العقوبات البديلة وإشكالية استثناء جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية في التشريع المغربي
ذ/ مهدي فضة
محام بهيئة الدار البيضاء
ذ/ مريم فيلالي
مستشارة قانونية
لقد شكل موضوع العقوبات البديلة في التشريع المغربي محطة حاسمة في مسار تحديث السياسة الجنائية، باعتباره تجسيدا لتحول واضح في مقاربة المشرع للعدالة الجنائية، حيث لم يعد الاعتماد ينحصر على العقوبات السالبة للحرية، بل اتجه إلى إقرار بدائل ترمي إلى تحقيق غايات متعددة، أبرزها حماية المجتمع من الجرائم وضمان إعادة إدماج المحكوم عليهم في الوسط الاجتماعي، مع التخفيف في الوقت نفسه من حدة الاكتظاظ المتزايد داخل المؤسسات السجنية.
ويأتي إقرار هذا التوجه الجديد تتويجا لمسار طويل من النقاشات والإصلاحات، بدءا من المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية التي انعقدت بمكناس سنة 2003، مرورا بتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة لسنة 2013، وصولا إلى الخطاب الملكي الصادر بتاريخ 30 غشت 2009، الذي أبرز بوضوح خطورة ظاهرة الاكتظاظ السجني وضرورة إيجاد حلول بديلة ناجعة.
وفي هذا السياق، جاء القانون رقم 43.22 ليترجم هذه الرؤية إلى إطار قانوني مؤطر، حيث وضع أسسا تنظيمية دقيقة تحدد مفهوم العقوبات البديلة وأشكالها، ورسم معالم تطبيقها العملي، غير أنه استثنى بعض الجرائم التي اعتبرها المشرع ذات خطورة خاصة أو تمثل تهديدا للنظام العام، وهو ما يفتح الباب أمام نقاش واسع حول الحكمة التشريعية الكامنة وراء هذه الاستثناءات والمعايير القانونية والاجتماعية التي استند إليها المشرع في رسم حدودها.
وقد رسخ القانون رقم 43.22 هذه المقاربة من خلال وضع أسس تنظيمية واضحة، تحدد ماهية العقوبات البديلة وأشكالها، وتفصل نطاق تطبيقها، مع استثناء بعض الجرائم التي تشكل تهديدا للنظام العام أو خطورة خاصة على المجتمع، وهو ما يطرح تساؤلات حول الحكمة التشريعية وراء هذه الاستثناءات ومعاييرها القانونية والاجتماعية.
ويكتسب هذا الموضوع بعدا أكثر حساسية حين يتعلق الأمر بجرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، إذ تتشابك هنا عدة إشكاليات: من جهة، هناك الرغبة في استثمار الإمكانيات الإصلاحية للعقوبات البديلة لمواجهة السلوك الإجرامي، ومن جهة أخرى، هناك الضرورة الملحة لحماية الأمن الصحي والاجتماعي، نظرا لما تتسم به هذه الجرائم من خطورة على الأفراد والمجتمع على حد سواء.
كما يثير هذا المجال تساؤلات حول التمييز بين الجرائم المرتبطة بالاتجار الدولي بالمخدرات، التي يستثنى مرتكبوها عادة من العقوبات البديلة، والاتجار الوطني أو الاستهلاك الشخصي، الذي قد يكون قابلا لتطبيق هذه العقوبات وفق نصوص القانون والفهم القضائي السائد.
ومنه فإن الضرورة المنهجية تفرض علينا طرح مجموعة من الأسئلة المركزية، أهمها:
• ما هي فلسفة العقوبات البديلة وأهدافها في التشريع المغربي، وما طبيعة وظائفها الإصلاحية والزجرية؟
• ما طبيعة الجرائم التي استثنى المشرع من هذه العقوبات، وما الأسس القانونية والاجتماعية التي تستند إليها هذه الاستثناءات؟
• إلى أي مدى يمكن للسياسة الجنائية المغربية الجمع بين العدالة الزجرية والعدالة الإصلاحية عند معالجة جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية؟
• وما هو الدور الذي تلعبه النصوص القانونية والاجتهاد القضائي في تحديد مدى شمول هذه الجرائم بالعقوبات البديلة؟
وللإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، سنعتمد التصميم المنهجي التالي:
المحور الأول: العقوبات البديلة في القانون المغربي وحدود استثنائها، من خلال تحليل ماهيتها القانونية والفقهية، ووظائفها الزجرية والإصلاحية، وأشكالها المختلفة، إضافة إلى الجرائم المستثناة وأسباب هذا الاستثناء.
المحور الثاني: فيركز على إشكالية جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية في ضوء التشريع المغربي، مع إبراز التمييز بين الاتجار الدولي والوطني، وأثر النصوص القانونية والاجتهاد القضائي على مدى شمول هذه الجرائم بالعقوبات البديلة.
وتكتسب هذه الدراسة أهمية خاصة في سياق البحث عن توازن دقيق بين العدالة الزجرية والإصلاحية، وهي المسألة التي تواجه السياسة الجنائية المغربية اليوم، في ظل الحاجة إلى حماية المجتمع وضمان الحقوق الفردية، مع الاستفادة القصوى من إمكانيات العقوبات البديلة في إعادة تأهيل المحكوم عليهم، وتخفيف الضغوط على المؤسسات السجنية، وهو ما يعكس روح التحديث القانوني والاجتماعي في المغرب المعاصر.
المحور الأول: العقوبات البديلة في القانون المغربي وحدود الاستثناءات
يعتبر المحور الأول مدخلا أساسيا لفهم فلسفة العقوبات البديلة وأهميتها في السياسة الجنائية المغربية الحديثة.
فقبل مناقشة مسألة المخدرات والمؤثرات العقلية، لا بد من استيعاب الإطار القانوني الذي وضعه المشرع، وفلسفة العقوبة البديلة، والأهداف الاجتماعية والإصلاحية لهذه العقوبات، فضلا عن استعراض الاستثناءات التشريعية التي أقرها القانون 43.22.
المبحث الأول: الإطار العام للعقوبات البديلة
إن فهم طبيعة العقوبات البديلة وأهدافها هو شرط أساسي لتقدير نطاق تطبيقها وحدودها، كما أنه يوضح التغير المفاهيمي الذي أحدثه المشرع المغربي في السياسة الجنائية من خلال الانتقال من العقوبة السالبة للحرية التقليدية إلى البدائل الإصلاحية.
المطلب الأول: ماهية العقوبات البديلة وطبيعتها القانونية
تعد العقوبات البديلة أحد أبرز مظاهر التطور الحديث في السياسة الجنائية، حيث لم تعد الغاية من العقوبة مقتصرة على الزجر والعقاب الصرف، بل امتدت لتشمل الإصلاح وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليه، وحماية المجتمع من الانحراف والجريمة.
وتظهر أهمية هذه العقوبات بشكل خاص في الجرائم البسيطة أو المخالفات التي تقع لأول مرة، وكذلك بين الفئات العمرية الصغيرة أو الضعيفة التنشئة، إذ توفر لهم فرصة للخروج من دائرة الانحراف وتعزز قدراتهم على التكيف الاجتماعي بشكل إيجابي.
وبالرجوع للتشريعات الجنائية في الدول العربية، نجد أن هنالك عدة دول عربية نظمت موضوع العقوبات البديلة في أحكامها كالجزائر والمغرب وتونس على سبيل المثال، ونشير كذلك إلى أن مملكة البحرين تعد من أوائل الدول العربية في مجال تطبيق العقوبات البديلة، إذ أصدرت في العام 2017، قانونا ينظم بشكل مباشر موضوع العقوبات والتدابير البديلة، وكذلك وضع قانون الإجراءات الجنائية المصري أحكاما تخص استبدال عقوبة الحبس بالتشغيل خارج السجن أو تأجيل تنفيذ العقوبة في حالات معينة، وكذلك سار المشرع الفلسطيني في العديد من القوانين، كقانون الاجراءات الجزائية، وقرار بقانون بشأن حماية الأحداث، وقراربقانون بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
الفقرة الأولى: التعريف القانوني للعقوبات البديلة:
طبقا للمادة 35-1 من القانون 43.22، تعرف العقوبات البديلة بأنها:
“العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا”
“لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود“
“تحول العقوبة البديلة دون تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على المحكوم عليه، في حالة تنفيذه للالتزاماتالمفروضة عليه بمقتضاها،“
“ وفقا للشروط والأحكام المنصوص عليها في هذا الباب“.
» تسري على العقوبات البديلة المقتضيات القانونية المقررة للعقوبة » الأصلية للجريمة بما فيها قواعد تفريد العقاب. ولا يحول تنفيذ العقوبة البديلة دون تنفيذ العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية».
يحدد هذا التعريف نطاق تطبيق العقوبات البديلة، بحيث تطبق على الجنح التي لا تتجاوز مدة الحبس فيها خمس سنوات، ويهدف القانون من خلالها إلى تحقيق التوازن بين الزجر والإصلاح، من خلال توفير بدائل للعقوبات السالبة للحرية، بما يسهم في تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وتعزيز إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، وتحقيق منفعة عامة.
