الرئيسية غير مصنف المعطي..ضرب الكرمة خطا الجنان

المعطي..ضرب الكرمة خطا الجنان

IMG 0741
كتبه كتب في 15 أبريل، 2025 - 1:39 مساءً

الأستاذ محمد البوحي

إستمعت إلى حوار مع “المعطي منجب”. أستاذ التاريخ يطلق على نفسه مؤرخ ، و لأول مرة أستمع لحوار مع هذه الشخصية التي أسمع كل مرة عن تظلمها من الدولة المغربية.
و بكثير من الصراحة و دون التموقع مع أو ضد المعطي ، و باختصار شديد، أود إعطاء رأيي المتواضع في الحلقة و في شخصية المعطي من خلالها.
المعطي يحسب نفسه على التيار اليساري بالجامعة و قال بأنه ذهب إلى فرنسا هروبا من بطش الدولة بسبب مواقفه مع الطلبة القاعديين ، ثم اشتغل بالسنغال لكونها دولة كانت تعرف البناء الديموقراطي قبل أن يعود إلى المغرب بعد وفاة الحسن الثاني، و سمعت قبل ذلك بمتابعته و إغلاق الحدود في وجهه بسبب تحويلات مالية مشبوهة و بسبب حسب ما اعتبره كتابات بالإنجليزية ضد النظام. و هنا أود لفت نظر القارئ إلى معرفتي الشخصية بمجموعة من المناضلين اليسراويين، الذين يستفيدون من دخلات و خرجات إلى الخارج و تحويلات و تمويل جمعيات يسيرونها تحت غطاء حقوق الإنسان ، من دول أجنبية غربية هي أول من يتستر و يمول و يشارك في إنتهاك حقوق الإنسان في العراق و سوريا و فلسطين و دارفور….. و في حق دول و جماعات و أقليات، و منهم من يستقبل معارضين لدولهم و يمنحهم اللجوء السياسي و يوفر لهم منصة لطعن بلدانهم، بل منهم من عاد من المنفى رئيسا أو مسؤولا كبيرا. وهذا يشترك فيه الإسلامويون و اليسراويون و المستمزغون و المستهودون و المتشيعون و المتدعوشون…. و المعطي المؤرخ لا بد أنه سمع بتجربة الخميني و قادة العراق بعد إسقاط صدام و ليبيين و فلسطينين و سوريين و توانسة و مصريين كانوا في المنفى و تبعوا هذه “الوصفة الشهيرة” للإستفادة من الدعم السخي من الغرب المنافق، مقابل تفتيت أوطانهم عبر الهجوم المنهجي على الأنظمة الحاكمة بمختلف ألوانها و أشكالها و مللها و نحلها…. و لا يمكنني أن أجزم أو أنفي تورط المعطي في هذه التهم ، غير أنني أعرف مناضلين أكثر شراسة و تعرضا للنظام المغربي لم يتهموا بتهم مماثلة.
نقطة ثانية مهمة ، لاحظت أن المعطي لم يخرج من شرنقة “التحليل البيريمي” للطلبة القاعديين أيام الدراسة ، و لا زال يحلم بإقامة دولة ديمقراطية على أنقاض الفاشية أو الديكتاتورية أو التوتاليتارية و كل و مسمياته، و يبدو جليا أنه لا يمتلك آليات تحليل المجتمع المغربي السياسية و تداخلتها مع القوى الأجنبية و تعقد المصالح و الرهانات و الإكراهات الداخلية و الخارجية، و فهم الضغوطات و حتى الإبتزاز الذي تتعرض له الدولة من طرف الأحزاب السياسية و الطبقات الإجتماعية بمختلف أشكالها و تموقعاتها و أصول نشأتها، و تفاعل النظام مع هذه التجاذبات و التقاطبات و الإستقطابات و التنافرات الفسيفسائية و كيفية إدارة الدولة للتوازنات و التناقضات….. بدى لي المعطي يختصر المسألة و يبسطها في إسقاط نظام من طرف تحالف “الخوانجية” و “الكلاكلية”، و إقامة الديموقراطية على أنقاض هذا النظام، الذي انجرف المعطي في مهاجمته دون أخذ المسافة كأكاديمي و مؤرخ، عليه أن لا يضع نفسه و شخصه و متابعاته في صلب التاريخ الذي يتحدث عنه ، و أذكر لعل الذكرى تنفع المعطي و رفاقه أن “المؤرخ” لا يمتلك آليات السياسي لفهم الواقع و تناوله من منظار فهم تاريخ الدولة و المجتمع، عن طريق تاريخ تشكل وتطور الصراع الطبقي في سياق تاريخي و اجتماعي و ثقافي محدد ، و هذا أضعف الإيمان في مؤرخ يدعي انتمائه للمرجعية الماركسية اللينينية أو أحد روافدها على الأقل.
المعطي غرق في الذاتية و إستل سيف مهاجمة النظام دون إعطاء أية بدائل أو حلول أو وصفات يمكنها أن تشكل خيارات أخرى من غير يوم “الحساب” الذي ينتظره هو و أصحاب حلمة 2006، مع إضمحلال فرص قومتهم و خلاص المجتمع على أيدي حركتهم المباركة. و لم تسعف نظارات المؤرخ المعطي في قراءة تاريخ مآل تحالفات هجينة بين مكونات سياسية مختلفة مع الإسلامويون، في إيران و مصر و فلسطين و الجزائر و تونس و ليبيا و سوريا و السودان و لبنان و اليمن و تركيا و …. و كيف أن أصحاب ولاية الفقيه هم كافرون أصلا بوثن الديموقراطية الغربية و لا يعتبرونها سوى مطية للقفز على السلطة ثم الإنقلاب و تصفية حلفاء الأمس بعد أن “يقضوا وطرهم” منهم سياسيا و عسكريا…. أين هي آليات التحليل التاريخي يا أستاذ المعطي ، على الأقل أين هو البيرشماركينغ أو استلهام تجارب دول و تحالفات مشابهة، و كأنك في وصفتك المخلصة تعيد أنت و رفاقك إختراع العجلة السياسية لتاريخ و زمن سياسي معين ؟؟!!!
ثم هل قرأت مظاهرات فلسطين الأخيرة سياسيا و عدديا، و الحضور البشري حسب التصنيفات السياسية في ثورتك الديموقراطية ؟؟!! أم أن عمى إسقاط النظام القائم بكل عيوبه المفترضة حجب عنك حقيقية وهن اليسار و تراجعه الجماهيري الرهيب أمام جحافل المؤمنين بخطاب القومة، و زبناء رئيس الحكومة صاحب إستقالة كلينكس الفريدة و الهكتارات التي سقطت سهوا ؟؟؟!!!
ألا يهمك أيها المؤرخ الفحل الجهبذ السياسي الذي يكتب بالإنجليزية من سيحكم غدا و تحت أي لواء، و بأية مرجعية و أية سياسة اقتصادية و مع أية طبقة اجتماعية سيتحالف، و ما هي مواقفه من قضايا الوطن الكبرى التي يجمع عليها المغاربة بغض النظر عن طبيعة و سياسة النظام ؟؟!!!
لقد إختزلت تاريخ مملكة عريقة جذورها في حضارات متعاقبة لم تحد قط عن النظام الملكي بمختلف أشكاله في وصفة سحرية، و أردت للمغاربة ديمقراطية هجينة لا تنبثق من مشروع مجتمعي و لا ايديولوجية منسجمة و لا من نظرية ثورية ، تجمع أنت و رهط من رفاقك و إخوان متربصون بكم و بنا (في الدورة) على أنها الخلاص لنا جميعاً…. ؟؟!!!!
في الأخير أقول لك أيها الرفيق المؤرخ…. الله يهديك اعلينا. إبق في التاريخ و كن مؤرخا كما تشاء، و لكن لا تكن كاتبا لتاريخ تعتبر نفسك جزءا فيه و طرفا ، تخلط فيه ما تفترضه تاريخا مع ما تفترضه سياسة، حتى لا تفسد التاريخ و السياسة معا.

مشاركة