الرئيسية آراء وأقلام الأستاذة سعاد دادا تبرز دور القضاء في تحقيق السلامة الطرقية

الأستاذة سعاد دادا تبرز دور القضاء في تحقيق السلامة الطرقية

IMG 20240217 WA0038.jpg
كتبه كتب في 17 فبراير، 2024 - 4:55 مساءً

يوسف العيصامي :صوت العدالة

تعتبر حوادث السير احدى المعضلات التي يعرفها العالم مند اواخر القرن العشرين والتي استمرت في تصاعد مضطرد حيث اصبحت من المسائل التي يبدو انها تستعصي على الحل, ودالك بسبب التزايد الكبير لعدد العربات و تشابك حركات السير على الطرق .فقد حصدت حرب الطرق و لازالت تحصد الكثير من الارواح و تسبب العديد من الاعاقات مخلفة الكثير من الماسي الاجتماعية . و في هدا الصدد عملت الدولة على تعبئة جميع امكانياتها المادية و البشرية و التكنولوجيا الكفيلة بالحد من السلوكيات المتسببة فيها اضافة الى القيام بحملات التحسيس و التوعية بالمخاطر الناجمة عنها , و دالك عبر جميع الوسائل السمعية البصرية و الورقية و الاليكترونية و ما هدا اليوم الدراسي الا شكل من اشكالها .
علاوة على دالك فقد عملت الدولة على وضع اليات قانونية عن طريق خلق مؤسسات ذات اختصاصا ت متنوعة و دالك بوضع توجهات استراتيجية وترسانة قانونية متطورة لردع و زجر المخالفات سعيا لتحقيق السلامة الطرقية . الا ان هده الترسانة القانونية بقيت غير كافية و قاصرة و لابد من مراجعتها للوقوف على مكامن النقص فيها وتدارك الاشكالات القانونية المطروحة . في هدا السياقة جاء القانون 05/52 بمثابة مدونة السير و التعديلات اللاحقة بها في غشت 2016 .
و قد اناط المشرع المغربي بكل المتدخلين المعنين بتطبيق احكام المدونة اختصاصا ت دقيقة و رصد لها اليات لضبط المخالفات و من بين دلك مؤسسة القضاء سواء النيابة العامة من حيث تحريك الدعوى العمومية ام قضاء الحكم باعتباره الجهة التي خول لها القانون اصدار الاحكام .الا انه و رغم و فرة النصوص القانونية و التنظيمية فان الجهاز القضائي وجد صعوبات في تطبيقها بسبب الاشكاليات التي يطرحها الموضوع . فماهي الاشكالات العملية التي واجهت القضاء اثناء المحاكمة عند تطبيق مدونة السير و ماهي اهم الاجتهادات التي اقرها بعد مرور اربعة عشر سنة من صدور هده المدونة دالك ما سنعالج من خلال محورين .
المحور الاول اهم الاشكاليات اامثارة على مستوى اجراءات المحاكمة :
بعد تكييف المحاضر من طرف السيد وكيل الملك و احالتها على المحكمة للبت فيها بموجب حكم .في هدا الصدد يطرح بعض الاشكاليات من خلال الممارسة العملية
و نذكر منها ما يلي :
اولا معضلة الدراجات الثلاثية العجلات :
رغم ما تشكله من خطورة واضحة على مستعملي الطريق العمومي فانه و الى الان لم يصدر بعد قانوني تنظيمي يعالج كيفية الحصول على رخصة السياقة . الامر الذي يجعل القاضي ملزم في حالة متابعة السائق بعدم التوفر على الرخصة بالتصريح بالبراءة فضلا على اتر دالك على الدفع بانعدام الضمان .
يضاف الى هدا ان الصانع لم يحدد عدد المقاعد المسموح يحملها على متن هده الدراجة و بدالك فالدراجي له حق حمل غير محدد من الركاب دون جزاء قانوني يذكر
ثانيا نقل الركاب دون رخصة:
الجديد في العمل القضائي هو ان المحكمة غير مختصة للبت في مال رخصة السياقة و و تحال على الادارة المختصة و التي عليها تحديد مدة توقيفها حسب الاحوال اما 3 اشهر او ستة ,و المحكمة اصبح دورها مقتصر في البت في الغرامة و ارجاع الناقلة ليس الا . لكن المشكل المثار هو كيف للادراة أن تحدد حالة العود لتشديد مدة التوقيف و الحال ان هدا من اختصاص القضاء دون غيره .
