الرئيسية آراء وأقلام الشعارات لا تطعم الجائعين.. “قافلة الصمود” تثير الجدل على أبواب غزة

الشعارات لا تطعم الجائعين.. “قافلة الصمود” تثير الجدل على أبواب غزة

9018bfb9d141ca08b22c0627c0ed8743 w400
كتبه كتب في 12 يونيو، 2025 - 10:57 مساءً

بقلم: عبد السلام اسريفي

تعيش الحدود المصرية مع قطاع غزة منذ أيام على وقع توتر إعلامي وشعبي، بسبب قافلة أطلقت عليها (منظمات) من الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا اسم “قافلة الصمود”، والتي تسعى إلى إيصال مساعدات إنسانية إلى سكان غزة، عبر معبر رفح، دون تنسيق مسبق مع السلطات المصرية المختصة.

القافلة، التي انطلقت من الجزائر مرورًا بتونس وليبيا، وصلت مؤخرًا إلى الأراضي المصرية، حيث اصطدمت برفض رسمي للعبور، في غياب التصاريح القانونية والإجراءات التنظيمية المعمول بها وفق الأعراف الدولية الخاصة بسيادة الدول وتنظيم المساعدات العابرة للحدود.

تساؤلات حول الأهداف الحقيقية

هذا التحرك، رغم طابعه الإنساني الظاهري، أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، نظرًا لما رافقه من خطاب تعبوي وشعارات سياسية، إلى جانب مشاركة نشطاء محسوبين على تيارات إيديولوجية متباينة، بعضها يرتبط بأجندات إقليمية غير خافية، كما هو الشأن للمشاركين الجزائريين.

وفي هذا السياق، صرّح الدكتور نجيب العروي، الباحث في شؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أن “الطريقة التي تم بها تنظيم القافلة، واختيار مسارها البري المعقد، يعطي انطباعًا واضحًا بأن الهدف لم يكن فقط إيصال المساعدات، بل افتعال مواجهة رمزية مع الدولة المصرية لإحراجها أمام الرأي العام العربي”.

وأضاف العروي: “كان بالإمكان إرسال المساعدات عبر البحر أو التنسيق مع منظمات أممية أو عربية موثوقة. لكن اختيار المواجهة مع سلطة سيادية على حدود نشطة أمنيًا، يُظهر وجود أجندة موازية”.

الفلسطينيون: الدعم الحقيقي لا يأتي عبر عدسات الكاميرا

في غزة، حيث تزداد الأزمة الإنسانية تعقيدًا، يتابع الفلسطينيون هذه التحركات بحذر. وقد عبّر عدد من النشطاء المحليين عن استغرابهم من “المهرجانات التضامنية” التي تستهلك الموارد والوقت، في حين يحتاج السكان إلى دعم غذائي وطبي عاجل.

وفي تصريح خاص، قال الإعلامي الفلسطيني علي عبد ربه من خان يونس: “أهل غزة تعبوا من الصراخ. نحتاج دواء وغذاء، لا شعارات. القافلة لم تصل، لكن الكاميرات وصلت. هناك فرق بين من يعمل لأجل فلسطين، ومن يعمل باسم فلسطين لأجندات أخرى”.

المغرب… مقاربة هادئة وفعالة

بالمقابل، حظي التحرك الإنساني المغربي، الذي نفذته وكالة بيت مال القدس الشريف تحت إشراف مباشر من الملك محمد السادس، بإشادة واسعة، بعدما تمكن من توزيع 500 سلة غذائية داخل غزة عبر شراكة مباشرة مع جمعية فلسطينية موثوقة، دون تغطية إعلامية صاخبة أو مواجهات سياسية.

ويرى المحلل السياسي المصري د. مصطفى كمال أن “العمل الإنساني المغربي تميز بالنضج والفعالية، وابتعد عن التوظيف السياسي، مما جعله يصل إلى المحتاجين فعليًا. وهو ما تحتاجه فلسطين الآن، بعيدًا عن المزايدات”.

خلط الأوراق واستهداف مصر

في تحليله للأبعاد السياسية للقافلة، أشار الخبير الأمني المغربي العقيد المتقاعد عبد السلام حمو إلى أن “ما يجري على الحدود ليس معزولًا عن محاولات بعض الأنظمة المغاربية، خاصة الجزائر، لتوريط مصر في معركة دعائية، هدفها تصويرها كعقبة أمام الدعم الإنساني، بينما هي تمارس فقط حقها السيادي بتنظيم حدودها”.

وأضاف حمو: “القضية الفلسطينية أكبر من أن تُستخدم في حسابات إقليمية. من يريد المساعدة فليقدمها عبر القنوات المتاحة، دون ركوب أمواج السياسة أو دغدغة العواطف الجماهيرية”.

خلاصة:

وبينما تصطدم “قوافل الرمزية” بحقائق الأرض والسيادة، يظل الفعل الإنساني الهادئ هو الأكثر نجاعة وتأثيرًا في خدمة القضية الفلسطينية. إذ يتضح يومًا بعد يوم أن الطريق إلى غزة لا يمر عبر الشعارات، بل عبر التنسيق المسؤول والعمل الحقيقي.

مشاركة