وتشمل هذه العقوبات العمل الاجتماعي لفائدة المجتمع، والغرامة اليومية، وتقييد بعض الحقوق، أو التدابير الرقابية المحددة، بما يحقق الهدف الإصلاحي والتأديبي دون اللجوء إلى السجن.
ويجسد التطبيق العملي لهذا النص القانوني تحولا ملموسا في القضاء المغربي نحو العدالة الإصلاحية، كما يظهر في أول حكم قضائي أصدرته المحكمة الابتدائية بأكادير بتاريخ 22 غشت 2025، في ملف جنحي يتعلق بالمشاركة في الاتجار بالخمور، حيث قضت المحكمة في حق المتهم بشهرين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم، مع استبدال العقوبة الحبسية بالغرامة اليومية قدرها 300 درهم عن كل يوم من الحبس، أي ما يوازي 18.000 درهم تمكن المحكوم عليه من دفعها مقابل الحصول على الحرية.
ويظهر هذا الحكم بوضوح مدى قدرة العقوبات البديلة على الجمع بين الزجر والإصلاح، وتوفير فرص لإعادة إدماج المحكوم عليه في المجتمع، مع الحفاظ على العدالة والتناسب بين الجريمة والعقوبة.
الفقرة الثانية: التعريف الفقهي والطبيعة القانونية للعقوبات البديلة
من منظور الفقه القانوني، يرى بعض الفقهاء، ومن أبرزهم الدكتور كامل السعيد، أن العقوبات البديلة لا تختلف من حيث الطبيعة القانونية عن العقوبات الأصلية، فهي تبقى جزاء يفرضه القانون على مرتكب الجريمة أو المساهم فيها، إلا أنها تمثل وسيلة لتجنب دخول المحكوم عليه إلى السجن، مع مراعاة العدالة والإنسانية.
ويشير الفقه إلى أن هذه العقوبات تصب في أهداف الإصلاح وإعادة الإدماج الاجتماعي، وحماية المجتمع من الانحراف، إضافة إلى تحقيق منفعة عامة سواء للمحكوم عليه أو للمجتمع.
ويؤكد الفقه أن العقوبات البديلة تجسد تحولا جذريا في فلسفة العقاب، من الطابع الزجري التقليدي إلى الطابع الإصلاحي والإنساني، إذ تسمح بدمج الزجر والإصلاح في آن واحد، وتشجع المحكوم عليهم على تقديم خدمات نافعة للمجتمع، والاستفادة من برامج التأهيل والإصلاح، بما ينعكس إيجابا على المجتمع بأكمله.
وتجارب الدول الأوروبية، مثل فرنسا والسويد، تؤكد نجاح هذا التوجه، حيث يتم منح المحكوم عليهم فرصا لإصلاح سلوكهم والمساهمة في خدمة المجتمع عبر برامج العمل الاجتماعي والغرامات اليومية الملائمة للقدرة المالية للفرد.
وبذلك، يمكن القول إن العقوبات البديلة تمثل أداة فعالة لتحقيق العدالة التصالحية والإصلاحية، فهي لا تقتصر على الزجر، بل تعمل على إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع بشكل إيجابي، وتخفف من الاكتظاظ في المؤسسات السجنية، وتتيح للقضاء تطبيق عقوبة عادلة تراعي ظروف الجريمة وشخصية الجاني، بما يعكس التوازن المطلوب بين الزجر والإصلاح، ويجسد فلسفة العقوبات الحديثة ذات البعد القانوني والاجتماعي والإنساني في آن واحد
المطلب الثاني: العقوبات البديلة: أشكالها ووظائفها الإصلاحية
سنتطرق في هذا المطلب إلى: أنواع العقوبات البديلة وفقا للقانون رقم 43.22 (الفقرة الأولى) وشروط اعتماد العقوبات البديلة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أنواع العقوبات البديلة وفقا للقانون رقم 43.22
حدد القانون 43.22 في الفصل 2-35 عدة أشكال للعقوبات البديلة تتمثل في:
1. العمل لأجل المنفعة العامة: هي عقوبة بديلة للعقوبة السالبة للحرية يمكن للمحكمة أن تحكم بها عند نظرها في الدعوة العمومية المعروضة عليها كما يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يستبدل بها العقوبة الحبسية الصادرة بموجب حكم سابق حائز لقوة الشيء المقضي به وبمقتضاها يتم إلزام المحكوم عليه البالغ من العمر خمسة عشر سنة على القيام بعمل غير مؤدى عنه ، مدته تتراوح بين 40 و3600 ساعة، وينفذ لصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو مؤسسات عمومية أو خيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات الغير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام .
وتحتسب المدة اللازم قضاؤها في إطار عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، على أساس أن كل يوم من مدة العقوبة الحبسية المحكوم بها يساوي ثلاث ساعات من العمل مع مراعاة الحدين الأدنى والأقصى المتمثلين في 40 و3600 ساعة.
فإذا كانت مدة العقوبة الحبسية قصيرة جدا مثلا 10 أيام فإن المدة التي يجب أن يقضيها المحكوم عليه هي 40 ساعة.
كذلك إذا كانت العقوبة الحبسية مثلا هي أربع سنوات حبسا نافذا أو أكثر فإن المدة التي سيقضيها المحكوم عليه هي 3600 ساعة.
ويشترط في العمل لأجل المنفعة العامة أن يكون متوافقا مع جنس وسن ومهنة أو حرفة المحكوم عليه، ومع مؤهلاته وقدراته، كما يمكن أن يكون مكملا لنشاطه المهني أو الحرفي المعتاد، وألا يكون له تأثير على المسار العادي لحياته العائلية والمهنية والدراسية.
2. المراقبة الإلكترونية: تعتبر من بين أهم صور العقوبات البديلة، إذ يتم بموجبها تقييد حركة المحكوم عليه عبر مراقبته إلكترونيا بواسطة وسائل تعتمدها الإدارة المكلفة بالسجون، كالسوار أو القيد الإلكتروني، وتحدد المحكمة مكان ومدة هذه المراقبة وفق خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه وسلامة الضحايا، مع التأكيد على أن مدة المراقبة الإلكترونية منفصلة عن العقوبة الحبسية الأصلية وغالبا ما تكون أقصر منها. وطبقا للمادة 27 من المرسوم المتعلق بتحديد كيفية تطبيق العقوبات البديلة، تتولى الإدارة المكلفة بالسجون تتبع عمليات المراقبة الإلكترونية وتنسيقها مركزيا ومحليا، والإشراف على وضع وإزالة القيد الإلكتروني والمراقبة الميدانية بالاعتماد على منصة وطنية أو منصات جهوية ومحلية. كما أجازت المادة 32 من نفس المرسوم لقاضي تطبيق العقوبات تحديد نظام المراقبة وأوقات وآجال تنفيذه، إما من خلال نظام ثابت يتم عبر وضع الأجهزة بمحل إقامة المحكوم عليه مع إلزامه بعدم مغادرته كليا أو جزئيا وفق إعدادات مضبوطة، أو من خلال نظام متحرك يقوم على وضع قيد إلكتروني يسمح بتتبع تحركات المحكوم عليه بصفة مستمرة عبر تقنية الترددات اللاسلكية أو نظام الأقمار الصناعية “GPS”، حيث يبعث القيد إشارات متواصلة تحدد مكان تواجده بدقة وعلى مدار الساعة.
3. تقييد بعض الحقوق، أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية: يشكل صورة من صور العقوبات البديلة التي نص عليها الفصل 35-12 من مجموعة القانون الجنائي، باعتبارها تدابير تهدف إلى اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج، وتتولى الإدارة المكلفة بالسجون تتبع تنفيذها، كما يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أو وكيل الملك اتخاذ ما يلزم للتحقق من التنفيذ. ورغم أنها عقوبة بديلة واحدة إلا أنها تتضمن عدة تدابير مختلفة يمكن للمحكمة أو قاضي تطبيق العقوبات، طبقا للمادة 647-22 من قانون المسطرة الجنائية، أن يعتمد واحدا أو أكثر منها، وهي ستة أصناف:
– أولها مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبع دراسة أو تأهيل مهني يراعي مؤهلاته العلمية والمهنية واحتياجات تقويمه،
– وثانيها إقامته بمكان محدد مع منعه من مغادرته كليا أو جزئيا أو من ارتياد أماكن معينة، مع إمكانية قاضي تطبيق العقوبات طبقا للمادة 50 من المرسوم تغيير مكان التنفيذ تجنبا للاحتكاك بالضحايا أو خدمة لتأهيله،
– وثالثها فرض رقابة تلزمه بالتقدم في مواعيد محددة إلى المؤسسة السجنية أو مقر الشرطة أو الدرك أو مكتب المساعدة الاجتماعية، حيث تلزم المادة 51 من المرسوم أعلاه هذه المؤسسات بمسك سجل لإثبات حضوره ويمكن اعتماد التقنية البيومترية،
– ورابعها التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بالضحايا بأي وسيلة، مع السماح للمؤسسة السجنية وفق المادة 53 من المرسوم باعتماد وسائل تقنية لمراقبة الالتزام بذلك،
– وخامسها خضوعه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان سواء بإيداعه بالمستشفى أو بإلزامه بحصص علاجية مع إمكانية الترخيص بالخضوع للعلاج بمؤسسة خاصة على نفقته،
– وسادسها تعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة، حيث توجب المادة 58 من المرسوم على البنية المحلية المختصةبالمؤسسة السجنية إخبار المحكوم عليه بالتزاماته وآجال التنفيذ، والجزاءات المترتبة عن عدم التنفيذ وعلى هذا الأخير الإدلاء بالوثائق المثبتة للقيام بالتعويض أو إصلاح الاضرارفي التواريخ المحددة.