ثالثا اشكالية اثبات حالة السكر :
المادة 183 من مدونة السير تستلزم خضوع المتهم لرائز لتحديد نسبة الكحول المنبعث في الهواء الا انه و بعد تفشي وباء كورنا اصبح الرائز في حكم العدم و ولايلجا اليه حتى في حالة الانكار المطلق للمتهم و المنازعة في السكر و. المحكمة في حالة غياب محضر المعاينة و فق مرسوم 1967 وفي حالة انكار المتهم حالة السكر البين, و ان اشير في المحضر الى انه المتهم تبعث منه رائحة الخمر, و ان افاد المتهم بانه احتسى كمية دون ان تصل الى السكر: فان المحكمة تحكم بالبراءة من السياقة في حالة السكر و تدينه من اجل السكر العلني لان الاولى تتطلب درجة محددة تتجاوز نسبة /ل .0,01
رابعا : اشكالية المتابعةبجنحة الفرار عقب ارتكاب الحادث وجنحة عدم تقديم مساعدة لشخص في خطر :
النيابة العامة تتابع شخص واحد من اجل الجنحتين اعلاه رغم انهما فعل و احد فلا يمكن لفعل و احد ان يعطى اكثر من تكييف و بدالك فانه المحكمة تدينه من اجل الاولى دون الثانية .
خامسا اشكالية نقص بعض بيانات محاضر مخالفات السير :
اخص بالذكر المخالفات الورقية ,فالامر يقتصر على الاسم رقم البطاقة الوطنية ان وجد دون باقي البيانات و الحال ان الامر ينعكس على الاختصاص النوعي و ايضا على تنفيد الحكم اد لا فائدة من حكم يبقى في ارشيف المحكمة دون تنفيد
.سادسا اشكالية عدم اشتمال المدونة على عقوبات لبعض المخالفات :

  • اذكر هنا غياب قانون يعاقب على عدم تقديم و تائق المركبة رغم انها كان لها محل في قرار 1953 و الجزاء الوحيد هو إيداع المركبة في المحجز إلى غاية تسوية الوضعية .
    -و ايضا جنحة السياقة الاستعراضية فهي غير مجرمة من الناحية القانونية الا ان اصبحت تدخل في اطار مخالفة عدم احترام قواعد السير المطبقة على الدراجات النارية طبقا للمادة 186 من مدونة السير و هي متابعة فضفاضة و يكن ان تسري على مجموعة من الافعال الجرمية بعيدا عن الدقة في التحديد .
  • عدم صلاحية رخصة السياقة فهي غير جنحة عدم التوفر على رخصة السياقة
  • عدم تنظيم مخالفة انعدام الضريبة السنوية فهناك محاكم تدين و محاكم تبرئ و نيابات عامة تتابع و اخرى تحفظ .
  • جنحة ادخال تعديلات على الناقلة دون المصادقة عليها طبقا للمادة 157 من مدونة السير : مشكل الاتبات من قام بها خاصة امام تصريح المتهم بانها اشتراها من محل على حالتها و لم يعمل على ادخال اي تغيير عليها : كيفية الاهتداء الى الفاعل الحقيقي ,
  • عدم تحديد بداية مدة توقيف رخصة السياقة في حالة عدم سحبها من طرف النيابة العامة هل من تاريخ الحكم ام تاريخ صيرورة الحكم نهائي او من تاريخ تنفيد الحكم .
  • مخالفة عدم التوفر على الفحص تقني : هده الوثيقة متوقفة على ارادة مالك المركبة و بالتالي فالسائق غير المالك لا يمكنه متابعه بهده المخالفة الا ان العمل القضائي انقسم بشأنها فمنه من يحكم بالبراءة و هنا من يدين اعتبارا على ان السائق و قبل اقدامه على سياقة مركبة وجب عليه أن يتأكد من سلامة وثائقها .
