الرئيسية أخبار القضاء المساعدة القضائية و الاعلام أهم محاور اجتماع اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف لدى محكمة الاستئناف بالرباط

المساعدة القضائية و الاعلام أهم محاور اجتماع اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف لدى محكمة الاستئناف بالرباط

IMG 20220312 WA0022 1.jpg
كتبه كتب في 12 مارس، 2022 - 4:23 مساءً

صوت العدالة- عبد السلام اسريفي/ تصوير: عبد الوهاب

احتضنت قاعة الاجتماعات بمحكمة الاستئناف بالرباط، صباح يوم الأربعاء 9 مارس الجاري، اجتماع اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، ترأسته الأستاذة لمياء بن سلامة نائبة الوكيل العام للملك رئيسة الخلية الجهوية بذات المحكمة ، و بحضور نواب وكلاء الملك رؤساء الخلايا المحلية لدى المحاكم الابتدائية التابعة للدائرة الاستئنافية بالرباط ( المحكمة الايتدائية بالرباط./ تمارة/سلا/ الخميسات/ الرماني/ تيفلت) وقضاة الأحداث والمساعدات والمساعدين الاجتماعيين بها ورؤساء الخلايا بمصالح الأمن الوطني و مصالح الدرك الملكي، وممثلة عن نقابة هيئة المحامين بالرباط، و بحضور ممثلين عن قطاعات حكومية و مؤسسات و هيآت أخرى ، حيث حضر ممثل عن وزارة التضامن و التنمية الاجتماعية و المساواة و الأسرة   و ممثل عن الأكاديمية الجهوية للتعليم و ممثل عن مديرية شؤون الهجرة بوزارة الخارجية، و ممثل عن الهيئة العليا للسمعي البصري ،كما شارك في هذا الاجتماع ممثل عن مؤسسة التعاون الوطني، و ممثل عن المركز الوطني محمد السادس للأشخاص المعاقين ، وممثلة عن المندوبية الجهوية للصحة و الطبيبة الشرعية بمستشفى ابن سينا الدكتورة فضيلة آيت بوغيمة، و ممثل عن المرصد الوطني لحقوق الطفل و ممثل عن مؤسسة محمد السادس لاعادة ادماج السجناء و ممثل عن الرابطة المحمدية للعلماء، بالإضافة الى رؤساء و ممثلي مجموعة من الجمعيات الفاعلة في مجال التكفل بالنساء ضحايا العنف .

       و قد انصب جدول الأعمال المخصص لهذا الاجتماع على محورين أساسيين :

  • المساعدة القضائية وأهميتها في تيسير ولوج النساء ضحايا العنف الى العدالة .
  • دور الاعلام في التحسيس بمناهضة العنف ضد النساء .

       في بداية كلمتها الافتتاحية، هنئت الأستاذة لمياء بن سلامة – رئيسة اللجنة الجهوية -نساء العالم بذكرى اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس من كل سنة، متمنية لهن تحقيق المزيد من النجاح و بلوغ طموحاتهن المنشودة في جميع الميادين” .

و في تقيمها لحصيلة ما تم تفعيله من توصيات اقرتها اللجنة في الاجتماع السابق، عند استعراض مضامين البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف وكذا الاتفاقية الاطار بين رئاسة النيابة العامة ووزارة التربية الوطنية التي ترمي الى الحد من الهدر المدرسي عبر الوقاية من الزواج المبكر،  و ذلك من خلال المشاركة في الأنشطة التربوية المنظمة من قبل الجهات المعنية بالتربية والتكوين من طرف أعضاء اللجنة، مع إشراك فعاليات المجتمع المدني  في حملات التوعية وإشعار النيابة العامة بجميع الحالات المتعلقة بالأطفال غير المتمدرسين غير المسجلين بالحالة المدنية بغية تسوية وضعياتهم ؛ نوهت رئيسة اللجنة الجهوية بالمبادرة التي قام بها الأستاذ يونس شلوشي نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتيفلت – رئيس الخلية المحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف – والتي شملت حملة تحسيسية خلال شهر  دجنبر الماضي حول الهدر المدرسي وزواج القاصر لفائدة تلميذات ثانوية مولاي ادريس بسيدي علال البحراوي بحضور مجموعة من أعضاء الخلية و السلطة المحلية و المجتمع المدني . كما نوهت بالمبادرات الجادة والهامة التي قام بها باقي رؤساء خلايا التكفل على مستوى المحاكم الابتدائية بسلا والرباط والخميسات وتمارة والرماني من خلال الحرص على إدراج موضوع الهدر المدرسي وآثاره في الزواج المبكر ضمن اجتماعات اللجن المحلية بالتنسيق مع القطاع الشريك المعني بالتعليم من أجل تتبع حالات التلاميذ والأطفال المنقطعين عن الدراسة أو غير المسجلين بالحالة المدنية بغية تسوية وضعيتهم. 

