الرئيسية آراء وأقلام الحودي يوحنا …

الحودي يوحنا …

Capture décran 2020 08 12 à 21.21.44
كتبه كتب في 12 أغسطس، 2020 - 9:22 مساءً


جلس الحودي يوحنا بالقرب من فرسه محدقا شاخصا بعيون الدجی، مصغيا لحفيف الأجنحة غير المنظورة، مستسلما امام مخاوف الظلام، ساخرا من الليل، باكيا لبكاء الساهرين، مبتسما لابتسامة العشاق، وفي نفسه المظلمة احلام وردية ينثرها الوجد عند المساء، وتلتقطها الهواجس عندما ينبلج الليل ويتسلل ضوء الفجر بين شقوق الكوخ الذي كان باویه يستيقظ في الصباح، فينظر من النافذة فيرى العالم مستترا، مكتنفا بالضباب، محجوبا بالسكوت، معطرا برائحة الياسمين، فيهز راسه الى السماء وفي نفسه سكينة تبيح بمفاعيلها سرائر المحبين، وحول راسه غلاف من الأسرار لايسمعها الا ريح الشمال.

و كان يوحنا في الستين من عمره عندما ترك العالم ومافيه، وجاء ليعيش وحيدا صامتا في كوخ مظلم منعزل قائم على طول الطريق المؤدية إلى شمال لبنان ، كانت عيناه تشع بالأمل، وكانت روحه تفيض بالاحزان، وكانت تقاسيم وجهه تعبر عن ماساة رجل فقير لايملك لنفسه من نفسه شيئا . يستيقظ في الصباح فيرى الحزن رابضا بجانب مضجعه، فيغادر الكوخ ويجلس بجانب فرسه ليزيح نقاب الملل عن بصيرته بفنجان من البابونج الساخن، فيتبعه الحزن وينتصب امامه من جديد ، فيعلو هذه المرة عربته، ويلوح بالسوط بحكم العادة ، فتنطلق الفرس الى حيث هو لايعلم . وعندما يجيء المساء، يعود ويضطجع على فراشه المصنوع من الصوف ، فتراوده افكار غريبة وتنتابه ميول مزعجة، وحين ينتصف الليل يجلس بالقرب من النافذة، يحدق الى السماء كانه يحاول معرفة ما يجري في عنانها…

يتبع


ت : هشام ايتوفقير

مشاركة