الرئيسية آراء وأقلام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية BNPJ

الفرقة الوطنية للشرطة القضائية BNPJ

BF061113 3592 4085 A0ED 038A1C39DF1F.jpeg
كتبه كتب في 20 يناير، 2024 - 9:53 مساءً


بقلم:ذ/سعد ميكـو

*/ماستر في قانون الأعمال

*/ماستر في العلوم الجنائية والدراسات الأمنية

*/ماستر الإدارة الترابية للسلك العادي لرجال السلطة 

للمعهد الملكي بالإدارة الترابية لوزارة الداخلية

f5e81df1 0d19 4df4 bf7b 8b0da43a8fe3 

b1c3701d 4d87 4e4b be29 6ebaec962f1f

مقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى السابعة عشر لعيد العرش المجيد:

… المفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة التي تتمعبر آليات الضبط والمراقبة، وتطبيق القانون، وبالنسبةللمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا عن طريق الانتخاب وكسب ثقةالمواطنين.

كما أن مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكالهفي الانتخابات والإدارة والقضاء وغيرها، وعدم القيام بالواجبهو نوع من أنواع الفساد.

والفساد ليس قدرا محتوما ولم يكن يوما من طبع المغاربة غيرأنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيئعادي في المجتمع.

… محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع، الدولةبمؤسستها من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذهالظاهرة الخطيرة وتجريم كل مظاهرها والضرب بقوة علىأيدي المفسدين … 

  انتهى المنطوق الملكي السامي.

تقديـــــم :

        في إطار نهج إصلاحي يعتمد على مقاربة استباقية وردعية وكذلك على مقاربةتعتمد على تأهيل العنصر البشري الشرطي المؤهل علميا وأخلاقيا ورياضيا ونفسيامن أجل الحفاظ على أمن الوطن والمواطن والمؤسسات تحت القيادة الحكيمة لقائدناالأعلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

عملت المديرية العامة للأمن الوطني على استحداث ( فرق وطنية وجهوية للشرطةالقضائية) مهمتها مكافحة الجرائم ذات الطابع المعقد والتقني والتتبع والتثبت منوقوعها والبحث عن مرتكبيها في إطار قانون المسطرة الجنائية والمعاهدات والاتفاقياتالدولية التي صادق عليها المغرب في مجال مكافحة الجريمة المنظمة سواء الداخلية أوالعابرة للحدود الوطنية وهي فرقة تابعة لمديرية الشرطة القضائية للمديرية العامة للأمنالوطني المنضوية تحت لواء وزارة الداخلية المغربية.

إن ما يميز أعمال الفرقة الوطنية للشرطة القضائية هو خصوصية عملها الذي يتميزبالدقة والاحترافية،والسبق المعلوماتي المبني على مصادر موثوقة شغلها الشاغل هوالاستعلام عن المعلومة والبحث الميداني السري.

إن نوعية القضايا التي تشتغل عليها هذه الفرقة ليست بالسهلة ولا يمكن أن نسمعتدخل الفرقة الوطنية في قضايا جنائية وجنحية بسيطة (الاتجار  في المخدراتبالتقسيط –السرقات البسيطة – الضرب والجرح بالسلاح – السكر العلني البين – القتل العمدي…) وما إلى ذلك من جرائم التي تبقى من اختصاص الدوائر الأمنية وإنتعقدت وتغير وصفها وتكييفها تحال على فرق الشرطة القضائية التابعة للمناطقالإقليمية للأمن  أو المصالح الولائية للشرطة القضائية بولايات الأمن أو المصالحالجهوية  للشرطة القضائية.

إن مفهوم ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه دستوريا،وكذلك تخليق الحياةالسياسية والسوسيواقتصادية والثقافية والرياضية ركيزة أساسية لاشتغال هذهالفرقة ذات الاختصاص الولائي العام ، فهي وطنية من حيث وصفها وأساليباشتغالها القانونية والمنتمون إليها وطنيون كذلك بمفهوم الوطنية المغربية شغلهمالشاغل الدفاع عن المقدسات الثلاث” الله – الوطن- الملك”، سائر أبناء وبنات الوطنالغالي المنتسبين للأجهزة الأمنية بمختلف تلاوينها من”الدرك الملكي – القوات المسلحةالملكية- والإدارة الترابية…”وجميع من همهم تحقيق الأمن بمفهومه الشمولي كرأسماللا مادي حقيقي للمملكة المغربية الشريفة.