       و حول المساعدة القضائية وأهميتها في تيسير ولوج النساء ضحايا العنف الى العدالة، أوضحت الأستاذة لمياء بن سلامة أن تقديم المساعدة القضائية يشكل عنصرا حاسما في ضمان تيسير إمكانية وصول المرأة الى العدالة, مذكرة أن المشرع استحدث نظام المساعدة القضائية بمقتضى المرسوم الملكي الصادر في نونبر 1966 الذي يتم بموجبه إعفاء المتقاضين المعوزين الذين يثبتون عسرهم، من أداء إما المصاريف القضائية وإما أتعاب المحامي، وذلك لإتاحة الفرصة لمن ليس له إمكانية مادية لممارسة حقوقه أمام القضاء، للاستفادة من مجانية الدفاع أو الاعفاء من الرسوم القضائية ،إقرارا لمبدأ المساواة القانونية الذي نصت عليها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان. الا ان المشرع استلزم مجموعة من الإجراءات                و الوثائق التي يتعين توفيرها بالملف للاستفادة منها، كشهادة العوز و عدم أداء الضريبة            و غيرها، مما يجعل بعض الفئات الهشة كالنساء ضحايا العنف في وضعية هشاشة او في وضعية عنف مركب غير قادرات بحكم وضعيتهن الاجتماعية و الثقافية و النفسية على تقديم طلب المساعدة القضائية أو استجماع الوثائق التي تعززه.

و في هذا السياق، أشارت رئيسة اللجنة الجهوية انه و في اطار تعزيز التنسيق بين اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف باعتبارها آلية فاعلة للتنسيق بين مختلف المتدخلين من أجل ضمان ولوج النساء ضحايا العنف للتكفل و الحماية و الانصاف، و تفعيلا للالتزامات الموضوعة على عاتقها بموجب اعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء، فقد تم تعزيز التنسيق مع السيد نقيب هيأة المحامين بالرباط من خلال دعوته الى المساهمة في حماية المرأة ضحية العنف و خاصة تلك التي تعاني من الهشاشة او في وضعية عنف مركب، من خلال تعيين ممثلين عن هيأة الدفاع في اطار المساعدة القضائية المجانية و الفورية للحفاظ على مصالحها و حقوقها امام العدالة؛ مضيفة ان السيد النقيب قد رحب بهذه المبادرة و عبر عن استعداده الى الانخراط فيها من خلال اعداد لائحة تضم مجموعة من المحاميات للدفاع عن هذه الفئة بصفة مجانية .

    و في مداخلتها، أكدت الأستاذة عتيقة الوزيري محامية بهيئة الرباط ، أن أساس المساعدة هو اتاحة فرصة لمن ليس له إمكانية مادية لممارسة حقوقه أمام القضاء للاستفادة من مجانية الدفاع و الإعفاء إقرارا لمبدأ المساواة  القانونية التي نصت عليها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ولهذا الغرض تم إحداثها. الا أن هناك صعوبات جمة تواجه طالب المساعدة القضائية تتمثل  أساسا في الجانب المادي، بالاضافة الى  تعقد الإجراءات وتعدد الوثائق التي قد تكلف مصاريف اضافية للمتقاضين خاصة المراة ضحية العنف. مضيفة أن السيد النقيب يثمن هذه المبادرة و على استعداد للمساهمة في حماية المرأة ضحية العنف في اطار التنسيق مع اللجنة الجهوية، و انه بصدد اعداد لائحة تضم مجموعة من المحاميات المنخرطات للدفاع عن النساء الضحايا في اطار المساعدة القضائية المجانية.

