بقلم الدكتور …سدي علي ماءالعينين ،اكادير،شتنبر2024.
هل يدرك المغاربة ان هواتفهم وهي تنقل مشاهد معزولة وطارئة وقعت ببلادنا ،لا تنقلها الى المغاربة فحسب بل الى العالم أجمع ، و من لا يدرك عواقب هذا الإنتشار خارج الحدود فمؤكد انه غير واع بسلوكه.
لا يمكن تكميم الافواه ،ولا يمكن محاصرة الإبداع ولا يمكن مصادرة الحق في التعبير ، كل هذا لا اختلاف فيه ،ولكن هل تجرأ ان تصور خلافا نشب بين اخوين في منزل الاسرة وتنشره للعموم ؟
ولو كان الداعي هو ابراز شكل من اشكال الظواهر التي تنخر الاسرة المغربية ؟
هذا من جهة اما الحالة الأطم ،هي نقل صور غير حقيقية عن بلادنا للعالم عبر التشخيص .
في حقيقة الامر إن هناك إبداعات مسيئة لصورة بلادنا ،وتنقل عنا للعالم صورا لا تعكس حقيقة بلادنا او لنقل لا يمكن تعميمها على بلادنا .
مناسبة هذا الكلام ، ما تم به إغراق اليوتوب من افلام “فكاهية” بحمولة تبخيسية تخص الإحصاء العام للسكان و السكنى .
لا اريد دغدغة المشاعر و تكرار اسطوانة الإساءة لرجل التعليم في الهيئات و التعابير التي قدم بها .
ولا اريد ان اتحدث عن الرسائل السياسية التي يتم تمريرها للطعن في عملية الإحصاء ،
لكنني ساركز على جانب توظيف شخوص وكأنها من صلب المجتمع ،مثل المستجوب الذي كان يرد على الاسئلة وهو يدخل الى البيت لضرب زوجته ، مع سبها وشتمها ،ناهيك عن اجوبة تجعل التعدد وكانه غير محدود ولا مضبوط ، وزد على ذلك الطمع عند المغاربة في المال و السكن الإعانة …
لا وجود حسب ما إطلعت عليه لأي شريط تشخيصي بادر به اي صانع محتوى ليبرز اهمية الإحصاء ، مع تسجيل وجود برامج توضح مساطر الاحصاء بشكل جيد .
مؤكد هناك فرق بين الفكاهة و السخرية ، و كل هذه الفيديوهات كل ما تقوم به هو السخرية من الإحصاء عبر وقائع مفترضة تختزل رؤية الممثل و المصور وتمثلهم للشخصية المغربية ، وهذا هو جوهر الإشكال .
لا يمكن ان يكون الفن إنتقائيا و يجعل من الإثارة و التبخيس و التنمر و التشهير و التدليس مادة مرجعية في إبداعه ، وإلا فإنه يبتعد عن قيم الفن الناشر للوعي ليتحول الى معول للهدم .
المغاربة اهل جود وكرم ، وعملية الإحصاء تنجزها أجهزة الدولة مع الإستعانة برجل الإحصاء ، فالشيوخ والاعوان والعرفات كلهم في قلب عملية دقيقة لتسهيل مهمة رجل الإحصاء و ضمان نجاحه ليشمل الإحصاء كافة الساكنة .
المغاربة سيشاركون كعادتهم في إنجاح هذا المشروع الوطني طيلة هذا الشهر ،ورغم التخويف و التشويش و التبخيس ،فإن المغاربة يستأنسون بتلك الفيديوهات ويعتبرونها من عادات المغاربة في كل المحطات والمناسبات ولا يخص الامر الإحصاء لوحده .
وحتى ما اشرنا اليه من تشويه هذه الفيديوهات لصورة المغرب بالخارج ،يتحمسون لفكرة ان الامانة تقتضي ان يعرف السائح عيوبنا ومزايانا ،الجميل في وطننا و القبيح الذي لا يقلل من قيمة وطننا ،
وعلى من يزعجه هذا الامر ان يصححه ويزيله .
كل هذا كلام جميل ،ولكن لماذا في فيديوهات الإحصاء نختزل المغاربة وكانهم من العصر الحجري ولا يعلمون حتى معنى الإحصاء ،مع انه الإحصاء السابع في تاريخ المغرب !!
لماذا نلبس المواطنين صفات الجهل والامية ،ونلبس الرجل لباس “سي السيد” المتجبر ؟
و نضع المرأة في موقع المغلوب على امرها و اخريات “جلواقات”يتهجمن على رجل الإحصاء بشكل يقلل من عفة المرأة ؟
نعم للإبداع ،و مرحبا بالإمتاع ،ولكن ما قيمة الإبداع إن هو يشوه و يبخس و يشهر و يدنس ، وكل ذلك تحت يافطة الإبداع ؟!!!!
لنعد حساباتنا ،حتى لا نكون في عيون العالم كما يصورنا معتوه او جاهل ملفوف في لباس الفن .
ولنبادر جميعنا من اجل انجاح هذا الورش الوطني و نساهم في تعبئة المواطنين و إقناع المترددين ،ومساعدة رجال الإحصاء بحسن الإستقبال والضيافة والصدق في المعلومة .
فهل تعتبرون ؟