4. الغرامة اليومية (شراء أيام الحبس): تعد عقوبة بديلة للعقوبة الحبسية النافذة، إذ تحكم بها المحكمة لفائدة الخزينة العامة وتؤدى بالعملة المتداولة قانونا في المملكة، حيث يتراوح مبلغها بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، وفق شروط وإجراءات يحددها القانون. ولضمان توثيق هذه العقوبات البديلة، ألزمت المادة 9 من المرسوم الموظف المسؤول بالمؤسسة السجنية بمسك سجل خاص يتضمن هوية المحكوم عليه وحالته المدنية، وجميع البيانات المتعلقة بالعقوبة الحبسية الأصلية والعقوبة البديلة ومراجع مقررها التنفيذي، وكذا تاريخ بداية تنفيذها أو مبلغها المالي وتاريخ ومراجع وثيقة أو سند تسديدها، إضافة إلى المقررات القضائية المتعلقة باستبدالها أو اتخاذ إجراءات بشأنها، والتاريخ الفعلي لنهايتها أو تنفيذها.
يتجلى من هذا التنوع في العقوبات البديلة مرونة القانون في تحقيق دمج الإصلاح الجنائي بأشكال متعددة تلائم ظروف كل حالة.
الفقرة الثانية: شروط اعتماد العقوبات البديلة.
تقتضي السياسة الجنائية الحديثة، عند إعمال العقوبات البديلة، ضرورة ضبط الشروط الموضوعية والشكلية التي تضمن حسن تطبيقها وضمان عدم تعارضها مع فلسفة الردع والزجر.
وفي هذا الإطار، حدد الفصل 35-1 من مجموعة القانون الجنائي الشروط الواجب توافرها قبل الحكم بالعقوبات البديلة، والتي يتعين على مختلف الهيئات القضائية المختصة، سواء بالمحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف أو غرف الجنايات التحقق منها بصفة مسبقة قبل إقرارها، فكل الهيئات القضائية التي لها الصلاحية من أجل إدانة شخص بمناسبة ارتكابه جنحة إلى جانب قاضي تطبيق العقوبات حينما يتدخل في إطار الصلاحيات المسندة له بموجبالمادة 647-22 من قانون المسطرة الجنائية، التأكد من توفر هذه الشروط مسبقا، مع إشراف النيابة العامة على احترامها من خلال تقديم الملتمسات أو الطعون اللازمة لتصحيح أي تطبيق غير قانوني للشروط التي نص عليها القانون 43-22.
وتتمثل هذه الشروط أساسا في شرطين:
أولا: ألا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات حبسا نافذا، والعبرة هنا بمنطوق الحكم لا بالعقوبة المقررة في القانون، مما يسمح بإعمال العقوبات البديلة حتى في الجنح التي ينص القانون على عقوبة قصوى تتجاوز الخمس سنوات، كما يمنع إيقاف التنفيذ وفق الفصل 55 من القانون الجنائي تطبيق العقوبة البديلة.
وبالرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي يتضح أن المقصود بعبارة “المحكمة” هو محاكم الموضوع المختصة بالجنح، وأنه يجب الجمع بين شرطي أن يتعلق الأمر بجنحة وأن تصدر عقوبة حبسية نافذة. وبالتالي لا يمكن لغرفة الجنايات الحكم بالعقوبة البديلة في الجنايات، بينما يمكنها ذلك إذا قضت في جنح تتعلقبعقوبة حبسية نافذة سواء بعد إعادة التكييف أو التبرئة من الجناية أو كانت جنحا مرتبطة، وفي هذه الحالة يثار إشكال اختصاص قاضي تطبيق العقوبات المختص في تتبع التنفيذ خاصة أما سكوت القانون 43.22، فيمكن كاجتهاد إسناد الاختصاص للقاضي الذي يقطن المتهمأو المعتقل بدائرة نفوذه.
ثانيا: انتفاء حالة العود، حيث نظمها المشرع في الفصول 154 إلى 160 من مجموعة القانون الجنائي، وعرفها في الفصل 154 وتؤدي حالة العود إلى تشديد العقوبة طبقا للفصل 157 وتشكل مانعا من الحكم بالعقوبة البديلة وفق الفقرة الثانية من الفصل 35-1 من القانون المذكور.
ويتعين على النيابة العامة تضمين حالة العود في صك المتابعة عند إقامتها للدعوى العمومية وأن تكون المحكمة قد أدانت المتهم مع اعتبار حالة العود طبقا للقانون، وأن تثبت النيابة العامة توافرها استنادا إلى البطاقة رقم 2 للسجل العدلي أو المقررات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به.
ومنه، فإن النيابة العامة ملزمة عند تفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة بمراعاة هذه الشروط، وتقديم الملتمسات الرامية إلى الحكم بها، ومراقبة المقررات القضائية الصادرة في شأنها للتأكد من مطابقتها للمقتضيات القانونية.
المبحث الثاني: الاستثناءات القانونية من تطبيق العقوبات البديلة
بالرغم من الطابع الإصلاحي والإنساني للعقوبات البديلة، أقر المشرع المغربي استثناءات دقيقة لضمان عدم إساءة استخدام هذا النظام أمام الجرائم التي تمس مباشرة بالنظام العام أو تشكل خطرا شديدا على المجتمع.
المطلب الأول: الجرائم المستثناة من تطبيق العقوبات البديلة
رغم أن العقوبات البديلة تمثل إحدى أدوات السياسة الجنائية الحديثة، إلا أن المشرع المغربي استثنى بعض الجرائم من نطاق تطبيقها، سواء على مستوى الجنايات أو بعض الجنح المحددةبحيث نجد الفصل 35-3 من مجموعة القانون الجنائي ينص علىقائمة هذه الجرائم، والتي تتوزع كما يلي:
1. الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب
تشمل جميع الجنح المنصوص عليها في الفصول 163 إلى 218-9 من مجموعة القانون الجنائي، مثل الاعتداءات والمؤامرات ضد الملك أو الأسرة الملكية أو شكل الحكومة، الجنايات والجنح ضد أمن الدولة الخارجي والداخلي، إضافة إلى جنحة الإشادة بالإرهاب التي تعتبر جرما إرهابيا مستقلا لا يكتسي صبغة جنائية.
2. الجرائم المالية الكبرى
تضم الجنح المتعلقة بالاختلاس، الغدر، الرشوة، استغلال النفوذ، وتبديد الأموال العمومية، وفق الفصول 241 إلى 2-256 من مجموعة القانون الجنائي.
3. جرائم غسل الأموال
تشمل الجنح المنصوص عليها في الفصول 574-1 إلى 574-7، وهي مستثناة من العقوبات البديلة.
4. الجرائم العسكرية
الجرائم التي تنص عليها القانون رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري، والتي ترتكب من طرف العسكريين أو شبه العسكريين أثناء الخدمة، وكذلك جرائم أسرى الحرب، أو الجرائم المرتكبة في حالات الحرب ضد مؤسسات الدولة، والأمن العام، أو النظم المعلوماتية التابعة للدفاع الوطني وكذلك الجرائم التي أسند القانون صراحة اختصاص النظر فيها إلى المحكمة العسكرية، كلها مستثناة.
وفي مقابل ذلك فإن بعض الجرائم التي كانت سابقا من اختصاص المحكمة العسكرية أصبحت من اختصاص المحاكم العادية (ابتدائية واستئنافية) وفق المواد 4 و6 و8 من القانون المذكور. وتشمل:
• جرائم الحق العام المرتكبة من قبل العسكريين وشبه العسكريين أثناء أداء مهامهم؛
• الجرائم التي يرتكبها الضباط وضباط الصف والدركيونالتابعين للدرك الملكي أثناء مهامهم في الشرطة القضائية أو الإدارية؛
• الجرائم التي يرتكبها مدنيون ولو كان لهم شركاء أو مساهمون عسكريون؛
• الجرائم المنسوبة إلى المدنيين العاملين في خدمة القوات المسلحة الملكية.
ومنه فالعقوبات البديلة لا تطبق على الجرائم العسكرية الصريحة، ولكن يمكن تطبيقها على العسكريين عند ارتكابهم لجرائم الحق العام التي لم تعد من اختصاص المحكمة العسكرية،ف العبرة دائما ليست بصفة مرتكب الجريمة، وإنما بطبيعة الجريمة نفسها.
5. الاتجار الدولي في المخدرات
يقصد بالاتجار الدولي عمليات الاستيراد أو التصدير أو النقل الداخلي بغرض التصدير خارج المملكة، وفق الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
وقد جرم المشرع المغربي الاتجار في المخدرات وعاقب عليه وفق الفصل 2 من ظهير 1974، ووفق الفصل 3-35 من القانون الجنائي فإن الاتجار الدولي في المخدرات يعد جرما مستثنى من العقوبات البديلة إذا كان فعل الاتجار في المخدرات يكتسي طابعا دوليا.