ثم تدخل السيد محمد المكوتي رئيس قسم الادماج والمواكبة القانونية للمهاجرين بمديرية شؤون الهجرة بوزارة الخارجية، أن موضوع المساعدة القضائية للنساء في وضعية غير نظامية بالمغرب يتطلب البحث عن آليات جديدة لحمايتها، حيث اقترح على مستوى التشريعي  اعادة النظر في المرسوم  المتعلق بالمساعدة القضائية الذي يشترط الجنسية المغربية كشرط للاستفادة من هذا الحق باعتباره يحرم النساء ضحايا العنف المهاجرات اللواتي يتواجدن في وضعية غير نظامية سواء كن ضحايا او غير ضحايا. كما أن المرسوم يشترط في منح المساعدة القضائية للأجانب وقف المعاملة بالمثل ،الذي يقتضي وجود اتفاقية دولية بين المغرب ودولة الطالب لهذه المساعدة، بالإضافة الى المطالبة بالتوفر على شهادة الاحتياج والبطاقة الوطنية التي لا تعطى الا للمغاربة، داعيا الى مراجعة القوانين القطاعية و اصدار دوريات  من طرف القطاعات المعنية الى مختلف المصالح الخارجية قصد تبسيط المساطر حتى يستفيد المهاجر من المساعدة القضائية.

هذا، واعتبر الاستاذ يونس شلوشي، نائب وكيل الملك ورئيس الخلية لدى المحكمة الابتدائية بتيفلت ،أن الاجراءات المنصوص عليها في المرسوم للحصول على المساعدة القضائية جد معقدة ومجحفة في حق نساء ضحايا العنف ،كالعنف النفسي أو الاقتصادي الذي يتطلب وجود مبالغ مالية لدى طالب المساعدة من أجل انتداب محامي للدفاع، داعيا الى ضرورة وجود اجراءات فورية بالنسبة للزوجة المعنفة   للاستفادة من المساعدة القضائية بما فيها الرسوم القضائية .

و قد ركزت باقي تدخلات فعاليات المجتمع المدني المشاركة في الاجتماع، على عائق المصاريف القضائية التي تعجز المرأة ضحية العنف عن أدائها .

وأما فيما يخص المحور الثاني للاجتماع حول دور الاعلام في التحسيس بمناهضة العنف ضد النساء، أشارت الأستاذة لمياء بن سلامة رئيسة اللجنة الجهوية أنه بات من الواجب الزيادة في التحسيس و نشر الوعي داخل المجتمع حول خطورة العنف ضد النساء، من خلال تعبئة المجتمع المدني و الاعلام الذي يلعب دورا هاما في تشكيل الأفكار و التأثير في الثقافة الاجتماعية من خلال مناهضة العنف و الاقصاء و التمييز و محاربة الصور النمطية ازاءها. مضيفة أن للاعلام الدور الجاد في ذلك باعتباره من الشركاء الأساسيين الموقعين على اعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء ممثلا في الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري و التي التزمت بمجموعة من الالتزامات، أهمها تعبئة الإعلاميين الخواص و العموميين لمناهضة صور العنف ضد المراة في الاعلام و تشجيع إشاعة الصور الإيجابية عنه. مؤكدة في الأخير على ان دور الاعلام لا يجب ان يقف عند استعراض مظاهر  أو حالات عن العنف أو  برامج حوله بل حتى التحسيس بالآليات و القوانين و المؤسسات التي تم احداثها  للتبليغ عن العنف و التصدي له و التكفل بضحاياه .

