المهدي الحراق
فاعل مدني وطالب جامعي تخصص علم النفس
تقديم:
لابد لنا في ضل هذه الجائحة التي أصابت البشرية ويعاني منها العالم أجمع أن نؤكد على ضرورة امتلاك قوة للتغيير أو تجديد الرغبة فيه ، من منطلق معرفة النفس و استبصارها ، امتثالا لقوله تعالى : ” وفي أنفسكم أفلا تبصرون ” ؛ و إن أهم ما يعيننا على المعرفة والاستبصار هو القيام بتحليل منطقي واعي لأحلام اليقظة التي ننساق وراءها خاصة تلك التي يتكرر ورودها ، فهي مرآة صادقة لما تنطوي عليه نفسية الفرد في اتصالها بضغوط جماعة الانتماء ، مع تحليل واقعي عميق للمواقف التي تثير انفعالات شديدة نحو الأخرين (المجتمع، الاسرة، الأقران…) كي نستعد لمواجهتها بطرق أفضل أو تجنبها ، وهنا لابد من التفكير في الغايات البعيدة ( ما بعد الأزمة ) للعمل على تنمية قدرات الانسان ، سواء فيما يخص الجانب الصحي و النفسي أو في ما يخص الجانب التكويني للبلوغ لإنسان قادر على مواجهة الأزمات في ظروف استثنائية مع تشبت بالأدوار الكبيرة للجماعة ( الدولة ) التي تراجعت بفعل بعض السياسات الاقتصادية .
ومنه حاولت التطرق للرغبة في امتلاك قوة التغيير في ظل جائحة كرونا من منطلقين أساسين :
• أولا :
امتلاك قوة التغيير على المستوى الشخصي و الفردي: على اعتبار التغيير باب تفتح من الداخل ، وقد يتجلى التغيير أثناء الأزمة و الحجر الصحي بالتأقلم و البحث عن استراتيجيات لنشر الايجابية و الأمل و الطمأنينة و التخطيط لما بعد الأزمة و البحث في الأولويات ومراجعة الذات و توطيد العلاقات و أكثر من ذلك التخلص من العادات السلبية و معالجة الإدمان وغيرها من الأمور.
• ثانيا :
قوة التغيير المجتمعي (مغرب الغد ): إذا نجح أكبر عدد من المواطنين في امتلاك قوة التغيير على المستوى الشخصي و الفردي أثناء الأزمة و الحجر الصحي فسنحصل في النهاية على مجتمع يمتلك من قوة التغيير ما يكفي للمساهمة في حل المشاكل البنيوية التي يعاني منها وسيستطيع من طبيعة الحال امتلاك وعي يكفي ليكون مساهما في تنمية التراب و المشاركة الفعلية في التنمية .
و نستشف بعناية فائقة من خلال هذه المقدمة الحبل الرفيع الذي يربط بين أفكار المحورين الأول و الثاني كون نجاح رؤيتنا لمغرب الغد رهين بامتلاك قوة التغيير لدى عموم الأفراد.
- قوة التغيير على المستوى الفردي :
من أجمل ما سمعت من حكم تعود للفيلسوف ” جورج برناند شو” حيث تقول : “التقدم مستحيل بدون تغير أولاك الذين لا يستطيعون تغير عقولهم لا يستطيعون تغير أي شيء ” ، فمن الأشياء التي تعيق حركة التغيير إلى الأفضل ليست فقط مرتبطة بعوامل داخلية وخارجية بل أيضا بعامل بشري خطير و هو أن هناك بعض الأشخاص ليسوا فقط غير قادرين على التغيير بل هم غير مقتنعين بفكرة التغيير، حتى لو كانت الأدلة العقلية الموجودة أمامهم قوية ومقنعة ، لأن آلة التفكير لديهم تعمل فقط للبحث عن أسباب وأساليب تفكير جديدة تتيح لهم إمكانية الاستمرار في التوافق مع نفس الأفكار و القناعات القديمة ؛أي أنهم لا يرون ولا يسمعوا إلا أنفسهم ولا يستطيعون التخلص من أفكارهم السلبية الضيقة و المحدودة .
من لا يريد التغير هو حر ، لكنه غير حر في أن يمنعنا من البحث عن أدوات نستطيع بها اكتشاف مخرج من المشاكل التي يعيش فيها الفرد ويتخبط فيها المجتمع برمته ، فكل شيء يبدأ من الداخل حتى النظام حتى السلام و النجاح … التغير كله يبدأ في الوعي الداخلي، فالأزمة ليست في عالمنا الخارجي بل في عالمنا الداخلي ، ونرفض مواجهة هذه الفكرة.
