بقلم سعد مكو باحث في الشؤون الجنائية والأمنية
تقديم :
يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم ، بسبب ماتحدثهمن اضطراب اجتماعي ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتداببر وقائية .
والجريمة هي عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه.
هذه الأخيرة لها عدة تقسيمات حسب نوع الجريمة والشخص الذي في وضعية نزاع مع القانون و النص الجنائي الواجب التطبيق ، أو بلغة أوضح ” المضاد الحيوي ، دون إغفال الهيئة القضائية المختصة التي سوف تنضر و تصدر قرارا في الجريمة موضوع النزاع .
ونضرا لتخصص هذا المقال الآمني حول السرقة باستعمال السلاح ،فالمنطق يحتم علينا تحليل هذا المقال ، أولا بتحديد مفهوم السرقة في القانون الجنائي.
وثانيا ، معرفة التأصيل الجنائي للسلاح ، لنختم هذه الدراسة بالاجتهادات القضائية لنوازل السرقة بيد مسلحة .
على المنوال الأتي :
أولا : المفهوم القانوني للسرقة :
لقد تم تنظيم جريمة السرقة في الكتاب الأول من القانون الجنائي المغربي ” العقوبات و التدابير الوقائية” ، من الباب التاسع ” في الجنايات و الجنح المتعلقة بالأموال” ، من الفرع الأول ” السرقات و انتزاع الأموال” ، من الفصول 505 إلى 539 ق.ج .
الفصل 505 ق.ج : من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا ، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم .
الركن المادي و المعنوي لجريمة السرقة :
1 – الركن المادي : يتحقق هذا الركن من خلال فعل الاختلاس أو الاستيلاء على مال منقول لشخص بدون رضاه.
ويشمل هذا الآخير عنصريين :
* سلب المال : بمعنى أوضح نقل المال المملوك للغير بصفة غير مشروعة إلى الجاني .
* انتفاء عنصر الرضا : أي الإكراه والإجبار أو عدم علم صاحب المال بالواقعة .
2 ـ الركن المعنوي : حيث يتطلب توافر القصد الجنائي عن طريق النية الإجرامية بالاستيلاء مع وجود قصد التملك و العلم اليقيني بكون المال هو مال الغير لاحق له في تملكه.
ثانيا : التأصيل الجنائي للسلاح :
الفصل 303 من ق.ج : يعد سلاحا في تطبيق هذا القانون جميع الأسلحة النارية و المتفجرات ، وجميع الآجهزة و الأدوات أو الآشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة.
* ظهير شريف بتاريخ 31 مارس 1937 , في ضبط جلب الأسلحة و عددها للمنطقة الفرنسية من الإيالة الشريفة ، وفي المتاجرة فيها وحملها وحيازتها واستيداعها .
* ظهير شريف 2 شتنبر 1958 ، بشأن الزجر عن المخالفات للتشريع الخاص بالأسلحة و العتاد و الأدوات المفرقعة.
* القانون 86ـ21 ، المتعلق بالأسلحة النارية و أجزائها و عناصرها و توابعها و ذخيرتها الصادر في 13 ديسمبر 2022 .
إن المشرع المغربي توسع في تحديد مفهوم السلاح ، خروجا عن القاعدة العامة التي تهدف إلى عدم التوسع في تفسير النص الجنائي، حيث حدده في الأسلحة النارية و المتفجرات بأنواعها سواء اليدوية أو التقنية ، وكذلك الأجهزة و الأدوات ، حيث في هذا الإطار يمكن اعتبار ، ” الملعقة سلاحا و الكرسي الخشبي أو الحديدي سلاحا و المكنسة سلاحا وإبريق الشاي أو القهوة كذلك سلاحا.. و القائمة طويلة .
في نفس الإطار فالأشياء الواخزة أو الراضة أو الخانقة أو القاطعة تعتبر كذلك سلاحا ، وفي اجتهاد قضائي صادر عن محكمة النقض : جأ في قرار للغرفة الجنائية بمحكمة النقض ، في الملف الجنحي عدد ‘ 2012 -8-6 2636 ، تحت عدد 8-406 ، بتاريخ 29 مارس 2012 مايلي : … ؛ وحيث إن المحكمة ، ومن ناحية أخرى ، قد أبرزت وبما فيه الكفاية عناصر الجنحة المدان بها الطاعن ، خاصة منها القصد الجنائي لديه تبعا للوقائع المعروضة عليها و الثابثة لديها ، وكل ذلك في إطار السلطة التقديرية المخولة لها قانونا ، علما أن العض بواسطة الأسنان ، ولئن كانت هذه الوسيلة لا تدخل بطبيعتها في مفهوم السلاح كما نصل عليها الفصل 303 من القانون الجنائي ، إلا أنها تدخل في مفهوم السلاح بالاستعمال … ؛ .
