الرئيسية أحداث المجتمع الجالية المغربية: القوة الخفية التي تبني اقتصاد المغرب ومستقبله في المهجر.

الجالية المغربية: القوة الخفية التي تبني اقتصاد المغرب ومستقبله في المهجر.

IMG 20250311 WA0053
كتبه كتب في 11 مارس، 2025 - 3:02 مساءً


صوت العدالة- معاذ فاروق

انطلاقًا من مقال الأستاذ رضوان أبو الهدى حول “الجالية المغربية لبنة اقتصادية اجتماعية: تضحيات وإسهامات”، تُظهر الجالية المغربية في الخارج دورًا محوريًا يتجاوز البعد الاقتصادي ليشمل أبعادًا اجتماعية وثقافية وسياسية هامة. إذ تُعد هذه الجالية امتدادًا جغرافيًا وثقافيًا واجتماعيًا للمغرب، حيث تمثل رابطًا حيًا بين الوطن الأم ومجتمعات المهجر. في هذا التحليل، سنغوص في أبعاد هذا الموضوع بشكل تفصيلي ودقيق، مع إضافة لغة الأرقام لتوضيح دور الجالية المغربية في دعم الاقتصاد الوطني.تعود بداية الهجرة المغربية إلى ما بعد الاستقلال، حيث كانت الهجرة، في البداية، ناتجة عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، خاصة في المناطق الريفية، التي كانت تعاني من الفقر المدقع والبطالة المستشرية. مع مرور الزمن، تطور هذا الاتجاه ليشمل شرائح أوسع من المجتمع المغربي، بدءًا من العمال إلى الشباب المتعلمين الباحثين عن فرص في الخارج. الأرقام تظهر أن 5 ملايين مغربي يعيشون في الخارج اليوم، وهو ما يمثل حوالي 15% من إجمالي سكان المغرب. هذا الرقم يعكس الحجم الكبير لهذه الجالية التي تعتبر حجر الزاوية في العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب.الهجرة ليست فقط حلاً للأفراد، بل أيضًا عامل حاسم في الاقتصاد المغربي من خلال تحويلات المغتربين. وفقًا للإحصائيات الرسمية، تقدر التحويلات المالية للمغتربين بحوالي 7.5 مليار دولار سنويًا. هذه الأموال تمثل أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، مما يجعلها أحد المصادر الأساسية للعملة الصعبة. التحويلات ليست مجرد دعم مالي للأسر، بل هي بمثابة آلية رئيسية لتحقيق استقرار العملة الوطنية وتسهيل تمويل العديد من القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، والعقارات. وتساهم هذه التحويلات بشكل مباشر في رفع مستوى الاستهلاك المحلي، حيث يزداد الطلب على السلع والخدمات بنسبة كبيرة نتيجة لهذه التحويلات المالية.إضافة إلى التحويلات، تُساهم الجالية المغربية في الخارج بشكل فاعل في مشروعات استثمارية ضخمة. أرقام تشير إلى أن الاستثمارات المباشرة من مغاربة الخارج تمثل حوالي 10% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب، بما يعادل أكثر من 1 مليار دولار سنويًا. هذه الاستثمارات ليست محصورة في القطاعات العقارية، بل تمتد أيضًا إلى الصناعة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، مما يعزز من قدرة الاقتصاد المغربي على جذب الاستثمارات الدولية وتحقيق “التنمية المستدامة”. وفي السنوات الأخيرة، أصبحنا نرى مغاربة العالم يساهمون في مشروعات اقتصادية كبيرة، مثل القطب المالي في الدار البيضاء، الذي يسعى المغرب من خلاله إلى تعزيز موقعه كوجهة استثمارية في منطقة شمال أفريقيا.ومن جهة أخرى، تظهر أرقام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن 40% من المغتربين في أوروبا يساهمون في تمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة في المغرب، حيث قام العديد منهم بإنشاء شركات محلية تساهم في توظيف الشباب وتحقيق التنمية الاقتصادية المحلية. هذا الدور لا يقتصر على الجوانب المالية فقط، بل يمتد إلى جوانب اجتماعية وثقافية، حيث يحافظ مغاربة العالم على هويتهم الثقافية ويُساهمون في نشر الثقافة المغربية في مجتمعات المهجر.
إلا أن التحديات تبقى قائمة، خاصة فيما يتعلق بنقص الدعم الحكومي لهذه الجالية. فبالرغم من أن مغاربة العالم يمثلون قوة اقتصادية كبرى، إلا أن السياسات الحكومية لم تُفعّل بشكل كافٍ للاستفادة من هذه الإمكانيات. بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، إذا تمكّن المغرب من تحفيز مغتربيه للاستثمار في مشاريع تنموية حيوية، يمكن أن يرتفع إجمالي التحويلات المالية بمقدار 20% سنويًا، مما سيساهم بشكل كبير في تحقيق “الاستقرار الاقتصادي” و”الاستدامة الاجتماعية” على المدى الطويل.كما أن المغرب يُمكنه أن يستفيد من تعزيز “نقل التكنولوجيا” من مغاربة العالم، حيث يمتلك العديد منهم خبرات في مجالات عالية التقنية مثل البرمجة، الهندسة، والطاقة المتجددة. يُظهر تقرير وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن 15% من المغتربين المغاربة في أوروبا يعملون في مجالات تكنولوجية متقدمة، مما يُتيح فرصًا كبيرة للاستفادة من هذا الرأسمال البشري.
في الختام، لا يمكن إغفال أهمية الجالية المغربية في الخارج، سواء من خلال التحويلات المالية التي تُعد مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، أو من خلال استثماراتهم التي تدعم الاقتصاد الوطني. هذه الجالية تمثل امتدادًا جغرافيًا وثقافيًا للمغرب، وتستطيع من خلال التعاون مع الحكومة المغربية أن تساهم بشكل أكبر في “تحقيق التنمية المستدامة” و”تحفيز النمو الاقتصادي” في البلاد. إذا استطاع المغرب توفير بيئة أكثر دعمًا، مع تحفيز سياسات متكاملة لجذب استثمارات المغتربين، يمكن أن يحقق البلد قفزات كبيرة في نموه الاقتصادي والاجتماعي

مشاركة