فالنظام الذي جاء به العالم الخارجي هو الذي أدى لهذه الفوضى العارمة ، و الاقتصاد الذي جاء به العالم الخارجي هو الذي أدى الى هذا الفقر و البطالة والجشع ، و السلام الذي جاء به العالم الخارجي هو الذي أوصلنا الى كل هذه الحروب و الفيروسات ، وهذا شيء تعلمناه و فهمناه اليوم ، للكننا لازلنا مصرين على التعامل مع هذه القضايا من الخارج وبنفس الأسلوب و الحماس لأننا مبرمجين ومكيفين نفسيا للتعامل فقط مع الخارج ومع الأنظمة الخارجية ، ومراقبين منها ونعتمد على هذه المراقبة لإصلاح ذواتنا ونتعرف عليها ، وهذا شيء خطير ومؤسف ولن يؤدي الى أي شيء. فالذي سيجلب لنا النظام و السلام و الحرية هو مراقبة أنفسنا مراقبة ذاتية ، واي تغير نتطلع اليه لن ينفعنا اذا لم يحدث أولا من الداخل .
كلما اقتربنا أكثر لذواتنا كلما قصرنا المسافة بينا وبين أي شيء في هذا العالم بأضعاف مضاعفة ، كلما كنا متعطش لفهم ذواتنا كلما استطعنا أن نصل لحقائق عميقة حول المعنى الحقيقي لهذه الحياة ، ففهمنا لذواتنا سيجعلنا نرفض كل شيء موجود بأن يكون موجود بالشكل الذي هو موجود عليه .
فالإنسان دائما في حالة تغير شاء أم أبا ، نحن في هذه الساعة من اليوم لسنا نفس الإنسان الذي كنا عليه في مثل هذه الساعة البارحة ، ولو هذا التغيير كان بسيط لكنه أحدث تغيرا ما في طريقة تفكيرنا وفي أشكال أجسادنا وفي أعمارنا… ، لكن المشكلة الوحيدة أننا نحن لا ننتبه لهذا التغيير، وهذا هو الأمر المطلوب القيام به ؛ أن نفهم هذا التحول المستمر و أن نكون واعون به وشركاء في صناعته ما دام هو شيء محتوم، فليس بالضرورة أن نقاوم هذه التغيرات الذي يصير معنا ، لأن هذه المقاومة قد تكون مصدرا للألم و الإحباط ، كل ما علينا فقط أن نفهم هذه التغيرات ،هنا نصير قادرين على إضافة لمسة شخصية على هذا التغيير وهذا هو الأمر الذي يترك لنا المجال للرفع من أقصى احتمالات الابداع التي نمتلكها لكي نحسن كل ما هو موجود حولنا . - قوة التغيير المجتمعي : (مغرب الغد )
كثيرا ما نسمع نقاشات بليغة عن الأفكار و الحلول لتخطي أزمة كورونا كوفيد 19 التي تمر منها البشرية عموما ، وهناك مجموعة من الأقاويل تحاول فقط تشخيص الوضعية ولا تتجاوزها الى فهم عميق للتحول الناتج عن الأزمة سواء على مستوى البنية النفسية و العقلية و الجسمانية للأفراد أو على مستوى البنية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الدينية و الإيديولوجية للمجتمع عموما ، لأن الوضعية الراهنة معقدة وتحتاج الى اكثر من قراءة و تحتاج الى دراسات علمية لا يسمح الوضع للقيام بها لتفسح المجال أمام الخبراء أصحاب التجارب و التراكمات العلمية لتقديم رؤية عميقة بناء على قراءة وتحليل عميقين للمعطيات بهدف استخلاص الدروس و التنبؤ بالوضعية المجتمعية بعد هذه الأزمة .
فنحن جميعا كمواطنين مغاربة بمختلف مشاربنا وروافدنا الثقافية و مستوياتنا الاقتصادية و الاجتماعية فخورون ومعتزون بالإجراءات الاحترازية و الوقائية و الاستباقية التي قامت بها بلادنا في مختلف المجالات بتعليمات ملكية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده ، و استخلصنا مجموعة من العبر كان أهمها أن المغرب فضّل صحة وحياة المواطنين على الاقتصاد ، لأن الحق في الحياة من أسمى الحقوق الانسانية ، وسجلنا بارتياح كبير الانخراط الجماعي لكافة المؤسسات و الأشخاص المعنويين وفعاليات المجتمع المدني وعموم المواطنات و المواطنين بالمساهمة في المجهود الوطني لمواجهة هذه الجائحة العالمية
فكرة التغيير لا تصح و لا تعطي نتائج ملموسة على أرض الواقع إلا إذا آمن بها مجموعة من الأفراد وعملوا على إقناع بقية المجتمع بصلاح أحوالهم ، بالتالي فمن البديهي أن يتغير المجتمع و أن تتغير معه المنظومة التي يقوم على أساسها .
وفي اعتقادي أن فترة الحجر الصحي هي مناسبة سانحة لجمعية أفراد المجتمع المغربي ليغيروا مجموعة من السلوكيات السلبية ( التدخين ، الإدمان على تناول المخدرات ، الإدمان على تصفح الأنترنيت ، الممارسات الشاذة والغير الأخلاقية …) بسلوكيات أكثر إيجابية (المطالعة ، حب الأخر ، تقدير الذات ، ممارسة الرياضة ، حب التعلم …) ، كما أنها فترة لمراجعة مساراتنا الشخصية وتقييم الذات وتحسين المهارات و تعلم أمور و كفاءات جديدة .
