الرئيسية أحداث المجتمع ​ “السيدا” انخفاض الإصابات ومجانية التشخيص والعلاج

​ “السيدا” انخفاض الإصابات ومجانية التشخيص والعلاج

IMG 20251225 WA00471
كتبه كتب في 25 ديسمبر، 2025 - 5:11 مساءً

صوت العدالة- سعاد شاغل

​في الوقت الذي تسجل فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفاعا مقلقا في معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري المكتسب”السيدا” بنسبة تصل إلى 160%، نجح المغرب في عكس المنحنى الوبائي، مسجلاً انخفاضا ملحوظا في الإصابات الجديدة بنسبة 42% خلال الفترة ما بين 2020 و2024.
وهي ​أرقام تعكس “الاستثناء المغربي”.
جاء هذا في عرض الدكتور محمد الخماس، طبيب الصحة العامة والمسؤول عن الأنشطة الدولية بجمعية محاربة السيدا ، خلال الدورة التكوينية لفائدة الصحافيين والصحافيين بشراكة مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حول موضوع “من اجل تغطية إعلامية لموضوع السيدا قائمة على حقوق الإنسان”، وذلك يومه 23 دجنبر 2025 حيث اكد أن الوضعية الوبائية في المغرب تتميز بـ “خصوصية مغربية” من حيث التحكم والسيطرة.

محاصرة الوباء

الدكتور الخماس، شدد على ان المجهودات المبذولة في مجال محاربة الفيروس اثمرت محاصرة الفيروس، اذ أن نسبة انتشار الفيروس وسط الساكنة لم تتجاوز 0.08%، مع تسجيل 900 حالة جديدة فقط في سنة 2024.
​وأشار الخماس إلى أن المجهودات الوطنية أثمرت انخفاضا عاما بنسبة 4% في الحالات، في مقابل الارتفاع الإقليمي الحاد، مما يضع التجربة المغربية كنموذج رائد في المنطقة.
وفي هذا الإطار، افاد الخماس ان ​المعطيات الميدانية كشفت عن أرقام دقيقة حول التوزيع الجغرافي والديمغرافي للمتعايشين مع الفيروس، حيث تم تسجيل 18010 متعايشا يتابعون علاجهم الثلاثي سنة 2024. وان أربع مدن كبرى تستقطب 60% من إجمالي الحالات التي تتابع علاجها، تأتي على رأس القائمة مدينة أكادير بنسبة 24%، تليها الدار البيضاء ب (23%)، ومراكش ب (13%)، ثم الرباط ب (9%).
وفي المقابل اشار، نفس المصدر على ان نسبة المتعايشين مع الفيروس وسط الرجال تصل الى 55 في المائة و45 في المائة لدى النساء ، بينما تظل الفئة العمرية ما بين 25 و44 سنة هي الأكثر تعرضاً للإصابة.
و​في مقارنة تقنية، أبرز الدكتور الخماس تفوق المنظومة المغربية في تيسير الولوج للخدمات؛ حيث يتوفر المغرب على 49 مركزا مرجعيا (منها 16 للأطفال)، وأزيد من 2800 مؤسسة صحية عمومية تمنح تشخيصا وعلاجا ثلاثيا مجانيا، بالإضافة إلى 54 مركزا جمعويا . وتأتي هذه “اللامركزية” لتمييز النموذج المغربي عن دول مجاورة، حيث يقتصر فيها التشخيص على المستشفيات الجامعية فقط.

