أحجمت كثيرا عن الخوض في موضوع الاعتداء الذي تعرض له الأستاذ “ق ه” الذي يشغل منصب نائب وكيل الملك بطنجة من منطلق أن الأمر شكل حدث معزول وشاذ وغير مألوف.
فالواقعة بقدر ما تمنينا الا تقع بقدر ما كنا ندرك انها لا يمكن ان تشكل باي حال من الاحوال تنقيصا من مكانة القضاة وهبتهم وسلطتهم في المجتمع المغربي، ولا أن تكون فعل أريد به وضع هذا الطرف أو داك عند حدود معينة، وليس مبارزة واقعية بين جهازين، ولا خروجا عن التقدير و التوقير، الذي يختص به الضباط السامون من قبل أعوان القوة العمومية.
الواقعة أقرب الى حادثة سير عرضية منها الى فعل مقصود، لدرجة أن العديد من السادة القضاة لم يستسيغوا ولم يتقبلوا الامر لانهم لم يألفوا هكذا سلوك و هكذا نمط في التعامل و رد الفعل، لكن ما وقع وقع ولا راد له.
وبعيدا عن أي مزايدة أو أي انتماء أو أي تعصب، فإنني موقن باننا نشكل جسما واحدا، متراص الصفوف ولسنا فريقان أو خصمان، وان اختلفت مشاربنا، فالأهداف واحدة وموحدة، ولا أدل على ذلك أن الكل شجب وندد وتأسف بالواقعة.
ولكن ما أريد أن أركز عليه في تدوينتي هاته دون أي محابات لجهة على أخرى، أو انتصارا لهذا الطرف أو ذاك تسجيل الملاحظات التالية:
أولا: موقف السيد نائب وكيل الملك الاستاذ “ق ه”.
صراحة أحيي هذا الرجل و أتمن ما قام به و أشد على يده بحرارة، لأنه كان كبيرا عن الصغائر، وكريما وقت الضيق، ومحسنا لمن إعتدى عليه، ورد السيئة بالحسنة و إنها و الله لأخلاق فضلى جبل عليها السادة القضاة.
ثانيا: بين قوة الاحكام و الخصومة:
تناسلت العديد من الكتابات التي لم تتقبل تنازل السيد وكيل الملك واعتبرته خنوعا و ضعفا وجبنا، بل وذهبت إحداها أو العديد منها،إلى الزج بالودادية الحسنية للقضاة في هذا الامر، وبكونها ساهمت وضغطت على الأستاذ لإتخاذ هذا القرار، و الحقيقة أن الودادية الحسنية للقضاة براء من هذا الفعل، لأن تنازل الأستاذ كان بمحض إرادته واختياره و لظروف أسرية تتعلق بالمشتكى بهما.
و أن إقحام الودادية الحسنية للقضاة في ذلك ليس إلا وسيلة أراد البعض استغلالها استغلالا سافرا، لحسابات يعلم القضاة جيدا الغرض منها.
ووصل الامر لدى فئة أخرى الى المطالبة بالقصاص و القسوة و الرد بعنف و رد الصع صاعين عندما يكون أحد أطراف النزاع رجال القوة المساعدة أو القوة العمومية.
ولكن اسمحوا لي أيها السادة الافاضل وبعيدا عن أي عاطفة أو انتماء أو تعصب، أن أذكركم و أذكر نفسي قبلكم بأننا كقضاة أوكل لنا الفصل في النزاعات بين الناس بكل تجرد ودون تعصب ولا أحكام مسبقة، فنحن ملجأ المظلومين بل ملجأ الجميع على حد سواء، ويجب أن نشيع لدى الكل احساس بالطمأنينة و الامان عند توجههم الى المحاكم و ان تكون لهم الثقة في السادة القضاة بأنهم أهل حلم وورع وتقوى، ولا تحملهم أهوائهم ولا نزاعاتهم، ولا أضغانهم على التحامل على أحد أو المكر و الكيد له او مخاصمته.
قوتنا ليست في مخاصمة أحد، أو الانتصار لأنفسنا على حساب العدالة و الامن القضائي.
قوتنا أيها السادة القضاة، في إصدار أحكام عادلة ونزيهة و في اشاعة روح الطمأنينة في المجتمع في عدم التأذي بالخصوم و الغضب لدى الحكم، و التسرع في القرار.
