قلم ذ، شني عبد الصمد
“القانون فوق أثينا” قالها أفلاطون قبل آلاف السنين، ولا زال يتغنى بها رواد القانون ومطالبيه، إن اقتضى الحال دوما أو أحيانا، مستندين إلى أنه ” كلما غاب القانون، غابت الثقة في المؤسسات المعنية به”، لكونهم يدركون أن العقل أساس القانون وكنهه، إن عطل زادت العاطفة إنتاجا وتكاثرا كما تتكاثر الفيروسات في الأجسام ضعيفة المناعة والقوة، فتظهر عدة نماذج لتفسير القانون تخرجه عن فحواه ومعناه، ليتحول من ضامن للحقوق وفارض للواجبات إلى لعبة ينشغل بها بعض الناس لتبرير خروجهم عنه، وأصح ما يقال عن هذا الخروج، “تمرد ألا قانون”، إن كان لهذا التمرد نتيجة إيجابية لجزء منهم صفقوا له وطالبوا علنا به وإن تضرروا منه طالبوا بالسيادة الحقيقية للقانون، وكل تمرد عليه هو من جهة تمرد على الحرية باعتبارها قيمة إنسانية فضلى، تفهم في احترام ما أوجبه وما اشترطه، ومن جهة ثانية تمرد على العدل الذي يقام على التطبيق السليم لمضامين القانون..
لكن في ظل كل الحالات يجب أن يسود هذا الأخير بناء على المنطق الذي يقتضيه العقل وليس العاطفة، وأن تكون قوته حاضرة حتى ولم يرتضيه البعض، وحتى إن تعسفت الأقلية في استبعاد مضامين عديدة منه..
تفسير القانون يا سيدي !! هو حكر على مؤسساته المعنية به لتجاوز الارتجالية والفوضى، وعلى الجميع الامتثال له دون قيد أو شرط، والعلم بالقانون هو فرض عين، إذ ينبغي على الكل معرفة ما له من حقوق وما عليه من واجبات والتزامات، إذ “لا يعذر أحد بجهله للقانون”..
و الامتثال للقانون المدون والمكتوب، يعني أن تطيعه في كل شيء، وتنتظر الجزاء الذي يفرضه إذا لم تمتثل، حتى وإن كان غير دستوري، على أساس أنه بإمكان كل المواطنين والمواطنات الطعن به أمام المؤسسة المخول لها ذلك، وهي المحكمة الدستورية ( المجلس الدستوري في ظل دستور 1996)..
مثلا : المحاضر التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في الجنح والمخالفات، يوثق بمضمنها إلى أن يثبت عكسها، بطيعة الحال إن استوفت شروطها الشكلية التي فرضها قانون المسطرة الجنائية، فالأصل هنا هي الصحة، والاستثناء هو إثبات العكس..
وإثبات العكس هذا يكون بالطرق التي أوجبها القانون أيضا، وأمام مؤسسة دستورية أخرى وهي مؤسسة القضاء..
فالذي يدعي فقهه للقانون أو معرفته به ولو جزئيا، عليه أن يثق في القضاء باعتباره الملاذ الذي تصان به الحقوق وبه تعاد لأهلها، لأن الثقة في هذا الأخير مرتبطة ارتباطا وثيقا بالثقة بالقانون،
بشرط أن تزرع الصدق، وأن يكون كل كلامك مطابق للواقع، فإن لم تتحقق الحقيقة هذا اليوم، لا شك أنها تظهر غدا..
باختصار يا سيدي :”” الثقة هي جسر الحياة الصحيح التي نمضي عليه
القانون فوق أثينا”

كتبه Aziz Benhrimida كتب في 28 أغسطس، 2016 - 2:55 صباحًا
مقالات ذات صلة
20 يونيو، 2025
إسرائيل في الشرق الأوسط: طموح القوة وعزلة السلام
بقلم: عبد السلام اسريفي منذ تأسيسها عام 1948، لم تكفّ إسرائيل عن استخدام أدواتها العسكرية لتعزيز موقعها الإقليمي، متبنية استراتيجية [...]
20 يونيو، 2025
مجرد رأي: هل أصبح الاختلاف جريمة داخل الدول؟
بقلم:عبد السلام اسريفي في زمن يُفترض فيه أن تكون حرية التعبير عنوانًا للتقدم، ما يزال البعض ينظر إلى الرأي المخالف [...]
18 يونيو، 2025
فلسطين ، إيران ،الحوثيون إسرائيل …من سينتصر؟!
بقلم:ايمان الفناسي ما حدث سابقا في تركيا أثناء الانقلاب على أردوغان وما حدث في السابع من أكتوبر وما حدث في [...]
17 يونيو، 2025
الضربة الإسرائيلية لإيران: استهداف النخبة قبل البنية التحتية… رسائل تتجاوز التدمير العسكري
الرباط ـ عبد السلام اسريفي| رئيس التحرير في تطور غير مسبوق في مسار الصراع الإيراني–الإسرائيلي، وجهت إسرائيل، في اليوم الأول [...]