السياق الوبائي

ومن اهم ماركزت عليه الدورة التكوينية، ضرورة التمييز العلمي والحقوقي بين مصطلحين اساسيين ، وهما ​المتعايش مع الفيروس، الذي يعد هو الشخص الحامل للفيروس الذي يتابع علاجه ويتمتع بمناعة مستقرة دون أعراض، و​المصاب بالسيدا، الذي وصل لمرحلة انهيار الجهاز المناعي وظهور “الأمراض الانتهازية”.
​وفي هذا الاطار، أكد الدكتور الخماس، على أن الهدف الأسمى للاستراتيجية الوطنية هو ضمان حق الجميع في التشخيص المبكر والمجاني، لتحويل المسار من إصابة بالفيروس إلى تعايش آمن يضمن كرامة وحقوق المصابين. خاصة وان السياق الوبائي الحالي في المغرب يتسم بارتفاع في عدد الاصابات الجديدة بالفيروس، وانخفاض في نسبة تشخيص الفيروس، حيث ارتفعت الإصابات الجديدة بنسبة 15 في المائة مقارنة بعام 2020 . والسبب له علاقة بأزمة جائحة كوفيد 19 التي كانت سببا في انخفاض كبير خص عدد الأشخاص الاكثر عرضة للإصابة بالفيروس الذين استفادوا من برامج الوقاية . حيث استفاد 125490 شخصا من هذه البرامج خلال سنة 2021 مقابل 114310 شخصا سنة 2020 .

محاربة الوصم والتمييز

ومن اجل محاربة الوصم والتمييز ، ناقشت الورشة التحسيسية، الدور المزدوج الذي تلعبه الصحافة، فبينما تعتبر شريكا أساسيا في نشر رسائل الوقاية، إلا أن بعض الانزلاقات اللغوية والمهنية لا تزال تكرس “الوصم والتمييز”. واستعرضت الورشة نماذج لتقارير إعلامية استخدمت مصطلحات تقوض كرامة المتعايشين مع الفيروس، من قبيل “المرض الملعون” أو ربط الإصابة “بالانحراف”، مما يؤدي إلى عزوف الفئات الهشة عن طلب العلاج خوفا من نظرة المجتمع.
​ غزلان ازندور مديرة الجمعية بفرع الدار البيضاء مكلفة بالترافع وحقوق الإنسان، ركزت في مداخلتها على اهمية محاربة الوصم والتمييز الموجه تجاه المتعايشين والمتعايشات مع فيروس فقدان المناعة البشري المكتسب، من خلال تعزيز الحقوق وخاصة الحق في الصحة. معتبرة ان القوانين تقتل الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، اذ ان الدول التي اعتمدت المقاربة الحقوقية، شهدت انخفاضا في نسبة الإصابة، في حين ارتفعت النسبة في الدول التي اعتمدت التجريم بدل المقاربة الحقوقية . واضافت غزلان ان تمكين الصحفيين من ​المفردات البديلة، و استبدال المصطلحات الواصمة بلغة علمية وحقوقية تحترم كرامة المصاب هو السبيل لمحاربة الوصم والتمييز ، الذي يقوض كرامة وحقوق المتعايشين مع الفيروس والمعرضين للإصابة اكثر به ، كما تقوض الجهود التي يبذلها المجتمع المدني العامل في هذا الميدان .ومن هنا تاتي ضرورة تبسيط المفاهيم الطبية المتعلقة بطرق الانتقال والوقاية والعلاجات الحديثة.
وفجرت غزلان حقائق اجتماعية صادمة لتصحيح النظرة النمطية،حيث اكدت ان 80 في المائة من النساء المتعايشات مع الفيروس انتقل لهن داخل اطار الزواج في الدول العربية، و
70 في المائة في المغرب . وهو ما يدعو الى وضع قضية السيدا في سياقها الاجتماعي والاقتصادي بعيدا عن “الإثارة” أو “الاستعطاف” .وان محاربة السيدا ليست معركة طبية فحسب، بل هي معركة وعي ومصطلحات. فالصحفي، باعتباره صانعا للمعايير الاجتماعية، مدعو اليوم للانخراط في “تسريع الاستجابة الوطنية” من خلال تقديم محتوى إعلامي موثوق، يكسر حاجز الخوف ويشجع على التشخيص المبكر.
​واختتمت الورشة بدعوة المؤسسات الإعلامية إلى ابتكار أساليب جديدة للتوعية، تعتمد على قصص النجاح في التعايش مع الفيروس وتبرز الجهود التي يبذلها المجتمع المدني والسلطات الصحية لحماية حقوق المتعايشين وضمان ولوجهم العادل للعلاج.

1000415799
مشاركة