من خلال هذا الاجتهاد القضائي الموسع يتبين أن تحديد مفهوم السلاح في بعض النوازل متروك للسلطة التقديرية للقضاء من خلال ظروف و ملابساتالجريمة و مسرحها وخطورة الاعتداء و شخصية الجاني.
ثالثا : تطبيقات قضائية في السرقة بيد مسلحة .
ينص الفصل 507 من القانون الجنائي: يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح ، حسب مفهوم الفصل 303 من ق.ح ، سواء أكان ظاهرا أو خفيا ، حتى ولو ارتكب السرقة شخص واحد وبدون توافر أي ظرف أخر من الظروف المشددة.
وتطبق نفس العقوبة ، إذا احتفظ السارقون أو احتفظ أحدهم فقط بالسلاح في الناقلة ذات المحرك ، التي استعملت لنقلهم إلى مكان الجريمة أو خصصت لهروبهم.
القرار عدد 1297/ 9 ، الصادر بتاريخ 28 شتنبر 2017, في الملف الجنائي عدد 15642؛ 6/9/2017 .
جناية السرقة – ظرف السلاح – عدم إعتماده دون ذكر الآسباب القانونية – إساءة تطبيق الفصل 507 من ق.ج .
إن القرار المطعون فيه بالنقض لما أدان المطلوب في النقض من أجل جناية السرقة المقرونة بأكثر من ظرف تشديد ، مستبعدا ظرف السلاح ، دون أن تستخلص المحكمة المصدرة له من مناقشتها القضية ، مايمكنها من التكييف الذي انتهت إليه ، ولم تبرر الأسباب القانونية التي كيفت إليها الواقعة المثبتة من طرفها ، والتي لا تستغرق حمل السلاح ، وترتيب الآثار القانونية على ذلك يكون قد أساء تطبيق مقتضيات الفصل 507 من مجموعة ق.ج ، مما أظفىعليه عيب نقصان التعليل الموازي لإنعدامه وهو مايعرضه للنقض و الإبطال. القرار عدد 1070/9 ، الصادر بتاريخ 13 يوليوز 2017 في الملف الجنائي عدد 6/9/2017 10485 .
جناية السرقة بالسلاح – ثبوت استعماله فيها – إعادة التكييف إلى الفصل 509 من القانون الجنائي.
إن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه ، ولما أيدت القرار المستأنف مبدئيا ، من حيث الإدانة بعدما عدلته بإعادة التكييف ، مستبعدة ظرف السلاح ، بعلة أن السرقات المقترفة من طرف المتهم ، إقترنت بظروف التعدد و العنف واستعمال ناقلة ، مما ينطبق عليه إعمال الفصل 509 من ق.ج ، بدل الفصل 507 ق.ج ، رغم اعترافه بالقيام رفقة أشخاص أخرين ملتمين بإعتراضالضحية ، وسلبها مبلغ ستين ألف درهم ، وهاتف نقال تحت التهديد بالسلاح ، تكون بذلك قد أساءت تطبيق الفصل 507 ق.ج ، وكان قرارها الصادر على النحو المذكور مشوبا بعيب نقصان التعليل الموازي لانعدامه ، وهو مايعرضهللنقض و الإبطال.
القرار 4/60 ، بتاريخ 25 يناير 2017 ، الملف الجنائي عدد 20499/2016 .
جناية السرقة – ظرف السلاح – عدم اعتماده دون ذكر الأسباب القانونية – إعتراف المتهم بإستعماله في التهديد – إساءة تطبيق الفصل 507 من القانون الجنائي.
إن القرار المطعون فيه بالنقض من أجل جناية السرقة المقرونة بأكثر من ظرف تشديد ، مستبعدا ظرف السلاح ، دون أن تستخلص المحكمة المصدرة له ، من مناقشتها القضية مايمكنها من التكييف الذي انتهت إليه ، ولم تبرز الأسباب القانونية التي كيفت إليها الوقائع المثبتة من طرفها ، والتي لا تستغرق حمل السلاح ، وترتب الأثار القانونية على ذلك يكون قد أساء تطبيق مقتضيات الفصل 507 من ق.ج ، مما أضفى عليه عيب التعليل الموازي لإنعدامه ، وهو مايعرضه للنقض و الإبطال.
