حاوره: عبد السلام العزاوي
تفاجا مجموعة من اباء وامهات واولياء تلاميذ، احدى مؤسسات التعليم الخصوصي بطنجة، بداية شهر ماي المنصرم، باتخاذ مدير المدرسة، قرار قطع الدراسة عن بعد، عن ابنائهم وبناتهم، بحجة عدم اداء مستحقات شهر ابريل.
لذللك استضفنا الاستاذ يوسف امعزوز، المحامي بهيئة طنجة، في حوار خاص، تطرقنا فيه، للعلاقة المؤطرة بين مؤسسات التعليم الخصوصي، واباء وامهات واولياء امور التلاميذ، ومدى التزام المدارس الخصوصية بتعهداتها امام التلاميذ وااولياء امورهم، في ظل جائحة كورونا؟ وكذا امكانية مراجعة العقد الجامع بين الطرفين، في ظل الاوضاع الحالية، المترتبة عن تداعيات الجائحة.
بداية قربنا من العلاقة المؤطرة بين اباء وامهات واولياء امور التلاميذ والمدارس الخصوصية؟
في البداية لابد من توضيح العلاقة التي تجمع بين كل من آباء وامهات و أولياء أمور التلاميذ من جهة، و المدارس الخصوصية من جهة ثانية، فهذه العلاقة مؤطرة بواسطة نصوص قانون الالتزامات و العقود، و كذلك القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، لاسيما المادة الرابعة و كذلك الفقرة الثانية من المادة الثامنة منه.
فبالرجوع إلى المقتضيات المذكورة نجد أنه يلتزم الأب أو ولي أمر التلميذ، بأداء الأقساط الشهرية، حسب ما هو متفق عليه، بالمقابل تلتزم المدرسة الخصوصية، بتلقين التلميذ و تأهيله لاجتياز نفس الامتحانات المنظمة من طرف الإدارة التربوية لفائدة تلاميذ التعليم العمومي، عند نهاية كل سلك تعليمي.
وعندما أتحدث عن التلقين و التأهيل لاجتياز الامتحانات المتحدث عنها يجدر بي التوضيح، بأن العملية التعليمية، تشمل تلقين التلميذ الدروس النظرية، التي يتلقاها يوميا من الإثنين إلى الجمعة، و بمعدل يومي يتراوح بين سبع ساعات إلى ثمان ساعات في اليوم.
كما أن هذه الساعات تتخللها دروسا توجيهية و تطبيقية داخل المختبرات المدرسية، بالنسبة للمواد العلمية ، فضلا عن بعض الحصص الرياضية داخل الملاعب المدرسية المخصصة لذلك ، وكذا الأنشطة الترفيهية الأخرى المصاحبة، و التي عادة ما تكون لها انعكاسات إيجابية على الصحة النفسية للتلاميذ.
في ظل الاوضاع التي يعيش على وقعها المغرب والعالم ككل بسبب تفشي وباء كورونا، هل استطاعت الاستاذ يوسف امعزوز بصفتكم محامي بهيئة طنجة، مدارس التعليم الخصوصي الوفاء بالتزاماتها كاملة، تجاه التلاميذ واولياء اومورهم ؟
لا يمكن أن يختلف اثنان أنه في ظل الأوضاع التي تعيشه بلادنا كباقي دول العالم و المرتبطة بجائحة فيروس كورونا – كوفيد 19 – التي أدت إلى تعطل مجموعة من القطاعات بالبلاد ، و أمام قرار وزارة التعليم خلال أواسط شهر مارس بتوقف الدراسة حضوريا ابتداء من تاريخ 16 مارس 2020 حتى إشعار آخر، أصبحت المؤسسات التعليمية المغربية، و من ضمنها المدارس الخصوصية، غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها كاملة، و بالتالي تقلصت مدة التلقين إلى ساعتين أو ثلاث ساعات بالنسبة للمدارس التي لجأت إلى استعمال بعض التطبيقات، في حين اكتفت المدارس الأخرى، فقط بإرسال بعض الرسائل النصية عبر الهواتف، تتضمن صور من المقررات التي يتوفر عليها التلميذ بالأصل، و دون مصاحبة لشرح أو تلقين ما تم إرساله، مما شكل عبئا على الأسر في محاولة تلقين أبنائهم بنفسهم، بالرغم من افتقادهم للأساليب البيداغوجية الضرورية، فأصبح كل من الأب و الأم يحل محل المدرس في العملية التعليمية في زمن زمن كورونا.
دون اغفال الانخفاض الواضح في الخدمات، و التي كانت تتحملها المدارس الخصوصية، بحكم التلميذ لم يعد يستفيد من كامل دروسه النظرية، ومن الدروس التطبيقية، التي تقتضي توفر مختبرات مدرسية و أدوات لذلك، لم يعد يستفيد من الحصص الرياضية، وكذا حضور المعلم و ما يصاحبه من التأثير النفسي على سلوكيات التلميذ داخل الحصة المدرسية، كل هذه الأشياء لم تعد متاحة، و لم تعد المدرسة تقدمها للتلميذ.
بحكم الخدمة التي كان يفترض أن تقدمها المؤسسة المدرسية للتلميذ، مقابل قسط شهري معين، و بذلك تخلف المدارس الخصوصية في الوفاء بالتزاماتها المتعاقد عليها بشكل كامل، من هذا المنطلق في اعتقادي الشخصي أنه أمام استحالة تقديم الخدمة كاملة، تصبح المدرسة الخصوصية غير محقة في المطالبة بكامل واجبات التمدرس.
واستحضر هنا المادة 235 من قانون الالتزامات و العقود، التي تنص على أنه يحق لكل متعاقد في العقود الملزمة للطرفين أن يمتنع عن القيام بالتزامه إلى أن يؤدي المتعاقد الثاني بكامل التزامه.
مما وضع المدارس الخصوصية، في وضعية يصعب معه الوفاء ، و بالتالي أحقية الآباء في التوقف عن سداد أقساط التمدرس.
هل يحق للطرفين في هاته الحالة مراجعة العقد الجامع بينهما ؟
وحتى أكون منصفا للطرفين، أرى أنه من الأجدر و الأفيد للطرفين الاتفاق على مراجعة العقدة الرابطة بينهما في هذه المرحلة، بشكل يتم تخفيض تلك الأقساط إلى الحد المعقول، و الذي يتناسب مع ما تم تقديمه للتلاميذ بواسطة التعليم عن بعد.
هل يحق لمؤسسات التعليم الخصوصي، توقيف الدراسة عن بعد في زمن كورونا، ، في حالة عدم اداء الاقساط الشهرية ؟
كما قلت التعليم هو حق للتلميذ، و لا يحق لأي جهة أن توقفه تحت أي ذريعة كانت، و لو كان ذلك بسبب عدم أداء الأقساط الشهرية ، فحق التلميذ في التعليم هو حق كوني و دستوري، فلا يمكن الاعتداء عليه، إنما يحق للجهة المتضررة في هذه الحالة، اللجوء إلى القضاء، من أجل استخلاص ديونها و ما بذمة ولي أمر التلميذ.
ونفس الامر يتعلق، في حالة امتناع إدارة المؤسسة، من تمكين ولي أمر التلميذ ، من شهادة المغادرة، عند رغبته في تغيير المؤسسة، لأن ذلك قد يتسبب في حرمان التلميذ من فقدان الفرصة في التسجيل بمؤسسة أخرى ، و إنما يبقى من حق المؤسسة اللجوء إلى القضاء، قصد إلزام المدين بالوفاء بالتزامه و للإشارة هناك أحكام و اجتهادات في هذا الأمر.