6.المؤثرات العقلية
ينص الفصل 35-3 من مجموعة القانون الجنائي على أن الجرائم المتعلقة بالمؤثرات العقلية تستثنى من مجال تطبيق العقوبات البديلة نظرا لخطورتها على الصحة العامة والنظام العام
الجرائم المتعلقة بالمؤثرات العقلية تخضع لنفس القيود، وتشمل جميع المواد الطبيعية أو التركيبية المدرجة في الجداول المعتمدة، والتي لها تأثير مشابه أو أقوى من المخدرات.
7. الاتجار بالأعضاء البشرية
يحظر القانون المغربي، وفق المادة 5 من القانون رقم 16.98 ، أي تعامل تجاري بالأعضاء البشرية على اعتبار أن التبرع بها يعد عملا مجانيا لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال موضوع أي معاملة تجارية، ويعاقب على مخالفة هذا للمادة 30 من نفس القانون بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين 50.000 و100.000 درهم. وقد أكد البند السابع من الفصل 35-3 من مجموعة القانون الجنائي استثناء هذه الجرائم من مجال تطبيق العقوبات البديلة، سواء تعلق الفعل بنزع الأعضاء أو الأنسجة البشرية أو بيعها أو نقلها، بما يعكس حرص المشرع على حماية حقوق الإنسان ومنع الاستغلال التجاري للأعضاء البشرية.
8. الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة
يشمل جميع الأفعال التي تهدف لاستغلال الأطفال أو الأشخاص في وضعية إعاقة جنسيا أو في مجال البغاء والدعارة، بما في ذلك إنتاج أو عرض المواد الإباحية أو الاستغلال عبر الإنترنت والاتجار بهم.
يتضمن ذلك:
ا. استغلال الأطفال عن طريق الدعارة أو المواد الإباحية، بما فيها الوسائل الرقمية وهو ما يشكل جريمة الاتجار بالبشر المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 1-448 و4-448 من القانون الجنائي
ب. جنحة هتك العرض مع قاصر دون عنف (الفصل 484)؛
ت. تحريض أو تشجيع أو تسهيل استغلال القاصرين دون 18 سنة في المواد الإباحية أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للأطفال لغرض جنسي (الفصل 503-2)؛
ث. تحريض واستخدام الأطفال دون 18 سنة في الدعارة أو البغاء أو تسهيلها لهم (الفصول 497، 498، 499).
باختصار، القاعدة العامة هي أن العقوبات البديلة لا تطبق على الجرائم الخطيرة ذات البعد العام أو الاجتماعي الكبير، مثل الجرائم المتعلقة بأمن الدولة، الإرهاب، الجرائم المالية الكبرى، الجرائم العسكرية، الاتجار بالمخدرات أو الأعضاء البشرية، والمؤثرات العقلية، والاستغلال الجنسي للقاصرين، مع التأكيد على أن طبيعة الجريمة هي العامل الحاسم وليس صفة مرتكبها.
المطلب الثاني: الأسس المبررة لاستثناء بعض الجرائم من العقوبات البديلة
إن استثناء المشرع المغربي لعدد من الجرائم من مجال تطبيق العقوبات البديلة لم يكن وليد الصدفة أو قرارا اعتباطيا، بل يستند إلى مرتكزات قانونية وأمنية واجتماعية دقيقة، هدفها تحقيق التوازن بين الطابع الإصلاحي للعقوبات البديلة وبين ضرورة صون النظام العام وحماية المصالح الجوهرية للمجتمع، ويمكن إجمال هذه المبررات فيما يلي:
أولا: حماية النظام العام والأمن العام
إن الجرائم الماسة بأمن الدولة أو المتعلقة بالإرهاب تمثل تهديدا مباشرا لسلامة المؤسسات الدستورية واستقرار المجتمع، مما يفرض على المشرع عدم التساهل فيها.
فالعقوبات البديلة، بحكم طبيعتها الإصلاحية، لا تحقق الردع الكافي أمام هذه الفئة من الجرائم التي تستهدف تقويض أسس الدولة أو إثارة الفوضى وزعزعة الأمن العام.
ثانيا: خطورة الجرائم المالية على الثقة العامة
تكتسي الجرائم المالية الكبرى (اختلاس، رشوة، استغلال النفوذ، تبديد المال العام) طابعا خاصا، لكونها تمس بصورة مباشرة الثقة بين المواطن والدولة فالسماح بتطبيق العقوبات البديلة في مثل هذه الجرائم قد يفهم على أنه تساهل مع الفساد، وهو ما يتعارض مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومع التوجه الوطني والدولي لمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية.
ثالثا: طبيعة بعض الجرائم
إن جرائم غسل الأموال والاتجار الدولي في المخدرات تتسم بكونها جرائم منظمة وعابرة للحدود، وتخضع في مكافحتها لالتزامات دولية التزم بها المغرب بموجب الاتفاقيات الأممية والإقليمية.
وعليه، فإن استثناء هذه الجرائم من نطاق العقوبات البديلة يجد تبريره في ضرورة احترام تلك الالتزامات، وضمان فعالية الردع على المستوى الدولي.
رابعا: حماية القيم الإنسانية والحقوق الأساسية
أولى المشرع المغربي عناية خاصة للفئات الهشة كالقصر والأشخاص في وضعية إعاقة، ومنع كل أشكال الاستغلال الجنسي أو الاتجار بالأعضاء البشرية.
فهذه الجرائم تنطوي على اعتداء صريح على الكرامة الإنسانية والحق في السلامة الجسدية والنفسية، مما يستوجب معالجتها بعقوبات رادعة، واستبعاد أي بديل قد يفهم منه التساهل أو تقليل من جسامة الاعتداء.
خامسا: اعتبارات الردع العام والخاص
العقوبات البديلة تهدف إلى الإدماج الاجتماعي أكثر من الردع، لكنها تفقد فعاليتها أمام الجرائم التي تتسم بخطورة استثنائية أو التي تحدث صدى واسعا في المجتمع.
ومن ثم، فإن تشديد العقوبة وعدم استبدالها يعد وسيلة لضمان الردع العام (حماية المجتمع من انتشار السلوك الإجرامي) والردع الخاص (منع العود إلى ارتكاب الجريمة).
سادسا: انسجام السياسة الجنائية الوطنية مع التوجهات الدولية
يظهر من خلال النصوص أن المشرع المغربي يسعى إلى التوفيق بين تبني العقوبات البديلة كخيار إنساني وإصلاحي، وبين الحفاظ على الانسجام مع السياسة الجنائية الوطنية والدولية. فالمواثيق الدولية وإن كانت تشجع على بدائل الاعتقال، إلا أنها تستثني الجرائم الخطيرة من ذلك، وهو ما راعاه المشرع المغربي في الفصل 35-3 من مجموعة القانون الجنائي.
إن استثناء بعض الجرائم من العقوبات البديلة يجد أساسه في فلسفة جنائية تقوم على التمييز بين الجرائم ذات الخطورة العادية، التي يمكن معالجتها بإجراءات إصلاحية، وبين الجرائم ذات الخطورة البالغة أو البعد الاستراتيجي، التي تقتضي عقوبات زجرية صريحة حفاظا على الأمن العام والقيم الجوهرية للمجتمع.
المحور الثاني: إشكالية جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية في ظل نظام العقوبات البديلة
تشكل جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية إحدى أبرز الإشكاليات في تطبيق نظام العقوبات البديلة بالمغرب. فبينما يسعى المشرع إلى إدماج الإصلاح في السياسة الجنائية، يظل القلق حاضرا بشأن تأثير هذه الجرائم على الأمن الصحي والاجتماعي، وخطر انتشارها على المجتمع، مما يثير التساؤل حول مدى إمكانية شمول هذه الجرائم بالعقوبات البديلة؟
ولتسليط الضوء على هذه الإشكالية، يتناول هذا المحور المبحث الأول حول موقع جرائم المخدرات في نظام العقوبات البديلة، والمبحث الثاني حول المؤثرات العقلية وتمييز الكوكايين ضمن هذه التصنيفات.
المبحث الأول: موقع جرائم المخدرات في نظام العقوبات البديلة
تعتبر المخدرات من أكثر الجرائم إثارة للجدل في سياق العقوبات البديلة، خصوصا مع الفرق بين الجرائم الدولية والوطنية، مما يستدعي دراسة النصوص القانونية والاجتهاد القضائي لفهم مدى شمولها أو استثنائها من العقوبات البديلة خاصة أمام سكوت القانون 43.22.
المطلب الأول: الاتجار الدولي في المخدرات كاستثناء صريح
يكتسي الاتجار الدولي في المخدرات أهمية خاصة ضمن السياسة الجنائية المغربية، نظرا لما يثيره من تحديات قانونية وأمنية كبرى، الأمر الذي يستدعي بيان مفهومه بدقة وتحديد موقعه القانوني كاستثناء صريح في المنظومة الجنائية الوطنية.
الفقرة الأولى: تحديد المقصود بالاتجار الدولي في المخدرات
تعد مسألة تحديد مفهوم الاتجار الدولي في المخدرات أهمية بالغة لما تحمله هذه الجريمة من تعقيدات متعددة الأبعاد القانونية والعملية، خاصة في ظل غياب تعريف تشريعي دقيق وواضح في التشريع المغربي.
