أنس خالد / صوت العدالة
في ظل استمرار التحقيقات حول قضية “العمارة المغشوشة” في مدينة السعيدية، تثار تساؤلات جدية حول ما إذا كانت هذه القضية ستنتهي بمصير مشابه لقضية “عمارة تيزنيت”، التي شهدت نهاية مأساوية بانهيارها في شهر نونبر من السنة الماضية، وخلفت قتلى وجرحى، مما جعلها حديث الرأي العام والقضاء على السواء.
قضية “عمارة تيزنيت”: أصدرت محكمة أكادير حكمها الاستئنافي في قضية “عمارة تيزنيت”، بعد تأجيل الجلسات ست مرات، قضت المحكمة بالرفع من العقوبة الحبسية في حق المقاول من ثلاث سنوات إلى ثلاث سنوات ونصف حبسا نافذا. كما تم تخفيض العقوبة في حق المهندس صاحب مكتب الدراسات من سنتين إلى سنة واحدة حبسا نافذا، بينما حصل المهندس صاحب مكتب المراقبة على ستة أشهر حبسا نافذا بعدما كان قد أدين ابتدائيا بعشرة أشهر.
تلك الأحكام تعتبر مؤشرًا واضحًا على أن القضاء المغربي بات يتعامل بصرامة أكبر مع حالات الغش والتلاعب في البناء، التي أصبحت تتسبب في كوارث اجتماعية واقتصادية لا تقل خطورة عن الحوادث الطبيعية.
العمارة المغشوشة في السعيدية ليست بعيدة عن هذا السيناريو، حيث تكشف التحقيقات الأولية عن تورط المقاول في استخدام مواد بناء غير مطابقة للمعايير، كما يُتهم المقاول بالغش في مشاريعه، حيث قام بإضافة طوابق إضافية غير قانونية، مما يفاقم من خطورة الوضع ويزيد من المخاوف بشأن سلامة البناء. وتشير بعض التقارير إلى أن نفس المقاول مسؤول عن عدة مشاريع مشابهة في المنطقة، بما في ذلك بعض المباني العمومية.
هذا الواقع يثير مخاوف حقيقية بشأن مصير العمارة المغشوشة، وما إذا كانت ستشهد انهيارًا مشابهًا لما حدث في تيزنيت. فهل ستتحرك السلطات بسرعة لمعالجة الأمر ومنع كارثة أخرى؟ وهل ستتعامل العدالة بصرامة مع المقاولين والمهندسين المتورطين كما فعلت في قضية تيزنيت؟
من المهم الإشارة إلى أن مثل هذه القضايا تفتح النقاش حول دور الرقابة على مشاريع البناء في المغرب، وأهمية تعزيز الشفافية في هذه العمليات لضمان الالتزام بالمعايير الهندسية والتقنية. كما يلعب الوعي المجتمعي دورًا أساسيًا في الضغط على السلطات للتحرك بسرعة قبل وقوع الكارثة.
في النهاية، يظل السؤال مفتوحًا: هل ستسلك قضية العمارة المغشوشة بالسعيدية نفس مسار “عمارة تيزنيت” من حيث المحاكمات والعقوبات؟ هل سيؤدي صمت السلطات عن العمارة المغشوشة في السعيدية إلى كارثة جديدة، أم أننا على أعتاب حقبة جديدة من المساءلة في مجال البناء؟