تسعف نظارات المؤرخ المعطي في قراءة تاريخ مآل تحالفات هجينة بين مكونات سياسية مختلفة مع الإسلامويون، في إيران و مصر و فلسطين و الجزائر و تونس و ليبيا و سوريا و السودان و لبنان و اليمن و تركيا و …. و كيف أن أصحاب ولاية الفقيه هم كافرون أصلا بوثن الديموقراطية الغربية و لا يعتبرونها سوى مطية للقفز على السلطة ثم الإنقلاب و تصفية حلفاء الأمس بعد أن “يقضوا وطرهم” منهم سياسيا و عسكريا…. أين هي آليات التحليل التاريخي يا أستاذ المعطي ، على الأقل أين هو البيرشماركينغ أو استلهام تجارب دول و تحالفات مشابهة، و كأنك في وصفتك المخلصة تعيد أنت و رفاقك إختراع العجلة السياسية لتاريخ و زمن سياسي معين ؟؟!!!
ثم هل قرأت مظاهرات فلسطين الأخيرة سياسيا و عدديا، و الحضور البشري حسب التصنيفات السياسية في ثورتك الديموقراطية ؟؟!! أم أن عمى إسقاط النظام القائم بكل عيوبه المفترضة حجب عنك حقيقية وهن اليسار و تراجعه الجماهيري الرهيب أمام جحافل المؤمنين بخطاب القومة، و زبناء رئيس الحكومة صاحب إستقالة كلينكس الفريدة و الهكتارات التي سقطت سهوا ؟؟؟!!!
ألا يهمك أيها المؤرخ الفحل الجهبذ السياسي الذي يكتب بالإنجليزية من سيحكم غدا و تحت أي لواء، و بأية مرجعية و أية سياسة اقتصادية و مع أية طبقة اجتماعية سيتحالف، و ما هي مواقفه من قضايا الوطن الكبرى التي يجمع عليها المغاربة بغض النظر عن طبيعة و سياسة النظام ؟؟!!!
لقد إختزلت تاريخ مملكة عريقة جذورها في حضارات متعاقبة لم تحد قط عن النظام الملكي بمختلف أشكاله في وصفة سحرية، و أردت للمغاربة ديمقراطية هجينة لا تنبثق من مشروع مجتمعي و لا ايديولوجية منسجمة و لا من نظرية ثورية ، تجمع أنت و رهط من رفاقك و إخوان متربصون بكم و بنا (في الدورة) على أنها الخلاص لنا جميعاً…. ؟؟!!!!
في الأخير أقول لك أيها الرفيق المؤرخ…. الله يهديك اعلينا. إبق في التاريخ و كن مؤرخا كما تشاء، و لكن لا تكن كاتبا لتاريخ تعتبر نفسك جزءا فيه و طرفا ، تخلط فيه ما تفترضه تاريخا مع ما تفترضه سياسة، حتى لا تفسد التاريخ و السياسة معا.
المعطي..ضرب الكرمة خطا الجنان

مقالات ذات صلة
إطلاق الدورة 21 لمهرجان الشواطئ لاتصالات المغرب: صيف من الموسيقى والتقاسم والاحتفاء بالتراث
تنطلق ابتداءً من 15 يوليوز وإلى غاية 21 غشت 2025 فعاليات الدورة الحادية والعشرين من مهرجان الشواطئ لاتصالات المغرب، الحدث [...]
إطلاق القطب التكنولوجي المغرب يُنشئ آلية استراتيجية للابتكار في خدمة سيادتهالتكنولوجية الدار البيضاء، 11 يوليوز 2025 قدّم السيد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، يوم الجمعة 11 يوليوز2025، في مدينة الدار البيضاء، القطب التكنولوجي، باعتبارهرافعة محورية للاستراتيجية المندمجة والمتكاملة التي تعتمدهاوزارة التجهيز والماء، الهادفة إلى تعزيز السيادة التكنولوجيةللمملكة، وترسيخ تحوّل نوعي في السياسات الصناعية والعلميةوالتقنية الوطنية. ويأتي هذا المشروع الاستراتيجي استجابة للتوجيهات الملكيةالسامية، ووعيا بالتحديات العالمية المتزايدة، لاسيما في مجالاتالماء والطاقة والمواد والبنيات التحتية، إذ يطمح القطب التكنولوجيإلى أن يكون فاعلا محوريا في ضمان السيادة التكنولوجيةللمملكة في مجالات الهندسة والبحث التطبيقي والابتكار. ويرتكز هذا القطب على ثلاث مؤسسات مرجعية تابعة للوزارة، وهي: المدرسة الحسنية للأشغال العمومية (EHTP)، والمركزالوطني للدراسات التقنية (CID)، والمختبر العمومي للتجاربوالدراسات (LPEE). ويجمع هذا الصرح بين تكوين المهندسينرفيعي المستوى بمؤهلات وخبرات عالية، والخبرة التقنية الميدانية، والبحث العلمي المتقدم، في إطار تكامل فعّال. واستنادًا إلى رصيده التاريخي في مجال الهندسة، وإيمانهالراسخ بأهمية الرأسمال البشري وتميّزه، تهدف وزارة التجهيزوالماء، من خلال هذا القطب، إلى بناء منظومة تكنولوجية متكاملةومستدامة، وفق مقاربة منهجية مهيكِلة. وسيُمكّن القطب التكنولوجي من رصد التحولات التكنولوجيةالعالمية ودعم البحث التطبيقي المرتبط بالأولويات الوطنية وتسريعوتيرة التحديث التكنولوجي من خلال الجمع بين التكوين والهندسةوالبحث. كما يستند القطب إلى أفضل الممارسات الدولية، بفضلشراكات نوعية مع مراكز بحث وتطوير مرموقة على الصعيدالعالمي. وتوجد في صلب هذه الرؤية استراتيجيةٌ مبتكرة لإدارة المواردالبشرية تروم استقطاب أفضل الكفاءات المغربية، من خلالالانتقاء الدقيق، والتأطير من لدن خبراء متمرّسين، والتكوينالمستمر، في انسجام تام مع الأوراش الوطنية الكبرى. وفي هذا الإطار، تدخل المدرسة الحسنية للأشغال العمومية فيمرحلة تحول عميق لتصبح مدرسة هندسة رائدة دوليا، تتبنىنموذجا أكاديميا جديدا قائما على الابتكار، عبر شراكات مؤطرةمع جامعات رائدة من مختلف القارات. ويُعد القطب التكنولوجي أحد المكونات الأساسية لمنظومة عموميةموحدة في إطار رؤية 2040 لوزارة التجهيز والماء تخدم السيادةالتكنولوجية للمغرب وتدعم تنفيذ السياسات العمومية والمشاريعالكبرى وتساهم في تعزيز الإشعاع الإقليمي والدولي للمملكة.
الدروة تتنفس الصعداء بعد إنهاء أزمة ضعف صبيب الماء.. بتدخل مباشر من عامل إقليم برشيد
برشيد : سفيان بلغيت على إثر الزيارة الميدانية التي قام بها مؤخرًا السيد جمال خلوق، عامل إقليم برشيد المعين حديثًا، [...]
محاولة سطو على غابة الحوزية تسقط أمام التحقيقات: تزويرات مفضوحة وعقوبات مرتقبة
في تطور جديد لقضية محاولة السطو على جزء من غابة الحوزية، والتي كنا قد تطرقنا إليها سابقًا، تكشفت معالم جريمة [...]