يشكل الفضاء العام اليوم تحديا أساسيا لكافة المعنيين بالتواصل العمومي في مواجهة الأزمات، ذلك ما أكده محمد بنعبدالقادر الباحث في سوسيولوجيا التواصل خلال كلمته في افتتاح المنتدى الدولي حول ” اتصال الأزمة في مواجهة المخاطر والكوارث” الذي انعقد بداية هذا الأسبوع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، موضحا أن ما يتسم به الفضاء العام اليوم من هشاشة وانشطار في سياق التحولات الرقمية، بات يطرح أسئلة جديدة على حقل الدراسات المتعلقة بعلوم الإعلام والتواصل.
فإذا كان من البديهي أن تستند كل استراتيجية فعالة للتواصل في أوقات الأزمات، سواء كانت كوارث طبيعية أو تكنولوجية او سياسية، إلى فضاء عام متماسك لنقل المعلومات الأساسية بسرعة ووضوح، فإن هذا الفضاء، يضيف المتدخل، لم يعد اليوم كما كان تاريخيا منذ “الأغورا” الإغريقيّة القديمة، ساحة للنقاش العمومي المشترك والمتماسك، بل أصبح امتدادا متوترا، متشظيا و استقطابيا، يستعصي على التعبئة والاصطفاف. ولتوضيح هذه الفكرة يضيف محمد بنعبد القادر أن الشبكات الاجتماعية الرقمية فعلا توفر فرصًا غير مسبوقة للرد السريع والتواصل الفعال في لحظات الأزمة، لكنها في الوقت نفسه تُعقد التعبئة الجماعية، وتخفف من قوة الرسائل المؤسسية، وأحيانًا تضخم حالة عدم اليقين، وتساهم في خلق البلبلة ونشر الذعر بين الناس.
و لتوضيح هذا الخلل استحضر المتدخل أزمة إعصار “دانا” المدمر الذي ضرب إقيم فالينسيا بالجارة الإسبانية، كما استحضر حالة المغرب من خلال عدد من الكوارث الطبيعية المخاطر المفتعلة التي شهدها في السنوات الأخيرة، و خاصة زلزال الحوز، مثمنا الجهود التي بذلها المغرب منذ زلزال الحسيمة عام 2004 من اجل تطوير استراتيجيات أكثر فعالية لاتصال الأزمات وإدارة المخاطر، وذلك بالرغم من استمرار بعض النقائص التي يتعين تجاوزها، كما اتضح مؤخرًا من خلال أسلوب تواصل السلطات العمومية المعنية عقب الهجوم الإلكتروني الإجرامي على قاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.، هذا التواصل، يقول وزير العدل السابق، الذي تميز ببعض التردد وكشف عن بعض مظاهر الضعف الهيكلية التي كادت أن تزعزع ثقة المواطنين، والتي يتعين معالجتها بوضع استراتيجية استباقية فعالة ومتعددة الأبعاد ، بقدر ما تستعمل القنوات الإعلامية التقليدية تعبأ بقوة الشبكات الاجتماعية الرقمية، و بقدر ما تخبر بالحقائق وتنبه للمخاطر، تطمئن النفوس وتعزز الثقة.
اريد عنوان مميز للمقال