الرئيسية أحداث المجتمع الدار البيضاء:الثلوث بين الواقع والممكن

الدار البيضاء:الثلوث بين الواقع والممكن

33 940608091.jpg
كتبه كتب في 5 مايو، 2018 - 1:51 مساءً

 

صوت العدالة – هيئة التحرير/الدار البيضاء

 

الدار البيضاء ، كبرى مدن المغرب، والعاصمة الاقتصادية للمملكة،تعرف اكتظاظا سكانيا كبيرا،وانتشار لأحزمة الشركات الصناعية بشكل غير مدروس،ما يتسبب في تلوث البيئة وتفشي أمراض خطيرة،حيث وصل عدد سكانها حسب إحصائيات 2014 الى 4 ملايين و270 ألف و750 نسمة من بينهم 28 ألف و161 أجنبيا، أي 12.6% من الساكنة الاجمالية للمملكة.

كما تعرف العاصمة الاقتصادية اكتظاظا خطيرا للعربات،حيث تتجاوز حركة السير 35 ألآف سيارة يوميا بمدار الدار البيضاء لوحده، حسب معلومات عن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب.فيما تفيد إحصائيات ولاية الدار البيضاء الكبرى أن الحظيرة تصل لأكثر من 600 ألف سيارة أي ما نسبته 36 % على الصعيد الوطني. 80 % منها يستعمل وقودا يحتوي على الرصاص وديوكسيد الكبريت.

كما يناهز النشاط الاقتصادي المكثف بالمدينة ونواحيها 50% من النشاط الصناعي بالمغرب.

هذا الضغط الخطير على المدينة،ييؤدي حسب وحدة قياس التلوث الصناعي الى تلوث الهواء بنسبة 100% ميكروكرام في المتر المكعب،في حين أن القياس المعتمد من الاتحاد الأوربي لا يتجاوز 40% في أقصى الأحوال.

والأمراض المنتشرة بالمدينة حسب مصادر طبية : ضيق التنفس،الربو،سرطان الرئة،اضطرابات التنفس،أمراض الأنف،الحساسية. وتؤكد الدكتورة زبيدة عبادي بهذا الخصوص وهي طبيبة الأمراض الصدرية، أن سكان الدار البيضاء معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض التنفس،نتيجة تلوث الهواء، إذا تضم هذه المدينة نحو 20 %من المصابين بتلك الأمراض و37% بأمراض حساسية الأنف و 16% من المصابين بالربو.

ورغم خطورة الوضع، فإن المسؤولين المحليين بالعاصمة الاقتصادية  يرون أن في الأمر مبالغة، ويعتمدون في هذا على التقارير الأسبوعية الخاصة بمراقبة حالة الهواء، التي تؤكد حسب تصريحاتهم أن مستوى مادة “ديوكسيد الكبريت” تظل دون الحد العالمي، الذي صادقت عليه منظمة الصحة العالمية.

السؤال المطروح بعد هذا الواقع المؤلم، هو هل هناك من مخارج آمنة للتقليل من مخاطر هذا التلوث القاتل؟ وما هي الحلول الممكنة للتقليل من آثاره؟