توضيحـــات:

أولا:الإطار القانوني لأعمال الفرقة الوطنية  للشرطة القضائية:

إن الحديث عن التأطير القانوني لأعمال الفرقة الوطنية للشرطة القضائية هو حديث ذوراهنية ، كيف لا والمتتبع للشأن الأمني دائما ما يسأل كيف لفرقة يوجد مقرها بالدارالبيضاء أن تقوم  بعملية إلقاء قبض بوزان وتنتقل في نفس الإطار لإجراء التفتيشبأصيلة وتستمع لآخرين بالحسيمة، نعم كل شيء مؤطر بنصوص القانون وخصوصاقانون المسطرة الجنائية دون إغفال أن المشرع قد نص بصريح العبارة في الوثيقةالدستورية على مصطلح ” الشرطة القضائية” بمقتضى الباب السابع المتعلقبالسلطة القضائية في الفصل 128 منه (تعمل الشرطة القضائية تحت سلطة النيابةالعامة وقضاة التحقيق، في كل ما يتعلق بالأبحاث والتحريات الضرورية في شأنالجرائم وضبط مرتكبيها ولإثبات الحقيقة).

أما بالعودة لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية نجدها كالتالي:

المادة 22 من ق.م.ج :

كما تم تعديلها وتتميمها بمقتضى القانون 35.11: يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصاتهم في نطاق الحدود الترابية التي يزاولون فيها وظائفهم .

يمكنهم في حالة الاستعجال أو إذا استدعت ضرورة البحث ذلك أن يمارسوا مهمتهمفي جميع أنحاء المملكة إذا طلبت منهم ذلك السلطة القضائية أو العمومية…

يتعين إشعار النيابة العامة المختصة مكانيا بهذا الانتقال،كما يتعين أن يتم تنفيذالإجراءات بحضور ضابط شرطة مختص مكانيا …

إذا تعلق الأمر بانتقال ضباط شرطة قضائية يشمل اختصاصهم أكثر من دائرةقضائية تعين عليهم إشعار الجهة القضائية التي تشرف على البحث وكذلك النيابةالعامة التي انتقلوا لإجراء البحث في دائرتها،كما يمكنهم الاستعانة بضابط شرطةقضائية أو أكثر مختص مكانيا.

المادة 22-1:

يمكن إنشاء فرق وطنية أو جهوية للشرطة القضائية بمقتضى قرار مشترك لوزير العدلوالسلطة الحكومة المشرفة إدرايا على الفرقة.

تخضع هذه الفرق لتسيير النيابة العامة التي تشرف على البحث.

إذن يتضح بدون شك أن أي انتقال أو تحرك أو إلقاء قبض أو تفتيش أو ما شابه ذلك فهو مؤطر بنصوص قانونية واضحة لا تدع أي مجال للشك حول قانونية الإجراءاتالتي تقوم بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

(فالأصل أنه لا يسوغ لأحد أن يعتذر بجهله للتشريع الجنائي تأسيسا على مقتضياتالمادة الثانية من القانون الجنائي).

ثانيــــــاتقسيمات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية:

إن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عند تأسيسها أوائل السبعينات كانت تتكون منرئيس وعدد قليل من الموظفين على اعتبار أن المهام الموكولة لها كانت محدودة جدا، إلاأنه ومع بداية التسعينات اتخذت الوظيفة الأمنية نهجا جديدا بفعل التطور المتسارعللجريمة وعولمتها ، وظهور أصناف جرمية خطيرة  عموما فمنذ سنة 2004تبنت المديريةالعامة للأمن الوطني مبدأ التخصص وذلك عبر إنشاء خمس مكاتب تابعة للفرقةالوطنية للشرطة القضائية:

1- المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

2- المكتب الوطني لمكافحة المخدرات.

