في خطوة قوية تحمل دلالات واضحة على تنامي القلق المهني من محاولات التضييق على الصحافة المستقلة، أصدرت الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني بياناً تضامنياً عقب متابعة مدير نشر الجريدة الإلكترونية “بيان مراكش” قضائياً، على خلفية نشره مقالاً كشف فيه عن تجاوزات مرتبطة بمنح رخص البناء والتعمير بمدينة مراكش.
الكونفدرالية عبّرت، في بيان صادر بالدار البيضاء بتاريخ 24 نونبر 2025، عن “بالغ الدهشة والحيرة” إزاء متابعة الصحافي من طرف أحد أعضاء المجلس المنتخب للمدينة، معتبرة أن هذه الخطوة تندرج في سياق مقلق يرمي إلى تكميم الأفواه ومحاولة إسكات الأصوات الإعلامية التي تمارس دورها الرقابي في تتبع الشأن العام المحلي والوطني.
ورغم تأكيدها على حق أي طرف في اللجوء إلى القضاء والدفاع عن حقوقه، شددت الهيئة المهنية في المقابل على أن الاحتكام إلى الشكايات والمتابعات القضائية عوض تفعيل آلية “حق الرد” يُعد مساساً بروح القانون ومبدأ التعددية، ويكرس منطق التخويف بدل الحوار والتصحيح، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواد صحفية مبنية على مصادر موثوقة ووثائق داعمة.
البيان أبرز أن للصحافي دوراً محورياً في كشف ما من شأنه الإضرار بالمصالح العمومية للمواطنين، والتصدي لكل أشكال استغلال النفوذ والمناصب لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، فضلاً عن فضح الفساد الإداري والاقتصادي والسياسي في مختلف مستويات تدبير الشأن العام، وهو دور تضمنه القوانين والدستور وتؤطره أخلاقيات المهنة.
وانطلاقاً من ذلك، أعلنت الكونفدرالية تضامنها التام مع مدير نشر “بيان مراكش”، مطالبة القضاء المغربي وكافة الجهات المعنية بحماية الصحافيين من الاستهداف عن طريق ما وصفته بالشكايات الكيدية، والدعوة إلى ترسيخ مبدأ حسن النية عبر تفعيل حق الرد قبل اللجوء إلى المساطر القضائية.
ويعيد هذا التطور إلى الواجهة النقاش حول حدود حرية الصحافة في المغرب، والعلاقة المعقدة بين الصحافي المنتخب والسياسي المحلي، كما يطرح بإلحاح ضرورة مراجعة آليات التعامل مع النزاعات المرتبطة بالنشر بما يضمن حماية الصحافي دون المساس بحقوق الأطراف الأخرى، في إطار توازن دقيق بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية.
بهذا الموقف، تؤكد الكونفدرالية مرة أخرى أن الدفاع عن الصحافة ليس دفاعاً عن أشخاص فقط، بل عن حق المجتمع في الوصول إلى المعلومة، ومراقبة تدبير الشأن العام، وصيانة دور الإعلام كسلطة رابعة لا يمكن تجاوزها أو إخضاعها لمنطق الترهيب.

