إذا كان من الواجب على الدولة توفير الحق و السهر على تسليمه للمواطن فوق المنهاج القانوني ،المسطر لذلك ،فإنه من العبث بالحق تحويل الحق إلى جريمة و إضفاء الصبغة اللاشرعية للعمل المشروع و تكييفه إلى فعل جرمي.
من البديهي و المعلوم في الأدبيات السياسية الديموقراطية أن الانتقال الديموقراطي التدريجي يأتي من التطور النضالي للمواطن كمطالب إجتماعية و سياسية في إطار قالب تغييري لمواقع اجتماعية تسلم اللعبة التي تخرج بمخرجات ،و تلك المخرجات تجسد مدى الانتقال الديموقراطي ،لذا فان الفكر السياسي ضل حبيس تقييم المبادرة السياسية بالفعل السياسي من حيث التطبيق الشيء الذي خلق نوعا من النمطية في التغيير او على حد تعبير علماء السياسة بالنمطية في التغيير في إطار حلزوني .
لقد عرف المغرب و مدن الحماية محاولات تطويرية من أجل التغيير و لعل تاريخ المستشرقين أقرب الحقيقة مما هو معروف في الأدبيات التاريخية المحلية والوطنية إذ كان كله حركات نالت إعجاب المفكر المستعمر قبل إزعاجه إلا أن الخط النضالي والسياسي الداخلي و كذا الغضروف الخارجي كان له تأثير في تحقيق النتائج ،لربما أن مفكري التصور و التغيير للمغرب آنذاك لم يكن يعي للمستقبل أو على الأقل أن الواقع آنذاك كان يحول دون تحقيق الأهداف المنشودة ،لكن فإن الدارس للحقل السياسي المغربي اليوم تحرر من الوضع الدولي لكنه ظل حبيس النمطية الداخلية ،إذ أعتقد الساسة أن النظام المخزني قد أصبح متجاوز لكن لازال ظاهرا من خلال الممارسة و إن كان اقتصاديا مازال بفعل التغيرات الدولية وما صاحبها من حرية إقتصادية و حرية المبادرة فإن الأنظمة العربية ظلت عاجزة عن التغيير و عيا منها للحفاظ على النظام القائم رغم تغير النظام الدولي وانتهاء القطبية الثنائية و انتهاء الحرب الباردة ،لكن الشعوب لا مست ألم الأحادية القطبية ،من خلال الهوة الطبقية و الفرق والوضع الاجتماعي و انهيار الطبقة الوسطى و إن كان من المخجل تصنيفها في الطبقة البرجوازية .
بالنسبة للمغرب ما دام الحراك الاجتماعي وإن كان يصفه البعض من علماء الاجتماع بالحرام العشري إذ كل عشر أو عشرين سنة نرى حركات اجتماعية يستجيب لها النظام السياسي في شخص الملك لكن المنظومة السياسية تفسر عن سلطة تنفيذية غير قادرة على تنزيل الإصلاح ،و من معوقات ذلك النظام النخبوي و الانتخابي وغياب التاطير السياسي للاحزاب التي أصبحت تشكل مقاولات لاصاحبها لذلك نجد أن المؤسسة الملكية فقدت الثقة فيها من خلال الممارسة و كذلك خطاب العرش 2017 .
لذلك يمكن القول أن المغرب أمام مفترق الطرق بين إعادة النظر في النظام الانتخابي من جهة أو البقاء مع نظام نخبوي عاجز عن تنزيل إصلاح حقيقي .
تتمة….
الدولة بين قيمة الحق و مطلب الشعب

كتبه Aziz Benhrimida كتب في 9 سبتمبر، 2017 - 2:47 صباحًا
مقالات ذات صلة
12 ديسمبر، 2025
حين تصبح الحقيقة جريمة: لماذا يهاجمون كل من ينصف أهل الرشيد؟
بقلم:ذ. عبد القادر برهوما تعرّضت في الأيام الأخيرة لوابل من الهجومات غير المبررة على خلفية نشر مقال تناول المشاركة المتميزة [...]
11 ديسمبر، 2025
الفاعل السياسي مقابل المقعد الصامت: حسن الشاديلي يحرك الملفات، وصلاح الدين أبو الغالي يغلق باب الرقابة
يعتبر الأداء البرلماني أحد الركائز الأساسية للممارسة الديمقراطية، باعتباره الأداة الدستورية التي تجسد تمثيلية المواطنين داخل المؤسسة التشريعية، وتضمن مراقبة [...]
10 ديسمبر، 2025
محمد أمين ترابي… خريج «الأخوين» الذي أعاد إلى مؤسسته روح المبادرة، وفتح أمامها آفاقاً جديدة بتدبير حديث ورؤية اجتماعية رصينة.
بقلم رشيد حبيل. يقول ونستون تشرشل: «إنّ مستقبل كل مؤسسة يُبنى حين يتقدّم أشخاص يملكون الشجاعة ليفعلوا ما هو صائب، [...]
10 ديسمبر، 2025
العقوبات البديلة وعقلنة تدابير الاعتقال الاحتياطي: رؤية حديثة للسياسة الجنائية المغربية
يشهد التشريع الجنائي المغربي تحولا نوعيا يعكس تبنّي رؤية حديثة لمنظومة العدالة الجنائية، تقوم على اعتماد العقوبات البديلة باعتبارها آليات [...]