3- المكتب الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية

4- المكتب الوطني لمكافحة الجرائم اقتصادية والمالية.

5- المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة.

ومن أجل تعزيز هذه المكاتب الخمسة تم استحداث خلايا ومصالح متخصصة من أجلالدعم والمساندة تتمثل في:

1- خلية مكافحة الجريمة المعلوماتية.

2- مصلحة الأبحاث والتدخلات التي تقدم الدعم الميداني والمساندة للمكاتبالخمسة.

ج- مصلحة دعم الأبحاث الجنائية والاستعلام الجنائي ومختبر تحليل الآثارالرقمية كما تم إحداث مصلحة الاستعلام الاقتصادي وتحديد العائداتالإجرامية.

في نفس الإطار ولتقريب الشرطة المتخصصة من المواطن والمؤسسات العموميةوالخاصة  وفي إطار اللا تمركز الأمني تم استحداث فرق جهوية للشرطة القضائيةبخمس مدن وهي كالتالي:

(الدار البيضاء- فاس – مراكش- الرباط- طنجة)

وهي فرق متخصصة في الإجرام الاقتصادي  والمالي في دوائر نفوذ الأقسام الماليةلمحاكم الاستئناف المومأ إليها أعلاه في إطار ما يسمى ( بجرائم لياقات البيضاء).

إن الطفرة الأمنية للفرقة الوطنية للشرطة القضائية واكبتها ترسانة تشريعية مثل:

• القانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب.

• القانون 03-07 المتعلق بنظم المعالجة الآلية للمعطيات .

• القانون 14-86 المتعلق بجرائم الالتحاق ببؤر التوتر (سوريا– العراق– أفغانستان…)

• القانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية للأشخاص الذاتية.

• القانون 05-43 مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

• القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.

• القانون 10-37المتعلق بحماية الخبراء والشهود والمبلغين.

• القانوني 10-13 المتعلق بإعمال تقنية التسليم المراقب.

• القانون 14-27 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر.

• القانون 17-33 المتعلق برئاسة النيابة العامة

إن هذه القوانين التي خرجت إلى حيز الوجود كانت نتاج لمصادقة المملكة المغربية علىالعديد  من الاتفاقيات الدولية  ذات الصلة بالجريمة عبر الوطنية والإجرام الإلكترونيوجرائم الفساد وتمويل الإرهاب نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

• اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الموقعة بباليرموالإيطالية سنة 2000.

• اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد نيويورك سنة 2004 

• اتفاقية الجرائم المعلوماتية الموقعة ببودابيست سنة 2001

• الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب سنة 2010

ويجب التنصيص في هذا الإطار أن الاتفاقيات الدولية التي تصادق عليها المملكةالمغربية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية في نطاق أحكام الدستور وقوانينالمملكة وثوابتها الوطنية تأسيسا على مقتضيات الفقرة الأخيرة من تصدير دستورالمملكة.

ثالثـــا:النموذج التنموي  الجديد وخصوصية عمل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية:

إن تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد رهين بتخليق الحياة العامة وربط المسؤوليةبالمحاسبة والإقلاع السوسيو اقتصادي المبني على الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرصوتبني مفهوم جديد للسلطة قوامه السلطة المواطنة، فالسلطة بجميع أشكالها والمواطنبجميع أصنافه انطلاقا من فعاليات المجتمع المدني شريك أساسي في تحقيق الأمنالاجتماعي  الاقتصادي والرياضي والسياسي  للمغاربة.

في هذا الإطار يبرز دور الفرقة الوطنية للشرطة القضائية كجهاز أمني هدفه الأساسهو محاربة الجريمة والتطهير المؤسس

على إزاحة وإبعاد الخارجين عن القانون في تولي أو الاستمرار في تولي مناصبالمسؤولية بالاستناد على التوجيهات والخطب الملكية الهادفة إلى الارتقاء بالوطنوالمواطن والمؤسسات إلى مستويات أعلى من درجة الإحساس بالأمن والأمان فيشتى مناحي الحياة وتعزيز ثقة رعايا صاحب الجلالة في أجهزة إنفاذ القانون.

