زينب الجعنين : باحثة في سوسيولوجيا التربية
في السنوات الأخيرة، ظهرت موضة جديدة في عالم تربية الأطفال والعناية بصحتهم، وهي اعتماد الـ Lunch Box، أو “صندوق الغذاء”، كوسيلة لتقديم وجبة صحية ومتوازنة للأطفال خلال فترة الدراسة. قد يراها البعض مجرد تقليعة جديدة بين الأمهات، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. فنحن اليوم، أمام حاجة ماسّة لإعادة النظر في ما نقدمه لأطفالنا من غذاء، وسط تفشي الأغذية الجاهزة والمعلبة والمليئة بالسكريات والمواد الحافظة.
إن جسم الطفل في مرحلة نمو مستمر، مما يجعله بحاجة إلى غذاء متوازن غني بالبروتينات، الفيتامينات، الألياف، والكربوهيدرات الصحية. والـ Lunch Box يوفر فرصة ذهبية لتحقيق هذا التوازن. فمن خلاله، يمكن للأم أن تتحكم في نوعية الطعام، كميته، وطريقة تحضيره، مما يقلل من اعتماد الطفل على المقصف المدرسي أو الوجبات السريعة.
لم تعد فكرة الـ Lunch Box مجرد صندوق يحتوي على ساندويتش بسيط. بل تطورت لتشمل وجبات مبتكرة وجذابة بصريا، تتضمن فواكه مقطعة بأشكال ممتعة، خضروات ملونة، مكعبات الجبن، وجبات خفيفة محلية الصنع، وحتى الحلويات الصحية مثل الكوكيز بالشوفان أو البراونيز بزيت الزيتون والتمر.
وعلى الرغم من أن بعض الأسر قد يرون في تحضير الـ Lunch Box عبئا يوميا إضافيا، إلا أن فوائده الصحية على المدى الطويل لا تُقدّر بثمن. كما أنه يعلّم الطفل مبادئ التغذية الصحية، ويغرس فيه عادات غذائية سليمة منذ الصغر، مما يقلل من خطر الإصابة بالسمنة أو مشاكل الجهاز الهضمي.
من جهة أخرى، يساهم الـ Lunch Box في تعزيز استقلالية الطفل، حيث يصبح أكثر وعياً بما يأكله، ويبدأ في التعبير عن تفضيلاته الصحية. كما يُعد وسيلة للتواصل غير المباشر بين الأهل والطفل، فكل وجبة معدّة بالحب، تحمل رسالة رعاية واهتمام.
ولتنجح هذه التجربة، ينبغي أن يعد الـ Lunch Box بطريقة ذكية: أن يحتوي على عناصر متنوعة، بألوان جذابة، بكميات مناسبة، دون إفراط أو تفريط. ومن المفيد إشراك الطفل في اختيار مكونات صندوق غذائه، مما يجعله أكثر تقبلاً لها.
في الختام، لا يمكن اعتبار موضة الـ Lunch Box مجرد موجة عابرة على “إنستغرام” أو “تيك توك”، بل هي ثقافة جديدة، تعكس وعياً متزايداً لدى الأمهات والآباء بأهمية تغذية أطفالهم. إنها استثمار حقيقي في صحة أبنائنا ومستقبلهم، يستحق منا كل الجهد والاهتمام.

