الرئيسية أخبار القضاء العدول يعتبرون مشروع القانون 16.22 “نكبة تشريعية” تهدد وجود المهنة

العدول يعتبرون مشروع القانون 16.22 “نكبة تشريعية” تهدد وجود المهنة

0fe1f86426fb0b84110f1ea99f334f97
كتبه كتب في 24 نوفمبر، 2025 - 5:27 مساءً

أثار مصادقة المجلس الحكومي، يوم الخميس 19 نونبر 2025، على مشروع القانون 16.22 موجة غضب عارمة في صفوف العدول عبر مختلف جهات المملكة، بعدما اعتبرت الجمعية المغربية للعدول أن المشروع يشكل “نكبة تشريعية” تمس جوهر المهنة وتضعها على حافة الإقصاء. فقد رأى عدد من المهنيين أن المشروع الجديد لا يواكب تطلعات إصلاح منظومة التوثيق، بل يشكل تراجعاً خطيراً عن المكتسبات التاريخية التي راكمتها المهنة على مدى قرون.

مخاوف من إفراغ المهنة من مضمونها

الجمعية المغربية للعدول عبّرت في بيان لها عن رفضها المطلق للمشروع، مؤكدة أنه لا يحمل أي رؤية إصلاحية واضحة، بل يقوم على منطق التفتيش والمراقبة والعقوبات بدل التطوير والتأهيل. واعتبرت الجمعية أن المشروع أحدث شرخاً داخل الجسم التوثيقي، بعدما رأى العدول فيه محاولة لتقليص صلاحياتهم وتهديداً مباشراً وجودهم المهني.

كما شددت الجمعية على أن بعض مواد المشروع تتسم بـ”النَّفَس الإقصائي”، خاصة التراجع المفاجئ عن التنصيص على حساب الودائع، الذي كان حاضراً في النسخ الأولى قبل أن يُسحب دون تفسير. هذا التغيير اعتبرته الجمعية تكريساً للتمييز التشريعي لصالح مهن توثيقية أخرى، وتراجعاً عن مبدأ المساواة في الضمانات المقدمة للمرتفقين.

المسّ بالموروث التاريخي للمهنة

وترى الجمعية أن المساس بمهنة التوثيق العدلي هو مساس بجزء من الهوية الوطنية، باعتبارها مهنة ارتبطت عبر التاريخ بطقوس البيعة الشرعية وتوثيق العلاقات والمعاملات التي حفظت استقرار المجتمع المغربي. وتساءلت عن الدوافع التي تقف خلف هذا التحول المفاجئ في توجهات الحكومة، رغم سنوات الحوار والتشاور بين الوزارة الوصية والهيئة الوطنية للعدول حول إصلاح شامل وعادل للمهنة.

كما انتقدت الجمعية صمت رئاسة الهيئة الوطنية للعدول ولجنة الحوار تجاه المصادقة على المشروع، معتبرة أن هذا الصمت يشكل تخلياً عن المسؤولية، وداعية المكتب التنفيذي إلى المطالبة بسحب المشروع فوراً وفتح جولة جديدة من المشاورات.

صوت غاضب من الميدان

ومن بين الأصوات التي عبّرت بحدّة عن موقفها، أكد الأستاذ سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة وعضو الجمعية المغربية للعدول، أن يوم المصادقة على المشروع كان بمثابة “الخميس الأسود” بالنسبة للمهنة. وقال إن العدول شعروا بأن المشروع أقصاهم من مجال التوثيق العقاري ومن المهام المرتبطة بالتعاملات المالية، ما يعمّق الإحساس بالإجحاف والتمييز.

ورغم الغضب العارم، أوضح الصروخ أن العدول اختاروا التركيز على مطلب حساب الودائع باعتباره أولوية قصوى، لأنه ليس فقط أداة مهنية، بل ضمانة أساسية لحماية حقوق المتعاقدين وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص بين المهن.

تشبث بالإصلاح ورفض للإقصاء

وأكد العدول أن موقفهم الرافض للمشروع لا يعني خروجهم عن المنظور الوطني الشامل، بل يعكس حرصهم على منظومة توثيق قوية ومتكاملة، تحترم تاريخ المهنة وتواكب التطورات التقنية والقانونية الحديثة. كما ثمّنوا نجاح الدورات التكوينية الأخيرة التي ساهمت في تعزيز قدراتهم التقنية والرقمية، معتبرين أن تطوير المهنة يجب أن يكون بالشراكة لا بالإقصاء.

مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات

يتفق العدول اليوم على أن مشروع القانون 16.22 يمثل منعطفاً حاسماً سيحدد مستقبل مهنة التوثيق العدلي في المغرب، بين خيار الإصلاح التشاركي الذي يحفظ للمهنة مكانتها التاريخية، وخيار فرض قانون يراه المهنيون غير منصف ويهدد بنسف الهوية المهنية التي حافظت عليها الأجيال المتعاقبة من العدول.

وبين الرفض القاطع للمشروع والاستعداد لطرق كل السبل القانونية والمؤسساتية، يبدو أن الجسم التوثيقي مقبل على مرحلة احتقان جديدة، في انتظار ما ستؤول إليه النقاشات الرسمية والمبادرات التي قد تُطلق لاحتواء التوتر وإعادة تنظيم المهنة بما يضمن استمراريتها واحترام خصوصيتها في المنظومة القانونية المغربية.

مشاركة