رابعــا: عقلنة تدبير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ” النيابة العامة”

إن طبيعة عمل  النيابة العامة والمتمثلة في الدفاع عن الحق العام وتأطير ومراقبةوتوجيه عمل ضباط الشرطة القضائية والإشراف المباشر على سائر إجراءات البحثالتمهيدي باعتباره النواة الأولى للمحاكمة العادلة ، كما أن خصوصية تموقعها بالجسمالقضائي المغربي عن طريق استقلاليتها بمقتضى القانون 17-33 ” بنقلاختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمةالنقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة”.

بمقتضى هذا القانون فالوكيل العام للملك لدى محكمة النقض باعتباره ضابط ساميللشرطة القضائية  هو رئيس الشرطة القضائية بالمغرب ، بالإضافة إلى الوكلاء العامينونوابهم ووكلاء الملك ونوابهم الذين يعتبرون ضباط سامين للشرطة القضائية يمارسونمهامهم حيث الدائرة القضائية المعينون بها.

إذن فتموقع جهاز النيابة العامة بسائر أنحاء المملكة شكل إضافة نوعية من حيثالإشراف والتوجيه والمراقبة والتسيير لأعمال هذه الفرقة ولسائر ضباط الشرطةالقضائية التابعين لها قضائيا.

المادة 16 ق.م.ج …، يسير وكيل الملك أعمال الشرطة القضائية في دائرة أعمال نفوذه.

المادة 17 ق.م.ج : توضع الشرطة القضائية في دائرة نفوذ كل محكمة استئناف تحتسلطة الوكيل العام ومراقبة الغرفة الجنحية …  .

خامسـاالضابـط المنسـق L’officier Coordinateur

إن طبيعة الجريمة والتي قد يكون مسرحها أكثر من إقليم وتستدعي بهذا الخصوصإجراء أبحاث ميدانية في هذه الأقاليم من قبيل ” إلقاء القبض –التفتيش والاستماعإلى المشتبه فيهم بجنايات وجنح …”

ومن أجل تسهيل إجراءات البحث التمهيدي في هذا الإطار نصت مقتضيات المادة 22 -1 في فقرتها الأخيرة : يمكن للنيابة العامة إذا اقتضت ضرورة البحث أو طبيعةالجريمة أن تعهد بالبحث إلى فرقة مشتركة تتألف من ضباط للشرطة القضائية ينتمونلجهات إدارية مختلفة يرأسها ضابط للشرطة القضائية تعينه النيابة العامة المختصةبهذا الغرض.

في هذا الإطار يتضح أن تعديل هذه المادة جاء من أجل تيسير إجراءات البحثالتمهيدي ، خصوصا إذا كان يتعلق بجريمة منظمة داخليا على سبيل المثال : (كالاتجار في المخدرات حصل في منطقة القصر الصغير –عائدات عملية الاتجار أيتلك الأموال المتحصلة من تلك  التجارة تم تبييضها في مشاريع مشروعة بمدينةالقنيطرة  ومكان إلقاء القبض على الأشخاص الذين في وضعية نزاع مع القانون تمفي مدينة وجدة )

إذن هناك العديد من الجهات التي ساهمت في إجراءات البحث التمهيدي بدءا منالنيابة العامة والضابطة القضائية ومن أجل مرونة الإجراءات يعهد بضابط الشرطةالقضائية من أجل التنسيق مع النيابات العامة والجهات الإدارية التي ساهمت فيهذا البحث.

نافلـــة القـــــــول:

   إن السياسة الأمنية للمغرب أصبحت نهجا متبعا لدى العديد من الدول وقدوة كذلككيف لا وبلدان الجوار تعترف اعترافا صريحا بنجاعة المنظومة الأمنية المغربية التيتعتمد على السبق المعلوماتي والمقاربة التشاركية  في العمل والاستثمار في الرأسمالاللا مادي الأمني الكفؤ واستقطاب الكفاءات الشابة من جميع التخصصات.

7

مشاركة