أجزمت مجموعة من الدراسات ، أن هناك سبل للتقليل  من التلوث الهوائي من خلال اتباع العديد من الأمور، ومن أهمها:
– أن تحد المدينة من انبعاثات المركبات، ويمكن القيام بذلك من خلال تطبيق معايير عالية لانبعاثات الغاز، وتقليل استخدام الكربون الأسود والملوثات الأخرى كالوقود الأحفوري، الذي من شأنه أن يخفف من الأمراض التي يسببها التلوث الهوائي.
 – زيادة الاستثمارات التي تعطي الأولوية للنقل السريع مثل القطارات والحافلات والدراجات، والتي تعتبر ذات فوائد كبيرة للحد من المخاطر الصحية لتلوث الهواء.
– تشجيع السكان على زيادة استهلاك الأغذية النباتية والتقليل من استهلاك الأغذية الحيوانية، والتي ترتبط بانبعاث غاز الميثان، والذي يعتبر ملوثاً للهواء.
– توفير بدائل نظيفة للوقود، والذي يعتمد في المقام الأول على الخشب أو روث الحيوانات للتدفئة والطهي، وبالتالي يساعد على تقليل الأمراض المرتبطة بالتلوث الهوائي.
– الحد من التلوث الناتج عن الصناعة.
وللدولة  دور كبير في التقليل من التلوث الصناعي بالبيضاء، ويمكن تلخيص دورها في النقاط الآتية:
– تقليل استهلاك المنتجات الملوِّثة، ومعالجة النفايات، حيث قامت العديد من الدول مثل الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة وغيرها، بتنفيذ أنظمة تساعد على معالجة المياه من المواد الكيميائية المستخدمة في الصناعة، حيث قامت هذه الأنظمة بالنظر في استخدامات الفطريات والميكروبات في تنظيف المياه من المركبات العضوية والمعادن الثقيلة، بينما تفتقر العديد من الدول النامية لمثل هذه الإجراءات والطرق التي تساهم في معالجة المياه، ولذلك فالمياه في هذه البلدان أكثر سمية بسبب التلوث الصناعي، وبسبب القيود البيئية القليلة التي تتبعها هذه الدول.
– تنمية الوعي العام بمسائل التلوث.
– يتعين على الحكومات فرض الضرائب على الأشخاص الذين يسببون التلوث.
– الحد من التلوث المائي يمكن الحد من التلوث المائي من خلال عدة طرق، ومن أهمها: تحسين النظافة الشخصية والصرف الصحي، ويمكن القيام بذلك من خلال إتاحة الوصول للمراحيض العامة التي توفر التصريف السليم للفضلات، والتوقف عن القيام بتصفية الفضلات الصحية بطرق غير مناسبة.مع تحسين استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية الزراعية، حيث تسبب هذه المبيدات التلوث للمياه الجوفية والسطحية، بسبب ترسبات النيتروجين وزيادة حموضة الماء، والتي تؤدي لظهور تهديد خطير على النظم المائية والبرية وإمدادات المياه العامة، ويمكن الحد من هذه الملوثات من خلال العديد من الإجراءات العلاجية والتي تم اعتمادها من قبل العديد من الدول، وذلك من خلال منع ومراقبة وتقليل الآثار التي تضر المياه، بالإضافة إلى إصدار اللوائح والتشريعات الدولية التي تقر السياسات الزراعية والأدوات التي يمكن استخدامها للحد من تلوث الماء.
–  الإدارة الجيدة للمخلفات الصلبة يمكن التقليل من الملوثات الناتجة من النفايات الصلبة من خلال الإدارة الجيدة للمخلفات، ويمكن ذلك من خلال الخطوات الآتية:
– التقليل من المخلفات: لا بد من تقليل إنتاج النفايات الصلبة من خلال استخدام المواد الخام في التصنيع بدلاً منها، وتغيير التكنولوجيا المستخدمة في تصنيع المواد.
– إعادة الاستخدام: استخدام العنصر لأكثر من مرة، فعلى سبيل المثال يمكن إعادة استخدام عبوات الماء البلاستيكية أكثر من مرة.
– إعادة التدوير: أي إعادة استخدام وتدوير المواد وتحويلها إلى مواد خام من أجل إعادة تصنيعها.
هذه مجموعة من الاقتراحات، تراها بعض الدراسات قادرة على الحد من التلوث، كما قالت أنها يمكن اعتمادها في مدينة من حجم الدار البيضاء، فقط تنهي الدراسة أن تكون هناك إرادة سياسية للمسؤولين عن تدبير الشأن  العام المحلي وكذا تصور طويل الأمد للدولة.

مشاركة