فهذا الفراغ التشريعي يمثل إشكالية رئيسة يوجهها الفقه والقضاء في تحديد طبيعة الجريمة ومدى نطاقها، ما يحتم الاستعانة بالمعايير والاتفاقيات الدولية التي تشكل مرجعا أساسيا في هذا الصدد.
تعتبر الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 المعدلة ببروتوكول 1972 الوثيقة الدولية الأكثر تأثيرا في صياغة تعريفات المخدرات وقواعد التعامل معها، حيث نصت على اعتبار “المخدر” “كل مادة طبيعية أو تركيبية، من المواد المدرجة في الجدولين الأول والثاني”، وهو التعريف الذي اعتمدته المادة 2 من القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
ومن جهة أخرى، يتجلى دور التشريع الداخلي في مكافحة المخدرات من خلال ظهير 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمانعلى المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات من خلال الماد 2 منه بعقوبة الحبس من خمس إلى عشرة سنوات وبغرامة يتراوح قدرها بين 5000 و500000 درهم.
إلا أن التشريع المغربي اتسم بنقص واضح في تعريف محدد للاتجار الدولي، ما دفع القانون الجنائي المغربي إلى تعامل خاص مع هذه الجريمة عبر استثناءات وضعها الفصل 35-3 من مجموعة القانون الجنائي، والذي قيد استعمال العقوبات البديلة في الجرائم ذات الطبيعة الخطيرة كالتي تمس الأمن العام، ومنها الاتجار الدولي في المخدرات، ما يؤكد خطورة هذا النوع من الجرائم على اعتبار أنها تكتسي صبغة دولية.
وعند العودة إلى المعايير الدولية، توضح الفقرة (م) من المادة الأولى في الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 أن مصطلحات “الاستيراد” و”التصدير” تعنيان “بما ينطوي عليه كل منهما نقل المخدرات ماديا من دولة الى أخرى، أو من اقليم الى آخر في الدولة ذاتها”، مما يشير بأن الاتجار الدولي يرتبط بشكل أساسي بحركة هذه المواد عبر حدود وطنية أو إقليمية بغرض التهريب خارج المملكة، وهذا ما يعكس الطبيعة العابرة للحدود لهذه الجرائم والتي تعتمد على شبكات إجرامية منظمة وذات تنسيق واسع يستخدم تقنيات وأساليب متطورة لإخفاء المواد المخدرة وتوزيعها.
وعليه، يمكن القول إن المفهوم الدولي للاتجار الدولي في المخدرات لا يقتصر على مجرد اقتناء أو بيع المخدرات، بل يشمل كل العمليات المرتبطة بنقلها أو تهريبها على مستوى عابر للحدود، ما يشكل اعترافا بخصوصية هذه الجريمة وتفردها عن غيرها من صور الاتجار الوطني، وهذا ما يحظى بتأكيد واضح في التشريعات والسياسات الجنائية المغربية.
الفقرة الثانية: موقع الاتجار الدولي ضمن السياسة الجنائية المغربية
يترجم القانون رقم 43.22، عبر استثناء الاتجار الدولي في المخدرات من الاستفادة بالعقوبات البديلة، توجه المشرع المغربي نحو اعتماد سياسة زجرية مشددة تهدف إلى مواجهة خطورة هذه الجريمة التي تمس بشكل مباشر الأمن الداخلي للدولة واستقرارها الاجتماعي والاقتصادي، كما توضح التزامات المغرب الدولية في مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات التي تلزم الدولة باتخاذ إجراءات قانونية صارمة.
إن هذا الاستثناء يعكس حرص المشرع على منع التخفيف في العقوبة التي من شأنها أن تفتح المجال أمام تصرفات قد تؤدي إلى التهاون في مكافحة نشاطات الاتجار الدولي، كما يقطع الطريق على القضاة في منح تخفيفات تبررها العقوبات البديلة، مما يرسخ مبدأ الجزاء الحازم كوسيلة ردعية جوهرية، وهو ما يعكس ثقافة جنائية ترتكز على حماية النظام العام والاستقرار الوطني من تهديدات الجرائم العابرة للحدود.
ويمثل هذا المقتضى التشريعي تأكيدا على اعتبار الاتجار الدولي في المخدرات جريمة من الجرائم الخطيرة التي ترتقي لتكون ضمن الجرائم التي تهدد النظام العام، وليس فقط ضررها المباشر على الأفراد، وهي جرائم ذات تأثير بالغ على المجتمع ككل، الأمر الذي يستوجب وضعها ضمن منظومة قانونية تفرض إجراءات صارمة من العقاب والعقوبات.
ويأتي هذا التوجه منسجما مع المقاربة الدولية لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود، والتي تتطلب إجراءات خاصة من حيث التشديد في العقوبات وحرمان الجناة من بدائل العقوبات التي قد تضعف من فاعلية الردع، بما فيها العقوبات الإصلاحية أو البديلة التي قد تناسب الجرائم الأخرى الأقل خطورة.
المطلب الثاني: الاتجار الوطني في المخدرات بين النص والتأويل
قبل الخوض في جدلية الاتجار الوطني للمخدرات من الضروري التمييز بين الاتجار في المخدرات واستهلاكها
الفقرة الأولى: التمييز بين جريمتي الاتجار في المخدرات واستهلاكها
يميز التشريع المغربي بشكل واضح بين جريمتي الاستهلاك والاتجار في المخدرات، تبعا لاختلاف خطورتهما وآثارهما على المجتمع.
فبالنسبة إلى الاستهلاك، فقد نص الفصل 8 من الظهير الشريف رقم 1.73.282 بتاريخ 21 ماي 1974 على عقوبات تتراوح بين الحبس من شهرين إلى سنة وغرامة مالية، مع منح إمكانية إعفاء المستهلك المدمن من المتابعة إذا خضع للعلاج في مؤسسة متخصصة، وهو ما يعكس البعد الإصلاحي والعلاجي الذي ينظر إلى الإدمان باعتباره مشكلة صحية واجتماعية أكثر من كونه سلوكا إجراميا.
كما يمكن أن تقرر المحكمة تدابير وقائية ذات طبيعة علاجية، مثل الإيداع في مصحة متخصصة، والمراقبة الطبية والنفسية، بهدف إعادة الإدماج الاجتماعي.
أما الاتجار في المخدرات، فهو من أخطر الجرائم التي تواجهها السياسة الجنائية المغربية نظرا لآثارها المدمرة على الصحة العامة والنظام العام، فهي تشمل كل الأفعال المرتبطة بإنتاج أو زراعة أو استيراد أو تصدير أو توزيع أو بيع المواد المخدرة بقصد الترويج والربح المادي، وتختلف بذلك عن مجرد الاستهلاك الشخصي.
وقد أحاط المشرع هذه الجريمة بنصوص صارمة في ظهير 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين منها.
و نجده في الفصل 01 حدد العقوبة التي تطال كل من خالف مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 12 ربيع الثاني 1341 ( 2 دجنبر 1922) بتنظيم و استراد المواد السامة و الاتجار فيها و إمساكها و استعمالها حسبما تم تغييره و تتميمه، بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات و بغرامة يحدد قدرها بين 5000 و 50.000 درهم، و كذلك يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات و بغرامة يتراوح قدرها بين 5000 و 500.000 درهم، كل من قام باستراد أو إنتاج أو صنع أو تصدير أو إمساك بصفة غير مشروعة المواد أو النباتات التي تعد مخدرات و هذا حسبما جاء في مقتضيات الفصل 02 من ظهير 1974، كما يطبق القانون الجنائي عقوبة حبسية تبدأ من سنتين إلى عشر سنوات و بغرامة تتراوح قيمتها بين 5000 و 500.000 درهم في حق كل من سهل على الغير استعمال المواد بعوض أو بغير عوض، إما بتوفير محل لهذا الغرض و إما باستعمال أية وسيلة من الوسائل، و يعاقب كذلك كل دكتور في الطب سلم وصفة طبية صورية أو حاول العمل على تسلمها، و كل من كان على علم بالصبغة الصورية التي تكتسبها هذه الوصفات و سلم بناء على تقديمها إليه المواد و النباتات المذكورة، و ترفع هذه العقوبة إلى خمس سنوات إذا كان استعمال المواد أو النباتات المذكورة قد سهل على قاصر أو عدة قاصرين يبلغون من العمر 21 سنة أو أقل و ذلك تبعا للفصل 03 من ظهيرنا الشريف.
و بموجب الفصل 04 من الظهير الشريف قيد الدراسة و بصرف النظر على أفعال المشاركة الناتجة عن تطبيق الفصل 129 من القانون الجنائي، فإنه كل من حرض بأية وسيلة من الوسائل على ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في ظهيرنا الشريف سواء كان لهذا التحريض تأثير أم لا ، فإنه يؤاخذ على أفعاله و يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 50.000 درهما، يعاقب على محاولة ارتكاب الجرائم المقررة في الفصول السابقة باعتبارها جنحة وقع ارتكابها كما تطبق العقوبات المقررة في الفصول المذكورة على كل من شارك في اتفاق قصد ارتكاب هذه الجرائم ..