قوتنا في أننا نستطيع أن نضل محايدين هادئين، منزهين عن الخوض في أي صراع أو الالتفاف عن الامانة العظمى التي تطوق اعناقنا أمام الله سبحانه وتعالى في نشر العدل بين عباده.
نعم أيها السادة قوتنا في قضائنا و حكمنا و عدلنا، ولا و لن يكن في مخاصمتنا، فنحن لسنا فرق ولسنا (إلثرات) ولسنا متعصبين ولا فئويين، نحن أسمى من ذلك، و أرقى بأفكارنا وتعاملاتنا.
ولعل هذا ما جعل الودادية الحسنية للقضاة بمكتبها المركزي و مكتبها الجهوي بطنجة، و بعض السادة القضاة المنتمين لنادي قضاة المغرب، يدعون الى التعقل و التريث وعدم الاندفاع أو الخروج ببعض التدوينات التي تسيئ الينا أكثر مما تخدمنا، وهنا نطرح السؤال: من الاقوى؟.
هل الذي اقتص من خصمه، وعاقبه ونال منه؟ أم الذي عفى عند المقدرة و كضم الغيظ أليس الرحيم بالناس الحليم معهم أعظم درجة عند الله.
أليس لكم اسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قوله يوم فتح مكة لخصومه ومن أدوه وكفروا به “إذهبوا أنتم الطلقاء”.
فكيف إذن تنكرون على الاستاذ عفوه وصفحه وقد كان له في رسول الله اسوة حسنة فأخد بها.
وكيف تنكرون على من ناصر هذا الطرح تشجيعه على ذلك و السعي له.
من ينصر أخاه حق النصر؟ هل من يدعو الى نبد الفتنة و العفو و الصلح أم من يدعوا الى الزجر و القصاص والغلظة.
لماذا يريد البعض أن يجرنا الى قاع مزدحم فبنزولنا إلى مستوى من يتطاول علينا بحقده وسوء سلوكه وسيء مكره يجعلنا كمن قال فيهم الشاعر:
إذا جاريت الدنيء في دناءته فأنت ومن تجاريه سواء
لماذا يريد ابعض أن ننساق وراء دعوات ذات نظرة ضيقة ومحدودة تجعلنا أمام فوهة مدفعية من يتربص بنا الدوائر، وينتظر أي هفوة ليصب جام طلقاته على السلطة القضائية وينعتنا بالتغول والتسلط.
لماذا لا يريد البعض أن يفهم أنه في تعففنا وعفونا ارتقاء وسمو وإماطة لأذى المتربصين والظانين بنا سوء الظن والجاهزين لاستغلال أي فرصة أو هفوة للتشكيك في ماهية استقلاليتنا وحدودها.
الحمد لله الذي أنعم علينا بالعقلاء و الحكماء يقرأون ما وراء “الأكمة” ويحصنوننا باتزانهم وتبصرهم من كل ما من شأنه…
بالله عليكم ما لكم كيف تحكمون؟؟؟؟؟؟
الأستاذ لحسن نضان : لا نماري أحدا ولكن أسفتمونا

كتبه Aziz Benhrimida كتب في 20 مايو، 2020 - 9:29 مساءً
مقالات ذات صلة
19 ديسمبر، 2025
رئيس النيابة العامة: الحجز والمصادرة ركيزة أساسية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
بلاغ صحفي أكد السيد رئيس النيابة العامة أن آليتي الحجز والمصادرة تشكلان اليوم إحدى الركائز الجوهرية في السياسات الجنائية الحديثة [...]
11 ديسمبر، 2025
رئاسة النيابة العامة تطلق الدليل الاسترشادي الوطني حول التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة
اختتمت رئاسة النيابة العامة، يومه الخميس 11 دجنبر 2025 بالرباط، البرنامج الوطني لتعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي [...]
10 ديسمبر، 2025
بإشراف الوكيل العام للملك الأستاذ خالد كردودي… مراكش تحتضن دورة تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية المكلفين بالجرائم المالية حول جرائم الطلبيات العمومية
يوسف العيصامي: صوت العدالة في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، احتضنت محكمة الاستئناف بمراكش، يوم [...]
10 ديسمبر، 2025
بلاغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس
صوت العدالة- بلاغ ينهي وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس إلى علم الرأي العام، أنه على إثر انهيار بنايتين متجاورتين [...]