القرار عدد 1107 ، بتاريخ 2006 / 05/ 31 .
… ؛ إن الفصل 507 من القانون الجنائي ، يستلزم ارتكاب فعل السرقة بالسلاح بأكثر من شخصين ، والمحكمة التي أدانت المتهم بمقتضيات الفصل 507 من ق.ج ، رغم ارتكابه لفعل السرقة بواسطة السلاح بكيفية انفرادية دون توافر ظروف التعدد بصيغة الجمع ، تكون قد خرقت مقتضيات ذلك الفصل …؛ . القرار عدد 39 ، الصادر بتاريخ 2009 /03 / 18 ، في الملف عدد 08/ 4694.
إن ارتكاب السرقة من طرف شخص واحد كاف لتحقق ظروف التشديد في السرقة ولا يشترط في ذلك تعدد المجرمين…؛ .
القرار عدد 824 ، الصادر بتاريخ 2016/ 06/02 ، في الملف عدد ، 16 /11/ 6/2020.
إن المحكمة المطعون في قرارها ، لما قضت بتأييد القرار الجنائي المستأنف في مبدئه لمؤاخدة المطلوب في النقض من أجل السرقة بعد إعمال الفصل 509 من ق.ج ، بدلا من الفصل 507 من ق.ج ، أسست استبعادها للفصل 507 من على مجرد عدم توفر عنصر الخطر في استعمال السلاح ، حسب سلطاتها التقديرية دون أن تتأكد و تناقش مدى توفر الدليل القانوني المحال عليه بالفصل 507 من ق.ج موضوع المتابعة و الوقوف على توفر عناصر الفصل 303 من نفس القانون من عدمها ، بدل إعادة تكييف الفصل 509 من ق.ج … ؛
قبل ختم هذا المقال الأمني ، وددت الإشارة إلى السرقات بيد مسلحة التي ترتكب أثناء التظاهرات الرياضية .
” الرياضة هي الشغب كذلك ، حيث القدر الكبير من الطاقات يتم تصريفه في الحماقة ” جان ديون ‘ صحافي رياضي كندي ‘ .
الفصل 508 من مجموعة القانون الجنائي : السرقات التي ترتكب في الطرق العمومية ، أو ناقلات تستعمل لنقل الأشخاص…؛ أو في نطاق السكك الحديدية أو المحطات أو الموانئ أو المطارات … ؛ يعاقب عليها بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة .
” من الفرجة إلى الشغب إلى السجن ”
حيث كثر في الآونة الأخيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي ، ) facebook , Instagram , Tiktok… ) ، عن أحكام قضائية قاسية على مشجعين أحداث وشباب في مقتبل العمر ، مفاد هذا الحديث ” الفصل 507 مقبرة الشباب ” ، كونهم أدينوا بعقوبات جنائية قاسية جدا .
إن الجواب هو إذا ذهبت للفرجة ، فذهب من أجل الفرحة و المتعة و الاستمتاع بفريقك المفضل ، وليس من أجل إثارة أثناء التظاهرة الرياضية وفي محيطها ، واحمل بين يديك ” شعار فريقك وقنينة ماء صالحة للشرب وفواكه جافة ” ، لا أن تحمل في جيوب سرولك و في قبعتك وتجاويف جسمك ” الأسلحة الحادة بمختلف تشكيلاتها وترتكب السرقة و العنف بواسطتها .
فالضحية الأكبر عند اعتقالك هي أمك أولا وأبيك وعائلتك الصغيرة ، أما فريقك المفضل سيصاول مسيرته في الانتدابات و البيع و الشراء في لاعبيه وسيواصل سلسلة هزائمه أو انتصاراته ، وأنت سوف تجد نفسك بمقر الغرف الأمنية تمهيدا لصدور قرار إيداعك إلى المؤسسة السجنية أو مركز من مراكز التهذيب و الإصلاح لتنال الجزاء القانوني المناسب كجواب عن أفعالك المخالفة للقانون ، وعندها سوف تشاهد مباراة فريقك المفضل على التلفاز الموجود في جناح اعتقالك ، وعندها ستشاهد المباراة باحترام وثبات لأنك موجود داخل مؤسسة لها ضوابط وقانون خاص بها ، بالإضافة إلى ذلك ملزم عليك احترام زملائك المعتقلين معك في الغرفة .