و قد أجاز المشرع في الفصل 07 من ظهير 1974 للمحكمة المعروضة عليها القضية في جميع الحالات المقررة في الفصول السابقة أن تحكم على مرتكبي جرائم المخدرات بالتجريد من حق أو عدد من الحقوق كما هو مشار إليها في الفصل 40 من القانون الجنائي و بالتدبير الوقائي الرامي إلى المنع من الإقامة لمدة تتراوح بين خمس سنوات و عشرين سنة، ثم إن كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات فإنه تصدر في حقه عقوبة بالحبس من شهرين إلى سنة، و بغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 5.000، غير أن المتابعات الجنائية في هذا الصدد تسقط في حالة ما إذا وافق مرتكب الجريمة بعد فحص طبي من وكيل الملك على الخضوع خلال مدة زمنية محددة لشفائه إلى علاجات للقضاء على التسمم التي يتم إجراؤها إما في مؤسسة علاجية طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل 80 من القانون الجنائي، و إما في مصحة خاصة تقبلها وزارة الصحة العمومية، على اعتبار أن المتعاطي للمخدرات يتمتع بحقه في العلاج من الإدمان ، و يجب في كلتا الحالتين أن يقوم طبيب خبير يعينه وكيل الملك بفحص الشخص المباشر علاجه كل خمسة عشر يوما و يؤهل هذا الطبيب وحده للبت في الشفاء، و في إطار العلاج من الإدمان على المؤثرات العقلية يقوم وزير العدل بعد استشارة وزير الصحة العمومية بإصدار قرار تحدد فيه الشروط التي قد تمكن في بعض الحالات الاستثنائية المتعلقة بالقاصرين على وجه الخصوص من معالجتهم في وسط عائلي.
وفي حالة عودة الشخص خلال الثلاث سنوات الموالية لشفائه إلى ارتكاب جنحة استعمال المخدرات أو ترويجها فإن المتابعة الجنائية تحرك وتجرى في حقه فيما يخص الأفعال المنصوص عليها في المقطع الأول أي تلك التي يعاقب عليها بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 500 إلى 5.000 درهم طبقا لما جاء في الفصل 08 من نفس الظهير.
وعلى ضوء مقتضيات الفصل 11 من ظهير 1974، نستنتج أن المحاكم يتعين عليها في جميع الفصول السابقة، أن تصادر المواد أو النباتات المحجوزة تطبيقا للفصل 89 من القانون الجنائي وكذاجميع المبالغ المالية المحصل عليها من ارتكاب الجريمة، وتأمر كذلك بحجز أدوات ومنشآت تحويل المواد أو النباتات أو صنعها إضافة إلى الوسائل المستعملة لنقلها.
علاوة على ذلك، سمح المشرع للمحكمة المرفوعة إليها القضية في جميع الحالات المنصوص عليها في المقطع الأول من الفصل الثالث القيام بمصادرة جميع الأثاث و الأشياء المنقولة المزينة أو المزخرفة أو الأدوات المعدة أو المستعملة لأغراض المخدرات، و تنفذ مقتضيات الفصل 87 من القانون الجنائي على الأشخاص الذين يمارسون مهنا ارتكبت الجنح بمناسبتها، أو فيما يخص التدبير الوقائي الحقيقي المشار إليه في الفصل 90 من القانون الجنائي و المأذون بموجبه في إغلاق المؤسسات المرتكبة فيها الجنح فيجوز الأمر باتخاذه إما بصفة مؤقتة من طرف قاضي التحقيق المرفوع إليه البحث، و إما من طرف هيئة الحكم طبق الشروط المنصوص عليها في الفصل المذكور، ويظهر هذا التباين أن جريمة الاتجار تمثل تهديدا مباشرا لأمن المجتمع، لذلك يخضع مرتكبها لعقوبات جنائية صارمة، في حين أن الاستهلاك الشخصي ينظر إليه كسلوك فردي يتطلب نهجا مزدوجا يجمع بين التدابير الوقائية والعلاجية إلى جانب العقاب، مما يعكس حرص المشرع على التوازن بين حماية المجتمع والبعد الإنساني في السياسة الجنائية المغربية.
الفقرة الثانية: غموض النص وصعوبة الجزم باستثناء الاتجار الوطني من العقوبات البديلة
على الرغم من الخطورة البالغة للاتجار الوطني في المخدرات، لا يوجد نص صريح في قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 يلزم أو يشير إلى استثناء هذه الجريمة من تطبيق العقوبات البديلة.
يرتكز تطبيق هذا القانون على النصوص التفسيرية والتأويلات القضائية التي تختلف في فهمها لهذا الأمر، مما يفتح باب النقاش حول مدى جواز أو عدم جواز الاستفادة من العقوبات البديلة للمتهمين في جرائم الاتجار الوطني في المخدرات.
وقد أشار المحامي الحسين بكار السباعي إلى أن العقوبات البديلة، رغم أنها تعكس التوجه الإصلاحي للمشرع المغربي الرامي إلى التخفيف من الاكتظاظ السجني وتعزيز العدالة الاندماجية، فإن تطبيقها على جرائم ذات الطبيعة الربحية والعالية الخطورة، مثل الاتجار بالمخدرات، قد يؤدي إلى نتائج عكسية تتمثل في تشجيع العود إلى الجريمة.
ويستند السباعي في تحليله إلى التجربة القضائية المغربية الحديثة التي أظهرت أن العقوبات البديلة فعالة في جرائم أقل خطورة، مثل الاستهلاك، بينما قد تفشل في جرائم تهدد النظام العام والأمن الاجتماعي.
بينما هناك مواقف منظمات حقوقية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان حيث شدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره الصادر بتاريخ 27 و28 سبتمبر 2022 أبدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان تحفظات جوهرية على الصيغة التي جاء بها مشروع قانون العقوبات البديلة فيما يتعلق بالجرائم المستثناة من نطاق تطبيقه، حيث لاحظ أن المشرع لم يؤسس هذا الاستثناء على معايير موضوعية تستند إلى درجة الخطورة الإجرامية، بل اقتصر على حصر جرائم بعينها دون مراعاة التماثل في خطورتها مع جرائم أخرى لم يشملها الاستثناء، من قبيل جرائم غسل الأموال، وإخفاء عائدات الفساد، والنصب، والتزوير، والتمييز.
وفيما يخص جرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، سجل المجلس أن المشروع تعامل معها بصرامة مطلقة، إذ منع تطبيق العقوبات البديلة عليها دون أي تمييز بين صورها المختلفة؛ سواء تعلق الأمر بالاتجار الدولي أو الذي تمارسه شبكات منظمة وبكميات كبيرة، أو مجرد الاتجار البسيط في كميات زهيدة غالبا ما يكون مدفوعا بحاجيات الاستهلاك الشخصي للمتورطين.
وانطلاقا من ذلك، أوصى المجلس بضرورة اعتماد معيار الخطورة الإجرامية كأساس لتحديد نطاق الجرائم المستثناة، بما يتيح إمكانية الاستفادة من العقوبات البديلة في بعض حالات العود البسيط، وكذا في قضايا استهلاك المخدرات أو الاتجار بكميات قليلة موجهة للاستهلاك الشخصي، مع إخضاع المتورطين فيها لبرامج علاج من الإدمان في إطار بدائل إصلاحية ذات بعد صحي واجتماعي.
تضح من خلال دراسة موضوع الاتجار الوطني في المخدرات أن التشريع المغربي ميز بوضوح بين جريمتي الاتجار والاستهلاك، من خلال اختلاف العقوبات تبعا لخطورة كل منهما، حيث شدد العقوبة في حالة الاتجار باعتباره مساسا خطيرا بالنظام العام والصحة العامة، مقابل منح إمكانيات إصلاحية أوسع في حالة الاستهلاك، اعترافا بطبيعته الاجتماعية والصحية.
غير أنه، ورغم هذا الغموض التشريعي الذي أثار نقاشا فقهيا وحقوقيا واسعا، فإن القاعدة العامة في التفسير الجنائي تقتضي التقيد بحرفية النص وعدم التوسع في تفسيره أو القياس عليه، وذلك تأسيسا على مبدأ الشرعية الجنائية الذي يجعل “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”.
فالمشرع المغربي، بمقتضى القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، قد اختار أن ينص صراحة على استثناء جريمة الاتجار الدولي في المخدرات من نطاق البدائل، مبررا ذلك بخطورة هذه الجريمة على الأمن الوطني والدولي وارتباطها بشبكات إجرامية عابرة للحدود.
غير أنه أمسك عن التنصيص على استثناء الاتجار الوطني، الأمر الذي لا يمكن أن يفهم على أنه سهو أو غموض قابل للتأويل الواسع، بل بالعكس، يفهم في ضوء القاعدة الفقهية المشار إليها على أن الاستثناء محصور فيما ورد به النص، وما عداه يبقى خاضعا للأصل العام المتمثل في إمكانية الاستفادة من البدائل.
ومن ثَم، فإن جريمة الاتجار الوطني في المخدرات، متى كانت العقوبة المقررة أو المحكوم بها لا تتجاوز خمس سنوات، تبقى – من حيث المبدأ – مشمولة بإمكانية تطبيق العقوبات البديلة، شأنها في ذلك شأن باقي الجرائم التي لم يستثنها النص صراحة.