    سابعااشكالية.خضوع المتهم على نفقته لدورة على التربية على السلامة الطرقية :
    فرغم صدور احكام كثيرة بها عقوبة اضافية لضرورة خضوع المتهم على نفقته لدورة على ا التربية على السلامة الطرقية فانه و الى الان فقط مركزين مختصين لمنح هده الشهادة ,:
    تلك اذن اهم الاشكاليات المثار عند تطبيق نصوص المدونة املا في اخضاع بعد النصوص الى التعديل لتيسير فهم النص القانوني و تطبيقه تطبيقا سليما .
    في المحور الثاني ستتنقل الى اهم الاجتهادات القضائية لحل بعض الاشكاليات المطروحة بمناسبة تطبيق احكام المدونة سواء على مستوى محكمة النقض او محاكم الموضوع :
    المحور الثاني : بعض الاجتهادات القضائية في تطبيق نصوص مدونة السير
    -اولا : جنحتي السكر العلني و السياقة في حالته فعلان مستقلان منفصلان تحكمهما مقتضيات مختلفة و لا مجال لتطبيق الفصل 118 من القانون الجنائية .قرار 485 ملف جنحي 6086/6/2/ 2015
    -ثانيا :المادة 183 من مدونة السير تعاقب كل شخص يسوق مركبة و هو في حالة سكر او تحت تاثير الكحول . مما يستلزم القول بان الإدانة تبقى مشروطة بتولى السياقة مع وجود السائق في احدى الحالتين و هو ما ينتفي في نازلة الحال .محضر المعاينة ان السيارة كانت متوقفة و لم تكن في حالة سير مما يجعل قرارها مؤسسا و معللا تعيلا كافية .قرار عدد 2/512 , ادن للقول بالسياقة في حالة سكر و جب ان تكون السيارة في حالة جولان . و ليست متوقفة .
    -ثالثا :السياقة في حالة سكر : اعتراف المتهم بحالة السكر البين يغني عن الاثبات بالرائز .قرار 2/184 بتاريخ 6/2/2013 ,
    -رابعا :سحب رخصة السياقة كعقوبة اضافية : المحكمة لا تملك سلطة تقديرية في النزول عن الحد الادنى قرار 10/1452 .رغم الحيف الذي يطال المتهم في حالة الخطأ الجسيم للضحية .
    -خامسا :رخصة سياقة اجنبية صالحة لسياقة السيارات داخل المغرب : قيام الضمان نعم : لئن كانت المادة السادسة من الشروط النموذجية المتعلقة بتامين المسؤولية المدنية عن العربات ذات محرك لسنة 2006 رتبت على عدم التوفر على رخصة عدم قيام الضمان الا ان عدم استبدال الرخصة الأجنبية بأخرى وطنية في حالة الاقامة اكثر من سنة فهدا لا اتر له على الضمان لان الامر لا يعدو ان يكون مخالفة ادارية وان العبرة بالدراية بالسياقة ,قرار 217 بتاريخ 1/3/2017 .
    -سادسا :رخصة السياقة المسلمة من دولة اجنبية وحسب اتفاقية جنيف المؤرخة في 19/9/1949 فان الرخصة لا تلغى لان من لا يملك حق المنح لا يملك حق الالغاء . قرار 2/825 . محكمة الاستئناف ايدت الحكم في جميع مقتضياته و تتميمه بإلغاء رخصة السياقة و الحالة انها رخصة فرنسية .
    سابعا :رخصة السياقة المؤقتة : انتهاء صلاحيتها لا تعني عدم التوفر عليها . .قرار 2/908 بتاريخ 11/6/2014 في الملف جنحي عدد 16390/2013 .
    : ثامنا :الدراجات الثلاثية العجلات: الزامية الحصول على رخصة السياقة رهين بصدور نص تنظيمي , يحدد كيفيات و الآجال المتعلقة به . و هو الامر الغير محقق الى غاية يومه و المحكمة مصدر القرار تكون قد عللت قرارها تعليلا سليما . قرار بتاريخ 30/9/2020 في الملف 10257 .
