الرئيسية آراء وأقلام الأزمة الجزائرية الإماراتية الأسباب ،النتائج والتداعيات.

الأزمة الجزائرية الإماراتية الأسباب ،النتائج والتداعيات.

76998913b42d66a15c0dad37b5ea52c5
كتبه كتب في 8 مايو، 2025 - 12:19 صباحًا

صوت العدالة- عبد السلام اسريفي

شهدت العلاقات بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة توتراً ملحوظاً منذ عام 2023، حيث تصاعدت الخلافات بين البلدين على خلفية قضايا سياسية واستراتيجية واقتصادية، آخرها ما جاء بسبب تصريح المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، الذي أثار جدلاً واسعاً، إثر تصريحات أدلى بها خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة سكاي نيوز عربية، وصف فيها الأمازيغية بأنها “مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي”.


الأسباب الرئيسية للأزمة

1. ملف الصحراء المغربية ودعم الإمارات للمغرب

أبدت الإمارات دعماً متزايداً للمغرب في قضية الصحراء المغربية في كثير من المناسبات، بما في ذلك الدعم السياسي والعسكري، ما أثار استياء الجزائر التي تعتبر القضية جزءاً من أمنها القومي. كما تم اتهام الإمارات بتمويل حملات إعلامية تستهدف الجزائر في منطقة الساحل، بل تعتبر توتر العلاقات مع دول الساحل من صنع ٱبو ظبي.

2. التواجد الإماراتي في ليبيا والساحل

تعتبر الجزائر أن دعم الإمارات لقوات اللواء خليفة حفتر في ليبيا وتواجدها العسكري في منطقة الساحل يشكل تهديداً لمصالحها الأمنية في هذه المناطق .

3. دور الإمارات في مجموعة “بريكس”

تقدمت الجزائر بطلب للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، إلا أن الإمارات لعبت دوراً في منع انضمامها، مما اعتبرته الجزائر محاولة لتقليص نفوذها الإقليمي .

4. قضية “الماك” ودعوة فرحات مهني

دعت الإمارات زعيم حركة “الماك” الانفصالية، فرحات مهني، للمشاركة في قمة المناخ “كوب 28” في دبي، وهو ما اعتبرته الجزائر دعماً لانفصاليي منطقة القبائل وتهديداً لوحدتها الترابية .


النتائج والتداعيات

1. تجميد الاتفاقات العسكرية والتجارية

في إطار رد الفعل، قد تقدم الجزائر على توقيف عدة مشاريع مشتركة مع الإمارات، بما في ذلك مشروع تجميع طائرات الهليكوبتر، والشراكة في مصانع التبغ، وإدارة موانئ دبي العالمية لبعض الموانئ الجزائرية .

2. تدهور العلاقات الاقتصادية

تراجعت الاستثمارات الإماراتية في الجزائر بشكل ملحوظ، حيث كانت تقدر بمليارات الدولارات خلال فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكنها شهدت انخفاضاً حاداً في السنوات الأخيرة 

.وتحتل الإمارات المرتبة الأولى عربيا من حيث الاستثمارات المباشرة في الجزائر، إذ بلغ حجم استثماراتها أكثر من 10 مليارات دولار إلى غاية سنة 2018، وفق أرقام غير رسمية تداولتها عدة مصادر اقتصادية، تشمل مشاريع استراتيجية كبرى، على رأسها مصفاة الألومنيوم في بني صاف بولاية عين تموشنت، التي قدرت تكلفتها بما يفوق 5 مليارات دولار، ومحطة توليد الكهرباء في حجرة النص بولاية بومرداس، التي تصل قدرتها إلى 1200 ميغاواط بتمويل إماراتي يتجاوز مليار دولار.

إلى جانب ذلك، هناك استثمارات عقارية إماراتية ضخمة مثل مشروع “دنيا بارك” الذي يضم أكثر من 13 ألف وحدة سكنية، ومجمعات فندقية وتجارية في العاصمة الجزائر، كما شملت الشراكة بين الطرفين مشاريع صناعية في قطاع السيارات، كالمساهمة في إنتاج مركبات مرسيدس بنز بالشراكة مع شركات ألمانية وجهات جزائرية سيادية.

وفي حال انسحبت الإمارات، فإن أولى الضربات ستطال سوق الشغل، حيث تقدر الوظائف المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بهذه الاستثمارات بما يفوق 50 ألف منصب شغل، كما سيتأثر مناخ الاستثمار بشكل ملحوظ، إذ أن سحب استثمارات بهذا الحجم سيبعث برسالة سلبية للمستثمرين الأجانب الآخرين، خصوصا أولئك الذين يتابعون باهتمام مؤشر الاستقرار السياسي والاقتصادي في الجزائر.

3. انعكاسات على الأمن الإقليمي

تعتبر الجزائر أن التحركات الإماراتية في ليبيا والساحل تهدد استقرار المنطقة، مما دفعها إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية على حدودها الجنوبية .


الخلاصة

تتسم الأزمة بين الجزائر والإمارات بالتعقيد، حيث تتداخل القضايا السياسية والاستراتيجية مع المصالح الاقتصادية. في ظل هذه التوترات، يبدو أن العلاقات بين البلدين تسير نحو مزيد من التدهور، مما يهدد استقرار التعاون الثنائي في المستقبل القريب

مشاركة