وجدة – انس خالد/ صوت العدالة
اهتزت الساحة السياسية بوجدة على وقع قرار غير مسبوق اتخذته الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الشرق، والقاضي بحل الأمانة الإقليمية للحزب بعمالة وجدة أنجاد، التي كانت تقودها خديجة الدويري، عضو مجلس جهة الشرق. القرار الذي وُصف بـ”الجريء” من طرف بعض المنتمين للحزب، و”التعسفي” من طرف الأمينة الإقليمية المقالة، أعاد إلى الواجهة مشهد الانقسامات الداخلية التي ظلت تطارد “الجرار” مع كل محطة انتخابية.
بحسب معطيات حصلت عليها صوت العدالة من مصدر مطلع داخل الأمانة الجهوية، فإن الأخيرة توصلت بعريضة موقعة من أعضاء الأمانة الإقليمية نفسها، تطالب بفتح نقاش حول طريقة تدبير المرحلة. وبعد نقاش مطوّل، استعرض خلاله الأعضاء ما اعتبروه “مخالفات وتجاوزات” منسوبة للأمينة الإقليمية، تم اللجوء إلى مقتضيات القانون الأساسي للحزب، ولا سيما المواد 53 و54 و55 و61، للبت في الموضوع.
وأكد المصدر ذاته أن المجتمعين سجلوا “ضعف الأداء الحزبي بوجدة، غياب الإشعاع الميداني، وعدم احترام قوانين الحزب وميثاقه الأخلاقي”، ليتم الاتفاق بالإجماع على حل الأمانة الإقليمية وتعيين لجنة مؤقتة لتدبير المرحلة.
في المقابل، لم تتأخر خديجة الدويري في الرد على القرار، معتبرة إياه “باطلاً وغير قانوني”. وقالت في تصريح للجريدة:
“لم أتسلم أي قرار رسمي إلى حدود الساعة، وما يروج مجرد محاولة لتصريف صراعات شخصية على حساب الحزب”.
وأضافت:
“إن كانت هناك أمانة إقليمية تشتغل بجد واجتهاد فهي أمانة وجدة، لكن يبدو أن هناك أطرافاً داخل الحزب تخوض ضدي حرباً معلنة، استعداداً للاستحقاقات الانتخابية المقبلة”.
وأكدت الدويري أنها ستلجأ إلى القضاء للطعن في القرار، معبرة عن ثقتها في “نزاهة القضاء المغربي لإنصافها”.
هذا التطور الدراماتيكي يضع حزب الأصالة والمعاصرة بوجدة على صفيح ساخن، في ظرفية سياسية دقيقة يطبعها الاستعداد للانتخابات المقبلة. مراقبون للشأن الحزبي اعتبروا أن القرار “قد يعمّق الشرخ التنظيمي داخل الجرار بوجدة”، خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة بين قيادات الحزب محلياً وجهوياً.
ويرى آخرون أن المشهد “ليس سوى انعكاساً لأزمة ثقة بنيوية” يعيشها الحزب على الصعيد الوطني، حيث تتكرر الانقسامات والانشقاقات كلما اقتربت محطة انتخابية حاسمة، مما قد يضعف من قدرة الحزب على المنافسة الميدانية.
القرار بقدر ما أظهره كخطوة لتصحيح المسار من منظور الأمانة الجهوية، فإنه فتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من الجدل القانوني والسياسي. فهل سينجح “الجرار” في لملمة شتاته قبل معركة صناديق الاقتراع؟ أم أن أزماته الداخلية ستعجّل بخسارة جديدة في واحدة من أكثر المدن رمزية بالجهة الشرقية؟
أسئلة تبقى مفتوحة، بينما يترقب الرأي العام المحلي ما ستؤول إليه “المعركة الداخلية” التي لا تقل سخونة عن أي مواجهة انتخابية مرتقبة.

