صوت العدالة – عزيز بنحريميدة
تعيش المحكمة الابتدائية بمدينة ابن سليمان دينامية ملحوظة في السنوات الأخيرة، تعكس تحولًا إيجابيًا في تدبير مرفق العدالة على مستوى المدينة. فمن خلال ما يتم رصده من مخرجات يومية، وسير الجلسات، وإيقاع النطق بالأحكام، يتبيّن أن المحكمة تسير بخطى واثقة نحو تعزيز الثقة في القضاء، وتحقيق النجاعة القضائية، التي تظل من أبرز ركائز الورش الإصلاحي الشامل للعدالة ببلادنا.
ولعل أبرز ما يميّز أداء المحكمة الابتدائية بابن سليمان هو الحرص على إصدار أحكام عادلة، في آجال معقولة، وهو المطلب الذي طالما شكل جوهر انشغالات المتقاضين والمهنيين على حد سواء،إذ لم تعد سرعة البتّ في الملفات مرادفًا للتسرّع، كما أن دقة الأحكام وجودتها القانونية لم تعد عائقًا أمام احترام الآجال المعقولة، بفضل الانسجام المؤسسي بين مختلف مكونات المحكمة، وعلى رأسها السادة القضاةوأطر وموظفو كتابة الضبط.
ويرجع هذا الأداء المتقدّم إلى تجربة مسؤولي المحكمة، وعلى رأسهم السيد رئيس المحكمة الأستاذ مصطفى أكاشي السيد وكيل الملك الأستاذ أحمد واهروش ، الذين انخرطوا في مقاربة تدبيرية توازن بين النجاعة والمهنية، وتضع المواطن في صلب أولوياتها. كما أن حنكة السادة القضاة واطلاعهم الواسع على التشريع والاجتهاد القضائي، ساهما في بلورة أحكام دقيقة، تستجيب للواقع وتُراعي تطورات المجتمع المغربي.
من جهة أخرى، يلاحظ المتتبعون تحسنًا ملموسًا في ظروف استقبال المرتفقين داخل المحكمة، بفضل التنظيم الإداري المحكم، وتبسيط المساطر، واعتماد مقاربة تواصلية واضحة، في تناغم مع توجهات وزارة العدل نحو إدارة قضائية حديثة وقريبة من المواطن.
ولم تغب عن المحكمة الابتدائية بابن سليمان أهمية التحديث الرقمي، حيث تسعى بشكل تدريجي إلى اعتماد النظم المعلوماتية في تدبير الملفات وتتبعها إلكترونيًا، في أفق تسريع وتيرة العدالة الرقمية، وتيسير ولوج المحامين والمرتفقين إلى المعلومات والمعطيات المتعلقة بقضاياهم.
وفي جانب القضايا الاجتماعية والمدنية، لوحظ أن المحكمة تنهج مقاربة تقوم على استحضار البُعد الإنساني والاجتماعي في ملفات الأسرة، والنفقة، والطلاق، والحضانة، في تفاعل مسؤول مع خصوصيات البيئة الاجتماعية والثقافية للمواطنين بالإقليم.
هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الانخراط الجاد لمكونات المحكمة في إنجاح الرسالة القضائية، من قضاة، ونيابة عامة، وموظفين إداريين، وهيئات المساعدة القضائية، مما يجعل من المحكمة نموذجًا متقدّمًا لمرفق عدالة يشتغل في هدوء، لكن بإصرار وفعالية.
ويأمل المتتبعون أن تستمر هذه الدينامية، وأن تتعزز بمزيد من الإمكانيات اللوجستية والبشرية، لتواكب حجم انتظارات المواطنين وتحديات الرقعة القضائية المتسعة للمدينة ومحيطها.
ففي زمن يُقاس فيه أداء المؤسسات بمدى قربها من المواطن وفعاليتها في خدمته، تُثبت المحكمة الابتدائية بابن سليمان أن العدالة ليست فقط قيمة قانونية، بل أيضًا ممارسة يومية، وتدبير رشيد، ورؤية واضحة للمستقبل.