هيئة التحرير _ صوت العدالة
تشهد مدينة القنيطرة في الآونة الأخيرة موجة من الجدل على خلفية حملة تشهير تستهدف الأستاذ عبد الصديق فضيلات، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، ما أثار ردود فعل قوية من قبل فاعلين حقوقيين ومحامين عبّروا عن رفضهم القاطع لما وصفوه بالاستهداف المجاني وغير المبرر لقاضٍ عُرف بنزاهته واستقامته المهنية.
واكد إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان في تصريح لجريدة صوت العدالة، أن ما يتم يتداوله مؤخرًا حول الأستاذ فضيلات يفرض اتخاذ موقف مبدئي وأخلاقي، مشددًا كون الواجب الحقوقي يقتضي الدفاع عن القضاة النزهاء الذين يشكلون دعامة أساسية لاستقلال القضاء، وأضاف أن نائب وكيل الملك، ومن خلال ما راكمه من تجربة مهنية طويلة، ظل نموذجا يحتذى به في الصدق والاستقامة والالتزام بالقانون، مؤديًا مهامه في جناح النيابة العامة بكفاءة عالية واحترام تام لضمانات المحاكمة العادلة.
وأشار السدراوي في بلاغ له، أن هذا الأداء لا يمكن فصله عن الإطار المؤسساتي الذي يسهر عليه مسؤولون قضائيون مشهود لهم بالكفاءة، وعلى رأسهم “كريم آيت بلا” ، الذي طبع مسار النيابة العامة ببصمة مهنية واضحة، “عبد الكريم الشافعي”، الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، المعروف بدفاعه المستمر عن استقلالية القضاء.
وفي معرض كلمته، عبّر رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان عن قلقه من تأثير هذه الحملات على ثقة المواطنين في العدالة، مؤكدا كون النقد المشروع يجب أن يظل مؤسسا على الوقائع والمسؤولية، لا على الإشاعة والتجريح المجاني، داعيا إلى ضرورة التمييز بين حرية التعبير والتشهير، وبين الرقابة المدنية والنيل من سمعة الأشخاص دون أدلة.
من جانبه، أوضح المحامي رشيد أيت بلعربي، عضو هيئة المحامين بالقنيطرة، عن استيائه من استمرار ما وصفه بالحملة البغيضة التي تطال الأستاذ فضيلات، مشددا أن الصمت لم يعد خيارا مقبولا، خاصة من طرف من يعرفون القاضي عن قرب. مضيفا إنه عاشر الأستاذ فضيلات لأكثر من اثني عشر عاما، ولم يرَ منه إلا النزاهة والمهنية العالية والخلق الحسن، ولم يسمع يوما عن سلوك يطعن في ذمته أو يشكك في استقامته، مسترسلا : “نقول شهادة حق، لا ابتغاء لمصلحة ولا طمعا في شيء، بل دفاعا عن صورة القاضي النزيه الذي لم يسلم من حملات تشهير مجانية مجهولة الدوافع”.
وفي خضم هذا الجدل، فقد تم تداول منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يتهم الأستاذ عبد الصديق فضيلات بصفته نائبا لوكيل الملك لدى ابتدائية القنيطرة بالتورط في ما وُصف بـ”التحريض على الوشاية الكاذبة وشهادة الزور” ضد عناصر من الشرطة بمدينة جرف الملحة، على خلفية شكاية تقدم بها أحد الأشخاص ووالدته ضد رجال أمن، مدعومة بشهادات طبية وشهود وُصفت شهاداتهم بالزائفة، بل وذهب المنشور إلى حد اتهام القاضي بزيارة مقهى يُشتبه في تورطه في أنشطة غير قانونية، وربط اسمه بعلاقات مشبوهة مع أحد الأشخاص المتابعين في قضايا مالية.
وقد أثار هذا المنشور موجة من الاستنكار، يعد أن تضمن مضمونه اتهامات خطيرة دون أدلة موثقة، مما دفع المهتمين إلى اعتباره جزءا من حملة تشهير ممنهجة تستهدف النيل من سمعة قاضٍ معروف باستقامته، كما أن قرار النيابة العامة بحفظ الشكاية المشار إليها، اعتُبر من قبل البعض دليلا على عدم جديتها، وعلى أن ما رافقها من اتهامات لا يستند إلى أساس قانوني متين.
وتسلط هذه القضية الضوء على إشكالية متكررة في المشهد القضائي المغربي، تتعلق بحدود النقد الموجه للمؤسسات القضائية والأشخاص العاملين بها، ففي الوقت الذي يُعتبر النقد البناء أحد ركائز الرقابة المجتمعية، فإن حملات التشهير التي تفتقر إلى الأدلة والموضوعية تُعد تهديدا مباشرا لهيبة القضاء واستقلاليته.
و أجمع المتابعون ، أن حماية سمعة القضاة النزهاء لا تنفصل عن حماية دولة القانون، و أي استهداف غير مبرر لشخصيات قضائية يُعد مساسًا بثقة المواطنين في العدالة، ويُضعف مناعة المؤسسات أمام حملات التشكيك والتبخيس.