    -تاسعا : جنحتي القتل و الجروح غير العمديين الناتجين عن حادث سير و المقرونين بظروف التشديد الاكتفاء بتوقيف رخصة السياقة دون الزامية الخضوع لتكوين خاص بالتربية على السلامة الطرقية فيه خرق للقانون . قرار 2/450 بتاريخ 30/3/2016 في الملف رقم 6180/.2015
    -عاشرا :الجرح الخطأ المقترن بمخالفة عدم احترام حق الاسبقية , ضرورة الحكم العقوبات الاضافية: فعندما تقضي المحكمة بالإدانة من اجل الجرج الخطأ و المقترن بعدم احترام الاسبقية او تحققاحدى الحالات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 167 من مدونة السير فانها لم تطبق العقوبات الاضافية المتمثلة في توقيف رخصة السياقة و الزامية الخضوع على السلامة الطرقية المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 168 من المدونة تكون قد اتت خرقا للمقتضيات المشار اليها اعلاه .قرار عدد 2/215 بتاريخ 12/ب/2017 في الملف 17136/,2016/.
    -حادي عشر :ظروف التخفيف في العقوبات الاصلية و ليس الاضافية : العقوبات الاصلية هي و حدها التي يمكن لقضاة الموضوع ان ينزلوا عن الحد الادنى متى قرروا تمتيعه المحكوم عليها بظروف التخفيف شرط التعليل و ان الامر لا يتعداه الى العقوبة الاضافية قرار 2/552 بتاريخ 20/4/2016 في الملف عدد 17161/ 2015
  • ثاني عشر : التحاق المتهم بسيارته المتسببة في الحادث بمصلحة الدرك بعد الحادث نازلة تنعدم فيها نية التملص من المسؤولية المدنية و الجنائية و التالي تنتفي جنحة الفرار.,فالعبرة في الاثبات في المادة الجنائية هي الاقتناع الصميم لقضاة الموضوع في استخلاص ثبوت الجريمة او عدم ثبوتها من و قائع يرجع لقضاة الموضوع لما لهم من كامل السلطة التقديرية و لا رقابة لمحكمة النقض عليهم .قرار 3/10 بتاريخ 7/1/2026 في الملف 16444/2015 و هنا نشير الى ان العمل بالمحكمة الابتدائية بمراكش يقضي ببراءة المتهم من جنحة الفرار متى رافق الضحية الى المؤسسة الاستشفائية و قدم له جميع المساعدات الممكنة في العلاج .
    ثالث عشر:-دخول الطريق السيارة من طرف الراجل يعد سببا خارجيا لارتكاب الحادث و يستحيل تجنبه ماديا البراءة:
    بمقتضى المادة 184 فانه يحظر على الراجلين دخول الطريق السيارة و انه عبورالهالك ليلا يعد سببا خارجيا ادى بالمطلوب الى ارتكا ب الحادث بسبب استحالة تجنبها ماديا و هو ما يشكل احد الاسباب المبررة التي تمحو الجريمة عملا للمادة 124 من القانوني الجنائي .قرار 2/268 بتاريخ 24/2/2016في الملف جنحي 16236/2015 , ملف رائج امام المحكمة الابتدائية لم يبت فيه في الدعوى المدنية التابعة و انه في الدعوى العمومية سبق ان ادين فيه سائق بالطريق السيار بالحبس النافذ و تم تأييد استنا فيا و تم التصريح بالنقض والمحكمة الابتدائية لم تقتنع بالإدانة فالبت في الدعوى المدنية التابعة لازال مؤجلا في انتظار الادلاء بقرار محكمة النقض .
    تلكم ادن اهم الاجتهادات التي خلصت إليها محكمة النقض عند تطبيق نصوص مدونة السير على امل ان يتدخل المشرع قصد تنقيح المدونة وادخال التعديلات المقترحة و تنبي ما ذهب اليه الاجتهاد القضائي و اخراجه في نصوص قانونية ملزمة .
    من إعداد الأستاذة سعاد دادا القاضية بالمحكمة
    الابتدائية بمراكش المكلفة بمادة حوادث السير
مشاركة