ويعني ذلك أن المشرع ترك باب الاجتهاد مفتوحا أمام القضاء لتمييز الحالات البسيطة أو المرتبطة بالاستهلاك الشخصي عن الصور المشددة أو الخطيرة، مع مراعاة معايير الخطورة الإجرامية والغاية الإصلاحية للعقوبة.
وهذا التوجه ينسجم مع فلسفة السياسة الجنائية الحديثة التي تروم خلق توازن بين متطلبات الردع والحماية الاجتماعية من جهة، وبين مقتضيات الإدماج والإصلاح من جهة ثانية.
وعند النظر إلى التشريعات الأجنبية، نجد أن تونس تفرق بوضوح بين الاتجار الدولي بالمخدرات، الذي يخضع لعقوبات صارمة ويستثنى تماما من أي تخفيف أو بدائل، وبين الاتجار الوطني، حيث قد يسمح القانون أحيانا بالاستفادة من بدائل أو تخفيف العقوبة، خصوصا إذا كان المخدر من النوع الخفيف أو إذا كان المتهم مبتدئا.
أما فرنسا، فتتبع مبدأ مشابها، فالاتجار الدولي يعاقب عليه بسجن طويل ولا يسمح بأي تخفيف، بينما يمكن للقضاء في حالات محدودة تطبيق بدائل أو تخفيف العقوبة بالنسبة للاتجار الوطني، خصوصا للمواد الأقل خطورة، بينما يبقى الاتجاه العام صارما تجاه المواد الخطيرة مثل الكوكايين والهيروين.
وبالمقارنة، يتسم المغرب بصرامة واضحة في تعامله مع الاتجار بالمخدرات الصلبة، حيث يقتصر الاستثناء القانوني على الاتجار الدولي، بينما يظل الاتجار الوطني نظريا خاضعا لإمكانية تطبيق العقوبات البديلة، رغم أن الممارسة القضائية تميل عادة إلى التشدد.
وهكذا، يتضح التوازن الدقيق الذي اعتمده المشرع بين السياسة الإصلاحية التي تقف وراء العقوبات البديلة، وبين الحفاظ على الردع العام والخاص في مواجهة جرائم المخدرات الخطيرة.
المبحث الثاني: الإطار القانوني للمؤثرات العقلية وجدلية استثنائها من العقوبات البديلة.
فيما يخص المؤثرات العقلية، فإن التمييز بين المخدرات والمؤثرات العقلية أمر مهم لفهم نطاق العقوبات البديلة، خصوصا مع ظهور مواد جديدة ذات تأثير نفسي مباشر على السلوك ومن هنا، سنستعرض المفهوم القانوني للمؤثرات العقلية.
المطلب الأول: التعريف القانوني للمؤثرات العقلية وتمييزها عن المخدرات – حالة الكوكايين–
سيتناول هذا المطلب التعريف القانوني للمؤثرات العقلية (الفقرة الأولى) قبل الخوض في تمييزها عن المخدرات – حالة الكوكايين-(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التعريف القانوني للمؤثرات العقلية
لم يضع المشرع المغربي تعريفا مباشرا للمؤثرات العقلية، الأمر الذي يقتضي الاستعانة بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، فقد نصت اتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 في المادة الأولى (هـ) على أنها: “كل المواد سواء أكانت طبيعية أو تركيبية، وكل المنتجات الطبيعية المدرجة في الجداول الأول، أو الثاني، أو الثالث، أو الرابع.”
ويجمع الفقه الجنائي المغربي على أن المؤثرات العقلية هي مواد كيميائية أو طبيعية تؤثر على القدرات العقلية والإدراكية للإنسان، وتؤدي إلى خلل في سلوكه النفسي والاجتماعي.
وتدخل ضمن المؤثرات العقلية كل المواد والحبوب المهلوسة وكذلك الأقراص المخدرة التي هي في الأصل أدوية تستخدم في عالج الأمراض، إلا أن تأثيرها على الإنسان يعادل أو يفوق تأثير المخدرات الطبيعية، ولذلك تأخذ حكم المواد المخدرة الخاضعة لمقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 21 ماي 1974 من حيث التجريم، كما يمنع أن تطبق فيها العقوبات البديلة .
الفقرة الثانية: التمييز بين المخدرات – حالة الكوكايين– والمؤثرات العقلية
يطرح إشكال في التمييز بين “المخدرات” و”المؤثرات العقلية”، خصوصا بخصوص بعض المواد مثل الكوكايين، فرغم أن المشرع المغربي في ظهير 21 ماي 1974 أخضع كلا من المخدرات والمؤثرات العقلية لنفس النظام الزجري من حيث المنع والتجريم والعقاب، فإن التمييز بينهما يظل قائما على المستوى المفاهيمي والدولي.
فالمخدرات، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة الوحيدة للمخدرات لسنة 1961، هي بالأساس مواد طبيعية مستخلصة من نباتات (كالقنب الهندي والأفيون والكوكايين)، ذات تأثير تخديري أو مسكن يؤدي غالبا إلى الاعتماد الجسدي والنفسي.
أما المؤثرات العقلية، كما عرفتها اتفاقية فيينا لسنة 1971، فهي “كل المواد سواء أكانت طبيعية أو تركيبية، وكل المنتجات الطبيعية المدرجة في الجداول الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع.” وتكون لها قدرة على تغيير الحالة الذهنية أو النفسية للفرد، وتشمل الأدوية المهدئة، المنومة، المهلوسات والأمفيتامينات”.
وبذلك يمكن القول إن الاختلاف الجوهري يكمن في أن المخدرات ذات أصل طبيعي يغلب عليها أثر التخدير، في حين أن المؤثرات العقلية غالبا ما تكون صناعية أو كيميائية، وتؤثر أساسافي الإدراك والوعي والسلوك.
ومع ذلك، فإن السياسة الجنائية المغربية لا تميز في العقوبات، وتتعامل مع كلا الصنفين على قدم المساواة لما يشكلانه من خطر جسيم على الصحة العامة وأمن المجتمع.
ويذهب بعض الفقه، مثل محمد بناني، إلى أن الخلط التشريعي بين “المخدر” و”المؤثر العقلي” لا يغير من جوهر السياسة الجنائية المغربية التي توحد العقوبات تجاههما، مع استثناءات بسيطة تتعلق بالاستعمال الطبي
المطلب الثاني: جدلية العقوبات البديلة في جرائم الكوكايين والمؤثرات العقلية
سنتطرق للاتجار بالمؤثرات العقلية واستثناءها من العقوبات البديلة (الفقرة الأولى) الاستهلاك الشخصي للكوكايين والمؤثراتالعقلية وإشكالية العقوبات البديلة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الاتجار بالكوكايين والمؤثرات العقلية واستثناءه من العقوبات البديلة
في إطار سياسة العقوبات البديلة التي نص عليها القانون رقم 43.22، حرص المشرع المغربي على توسيع نطاق العدالة الإصلاحية وتقليل الاعتماد على السجن في الجنح البسيطة، مع مراعاة ظروف المتهم الشخصية والاجتماعية.
إلا أن هذه السياسة ليست مطلقة، إذ وضع المشرع حدودا واضحة من خلال المادة 35-3، التي استثنت مجموعة من الجرائم ذات الخطورة الكبرى من الاستفادة من العقوبات البديلة، وأبرزها الاتجار بالمؤثرات العقلية.
هذا الاستثناء يعكس التوجه المغربي في اعتماد الردع العام والخاص لمواجهة الجرائم المرتبطة بالمخدرات والمؤثرات العقلية، باعتبارها أفعالا تهدد الأمن الصحي والاجتماعي للجماعة، وتستلزم معاقبة صارمة لا يمكن تخفيفها عبر البدائل.
أما بخصوص الكوكايين، فإنه يصنف وفق التشريع الدولي والمغربي ضمن المخدرات الصلبة (stupéfiants)، وليس ضمن المؤثرات العقلية، ويخضع للضوابط القانونية الخاصة بالمخدرات الخطيرة. وبالرغم من خطورته، فإن نص المادة 35-3 لم يدرج الاتجار الوطني بالكوكايين ضمن الجرائم المستثناة من العقوبات البديلة، بخلاف المؤثرات العقلية المستثناة صراحة.
وهذا يعني نظريا أن الاتجار الوطني بالكوكايين يمكن أن يطرح ضمن حالات الاستفادة من العقوبات البديلة، شريطة توفر الشروط القانونية، رغم أن الممارسة القضائية تميل إلى التشدد نظرا لخطورة هذه المادة.
الفقرة الثانية: الاستهلاك الشخصي للكوكايين والمؤثرات العقلية وإشكالية العقوبات البديلة
ينص ظهير 21 مايو 1974، الذي يشكل الإطار القانوني الأساسي في المغرب، على معاقبة الاستهلاك الشخصي للمخدرات بما فيها الكوكايين والمؤثرات العقلية بالحبس والغرامة، ما يعكس نهجا جنائيا تقليديا يقوم على الردع العام والخاص.