و في هذا السياق أشارت الأستاذة بن سلامة أنه و في إطار التحسيس، فإن اللجنة الجهوية بصدد إعداد مطوية إرشادية حول الخدمات التي تقدمها الخلية الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف لدى محكمة الاستئناف بالرباط و بالإضافة الى الارقام الهاتفية الخاصة بها وبباقي الشركاء التي يمكن الاتصال بها للتبليغ عن حالات العنف، وذلك في إطار الحق في الحصول على المعلومة أولا، وفي إطار ارشاد المرأة ضحية العنف  وكل المتدخلين في حمايتها والتكفل بها .

    و في مداخلته أوضح السيد حمزة حافيظي ممثل قطاع الهيئة العليا للسمعي البصري ،أن

هناك ثنائية حقوقية مترابطة. فالتغطية الإعلامية المخصصة لمحاربة العنف ضد النساء قبل ان تكون ممارسة إعلامية فهي قضية حقوقية في الأصل تقتضي الانتقال من منطق الاثارة     و البحث عن نسب المشاهدة  الى منطق التدقيق و المساهمة في الإصلاح. لذلك فهيأة التقنين بما فيها الهيأة العليا للسمعي البصري تحرص على تحقيق هذا التوازن ألا و هو البعد الحقوقي و الحرية في التغطية. مضيفا ان تعبير تحسين صورة المرأة في الاعلام أصبح تعبيرا متجاوزا، لأن الهدف اليوم ليس هو تحسين الصورة أو التمثل و انما الاشتغال على الثقافة داخل المجتمع إزاء المرأة . لأن الفعل التقنيني أصبح يواجه مجموعة من التحديات خاصة أن84.5 في المئة  من الأسر المغربية مجهزة بالأنترنت و أن معدل تتبع المحتويات على منصات الفيديو يتجاوز 25 ساعة شهريا لكل فرد . و بالتالي يصعب ضبط و تقنين ما يتم ترويجه من محتويات على هذه المنصات في الوقت المناسب. لذلك لا بد من الاشتغال على الدراية الإعلامية من خلال تمنيع الناشئة اتجاه هذه المضامين التي قد تؤثر عليها. فالاعلام ليس له دور منفرد بل مسؤولية مجتمعية تقتضي تظافر الجهود لتشجيع ثقافة المساواة و  نبذ العنف في المجتمع .                         

  كما تدخل السيد رشيد علالي ممثل التعاون الوطني و أشار الى ان قضية العنف ضد النساء  لها تكلفة باهظة، لا تقع على المرأة الضحية فحسب، إنما تقع بالمثل على المجتمع بأسره الذي يُحرم من المشاركة السوية الكاملة لنصف القوة الفاعلة فيه ألا وهي المرأة، والذي يتعرض في الوقت نفسه للتآكل من الداخل عندما يقوم على بنية أخلاقية وثقافية واجتماعية مشوهة تسمح بممارسة التمييز والإقصاء والعنف ضد نصف القوة الإنسانية المشكلة لهذا العالم، لذلك بات من الواجب التصدي لهذه الظاهرة مسبقا قبل وقوعها على غرار ظواهر أخرى .

 و في الختام تقدم المشاركون بمجموعة من التوصيات الهامة في الموضوع، كما دعا السيد محمد خيثر رئيس المركز الجهوي للتوثيق و مناهضة العنف المدرسي في توصيته الى اعداد موية ارشادية على المستوى الجهوي تجمع كافة القطاعات الشريكة و تضم الخدمات المقدمة من كل قطاع لفائدة المرأة و الطفل ضحية العنف و الأرقام الهاتفية التي يمكن الاتصال بها قصد التبليغ .

     و هكذا فيبقى للخلايا على مستوى المحاكم دورا أساسيا  في التكفل بالنساء ضحايا العنف باعتبارها  همزة وصل بين الضحايا والمؤسسات العامة و المجتمع المدني، اذ تقدّم المساعدات القانونية الهادفة إلى تسريع البت في ملفات العنف، وتضمن في الوقت نفسه الخدمات الصحية و الاجتماعية للضحايا وذلك بشكل مجاني بتنسيق مع باقي الفاعلين.

مشاركة