غير أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة لم يصدر نصا صريحا يستثني المستهلكين الشخصيين من الاستفادة من هذه العقوبات، ما يفتح المجال لتطبيقها نظريا، ويطرح إشكالية تطبيقية وقانونية توازن بين اتجاهين متباينين في الفقه القضائي والقانوني.
الاتجاه الأول، الذي يمكن تسميته بـ التوجه الإصلاحي الإنساني، يستند إلى المعايير الدولية، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1961، ويرى أن المستهلكين الشخصيين هم في جوهرهم ضحايا بحاجة إلى العلاج والتأهيل الاجتماعي، وليس مجرد عقاب جنائي.
من هذا المنطلق، يدعم هذا الرأي توسيع نطاق العقوبات البديلة ليشمل المستهلكين، مثل العمل لفائدة المجتمع أو برامج التأهيل والتوعية، بما ينسجم مع التوجهات الحديثة للعدالة الجنائية.
أما الاتجاه الثاني، المعروف بـ التوجه التقليدي الرادع، فيفضل الاحتفاظ بسياسة صارمة تجاه المستهلكين، تحسبا لتأثير التساهل على الطلب وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية.
ويؤيد هذا الرأي في بعض الحالات رفض تطبيق العقوبات البديلة، مع التركيز على الردع العام والخاص لضمان حماية المجتمع من المخاطر الناجمة عن انتشار المخدرات.
وبالتالي، فإن غياب استثناء صريح في القانون 43.22 يجعل إمكانية تطبيق العقوبات البديلة تجاه المستهلكين الشخصيين رهينة بتقدير القضاء، الذي يوازن بين التوجه الإصلاحي والبعد الردعي، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات الدولية والمعايير الحديثة في سياسة العدالة الجنائية.
ومن هنا، يمكن القول إن الاستهلاك الشخصي للكوكايين والمؤثرات العقلية يظل ضمن نطاق قانون العقوبات البديلة بشكل ضمني، مما يعكس مرونة القانون في هذا المجال، لكنه يخضع في النهاية لتقدير السلطة القضائية وفق ظروف كل قضية.
خلاصة القول، ينص القانون رقم 43.22 صراحة على عدم جواز تطبيق العقوبات البديلة على جرائم الاتجار بالمؤثرات العقلية، نظرا لخطورتها الكبيرة وللحفاظ على الأمن الصحي والاجتماعي، ما يعكس إرادة المشرع في اعتماد سياسة ردعية صارمة تجاه هذه الجرائم.
أما فيما يتعلق بالاتجار بالمخدرات الصلبة مثل الكوكايين، فإن الاتجار الدولي مستثنى صراحة من تطبيق العقوبات البديلة، بينما الاتجار الوطني لا يشمله النص، ويخضع فقط لما يسمح به القانون من أحكام عامة، على ألا تتجاوز العقوبة خمس سنوات، مع مراعاة حالات العود والشروط المنصوص عليها في قانون 43.22، دون التوسع في تفسير النص بما قد يخل بالركائز الردعية والسياسية للعقوبات.
في المقابل، يظل الاستهلاك الشخصي للمخدرات والمؤثرات العقلية خاضعا بشكل صريح لنطاق القانون 43.22، إذ ينظر إلى المستهلكين على أنهم ضحايا لهذه المواد، بحاجة إلى دعم وعلاج وإعادة تأهيل، وليس مجرد معاقبة جنائية.
ومن هذا المنطلق، يتيح القانون إمكانية تطبيق العقوبات البديلة على المستهلكين الشخصيين، بما في ذلك العمل لأجل المنفعة العامة، والغرامة اليومية، وقيود الحقوق، بما يوازن بين الإصلاح الاجتماعي والبعد الإنساني وبين الحفاظ على الردع القانوني.
يتضح من هذا السياق أن جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية تمثل تحديا أمام نظام العقوبات البديلة في المغرب.
ففي حين يسمح القانون نظريا بتطبيق البدائل على بعض الجرائم البسيطة، فإن الواقع العملي والاجتهاد القضائي يميل غالبا إلى التضييق، خصوصا مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الصحية والاجتماعية لهذه المواد.
ومنه، يظهر أن نظام العقوبات البديلة في التشريع المغربي يشكل تطورا ملحوظا في السياسة الجنائية، من خلال الانتقال من العقوبة السالبة للحرية التقليدية إلى عقوبات إصلاحية تهدف إلى إعادة الإدماج الاجتماعي وتقليل آثار السجن على الفرد والمجتمع. وقد أتاح القانون أدوات متعددة، مثل العمل لأجل المنفعة العامة، والغرامة اليومية، وقيود الحقوق، بما يعكس فلسفة إصلاحية متقدمة تتماشى مع الاتجاهات الدولية الحديثة في العدالة الجنائية.
ومع ذلك، فإن هذا النظام لم يخل من تحديات، لا سيما فيما يتعلق بالجرائم الخطيرة، حيث استثنى المشرع صراحة الإرهاب، الاتجار الدولي في المخدرات والمؤثرات العقلية، والجرائم المالية الكبرى.
ويبرز الغموض التشريعي حول الاتجار الوطني بالمخدرات وجرائم المؤثرات العقلية، وهو ما أحدث فجوة قانونية يمكن أن تؤدي إلى اجتهادات قضائية متباينة، مع الميل إلى التضييق في التطبيق حفاظا على الصحة العامة والأمن الاجتماعي.
بناء على ذلك، تظل العقوبات البديلة أداة إصلاحية مهمة، لكنها تحتاج إلى توضيح قانوني إضافي لتحديد نطاق الاستثناءات، خصوصا فيما يتعلق بالاتجار الوطني بالمخدرات والمؤثرات العقلية، لضمان توافق الفلسفة الإصلاحية مع متطلبات الأمن العام والحماية الصحية، مع إبقاء المستهلكين في إطار الحماية والرعاية باعتبارهم ضحايا لهذه المواد.
وختاما، يطرح هذا الواقع سؤالا محوريا: إلى أي حد يمكن للسياسة الجنائية المغربية توسيع تطبيق العقوبات البديلة لتشمل فئات محددة من جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، دون المساس بالأمن العام والصحة العمومية؟ وكيف ستتطور الاجتهادات القضائية لضمان توازن فعلي بين الإصلاح الاجتماعي والردع القانوني؟
قائمة المصادر والمراجع:
❖ أولا: المراجع الفقهية والمجلات
– محمد بناني، السياسة الجنائية المغربية في مواجهة جرائم المخدرات، مجلة العلوم الجنائية، العدد 15، 2023، ص. 77.
– ديوان الفتوى والتشريع، العقوبات البديلة في التشريعات العربية، إعداد الباحث القانوني أ. مروان السعدي.
❖ ثانيا: التشريعات الوطنية
– القانون الصادر في 12 ربيع الثاني 1341 (2 دجنبر 1922) بتنظيم استيراد المواد السامة والاتجار فيها وإمساكها واستعمالها.
– الظهير الشريف الصادر في 20 شعبان 1373 (24 أبريل 1954) بمنع قنب الكيف.
– القانون رقم 1.73.282 بتاريخ 28 ربيع الثاني 1394 (21 ماي 1974) المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية ووقاية المدمنين.
– الظهير الشريف رقم 1.14.187 المؤرخ في 17 صفر 1436 (10 دجنبر 2014)، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6322 بتاريخ 9 ربيع الأول 1436 (1 يناير 2025).
– الظهير الشريف رقم 1.21.59 المؤرخ في 3 ذي الحجة 1442 (14 يوليوز 2021)، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7006 بتاريخ 11 ذو الحجة 1442 (22 يوليوز 2021).
– المرسوم رقم 2.25.386 الصادر بتاريخ 03 يونيو 2025 المتعلق بتحديد كيفية تطبيق العقوبات البديلة.
❖ ثالثا: الاتفاقيات الدولية
– مؤتمر الأمم المتحدة من أجل اعتماد بروتوكول حول المؤثرات العقلية، المنعقد بفيينا ما بين 14 يناير و21 فبراير 1971. تم إيداع وثائق انخراط المملكة المغربية في الاتفاقية بتاريخ 11 فبراير 1980، ونشرت بموجب الظهير الشريف رقم 1.80.266 الصادر في 17 دجنبر 1980، الجريدة الرسمية عدد 3590 بتاريخ 19 غشت 1981.
❖ رابعا: الاجتهادات القضائية
– قرار محكمة النقض عدد 512/2021، ملف جنائي عدد 1021/6/3/2020، غير منشور.
❖ خامسا: التقارير والأدلة العملية
– المجلس الوطني لحقوق الإنسان – المملكة المغربية، التجربة المغربية في إعمال العقوبات البديلة: الحصيلة والتحديات، ورقة عمل مقدمة في الجلسة الثانية للمؤتمر الدولي لقانون العقوبات والتدابير البديلة: تجربة نوعية في التشريع البحريني.
– الدليل الاسترشادي لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة.
❖ سادسا: المقالات الصحفية والإلكترونية
– مقال منشور في جريدة العاصمة بتاريخ 28 أكتوبر 2023، الساعة 1:24 م.
– قراءة في صدور أول حكم بالعقوبات البديلة في المغرب، منشور على موقع 2M.ma يوم الأحد 24 غشت 2025، الساعة 13:41، بقلم سعيد مكراز.