خلاصة :
إن الذين يعتبرون أننا بعد انتهاء زمن الجائحة سنعود الى حياتنا الطبيعية و العادية؛ هذا كلام ينم عن عدم قدرة هؤلاء الأشخاص على تغيير عقولهم ، و رؤيتهم للمستقبل لم تجدد بعد خوض هذه التجربة العصيبة .
فوجب أن نطمح لنعود إلى حياة أكثر إيجابية و أكثر عدلا و أكثر تقديرا لكفاءات الإنسان ، حياة تعج بالإبداع ، وهذا أمر رهين بامتلاك قوة التغيير لدى أفراد المجتمع ككل و رغبتهم في تغيير أحوالهم إلى الأفضل . المهدي الحراق
فاعل مدني وطالب جامعي تخصص علم النفس
امتلاك قوة التغيير في زمن كرونا :
تقديم:
لابد لنا في ضل هذه الجائحة التي أصابت البشرية ويعاني منها العالم أجمع أن نؤكد على ضرورة امتلاك قوة للتغيير أو تجديد الرغبة فيه ، من منطلق معرفة النفس و استبصارها ، امتثالا لقوله تعالى : ” وفي أنفسكم أفلا تبصرون ” ؛ و إن أهم ما يعيننا على المعرفة والاستبصار هو القيام بتحليل منطقي واعي لأحلام اليقظة التي ننساق وراءها خاصة تلك التي يتكرر ورودها ، فهي مرآة صادقة لما تنطوي عليه نفسية الفرد في اتصالها بضغوط جماعة الانتماء ، مع تحليل واقعي عميق للمواقف التي تثير انفعالات شديدة نحو الأخرين (المجتمع، الاسرة، الأقران…) كي نستعد لمواجهتها بطرق أفضل أو تجنبها ، وهنا لابد من التفكير في الغايات البعيدة ( ما بعد الأزمة ) للعمل على تنمية قدرات الانسان ، سواء فيما يخص الجانب الصحي و النفسي أو في ما يخص الجانب التكويني للبلوغ لإنسان قادر على مواجهة الأزمات في ظروف استثنائية مع تشبت بالأدوار الكبيرة للجماعة ( الدولة ) التي تراجعت بفعل بعض السياسات الاقتصادية .
ومنه حاولت التطرق للرغبة في امتلاك قوة التغيير في ظل جائحة كرونا من منطلقين أساسين :
• أولا :
امتلاك قوة التغيير على المستوى الشخصي و الفردي: على اعتبار التغيير باب تفتح من الداخل ، وقد يتجلى التغيير أثناء الأزمة و الحجر الصحي بالتأقلم و البحث عن استراتيجيات لنشر الايجابية و الأمل و الطمأنينة و التخطيط لما بعد الأزمة و البحث في الأولويات ومراجعة الذات و توطيد العلاقات و أكثر من ذلك التخلص من العادات السلبية و معالجة الإدمان وغيرها من الأمور.
• ثانيا :
قوة التغيير المجتمعي (مغرب الغد ): إذا نجح أكبر عدد من المواطنين في امتلاك قوة التغيير على المستوى الشخصي و الفردي أثناء الأزمة و الحجر الصحي فسنحصل في النهاية على مجتمع يمتلك من قوة التغيير ما يكفي للمساهمة في حل المشاكل البنيوية التي يعاني منها وسيستطيع من طبيعة الحال امتلاك وعي يكفي ليكون مساهما في تنمية التراب و المشاركة الفعلية في التنمية .
و نستشف بعناية فائقة من خلال هذه المقدمة الحبل الرفيع الذي يربط بين أفكار المحورين الأول و الثاني كون نجاح رؤيتنا لمغرب الغد رهين بامتلاك قوة التغيير لدى عموم الأفراد.
- قوة التغيير على المستوى الفردي :
من أجمل ما سمعت من حكم تعود للفيلسوف ” جورج برناند شو” حيث تقول : “التقدم مستحيل بدون تغير أولاك الذين لا يستطيعون تغير عقولهم لا يستطيعون تغير أي شيء ” ، فمن الأشياء التي تعيق حركة التغيير إلى الأفضل ليست فقط مرتبطة بعوامل داخلية وخارجية بل أيضا بعامل بشري خطير و هو أن هناك بعض الأشخاص ليسوا فقط غير قادرين على التغيير بل هم غير مقتنعين بفكرة التغيير، حتى لو كانت الأدلة العقلية الموجودة أمامهم قوية ومقنعة ، لأن آلة التفكير لديهم تعمل فقط للبحث عن أسباب وأساليب تفكير جديدة تتيح لهم إمكانية الاستمرار في التوافق مع نفس الأفكار و القناعات القديمة ؛أي أنهم لا يرون ولا يسمعوا إلا أنفسهم ولا يستطيعون التخلص من أفكارهم السلبية الضيقة و المحدودة .
من لا يريد التغير هو حر ، لكنه غير حر في أن يمنعنا من البحث عن أدوات نستطيع بها اكتشاف مخرج من المشاكل التي يعيش فيها الفرد ويتخبط فيها المجتمع برمته ، فكل شيء يبدأ من الداخل حتى النظام حتى السلام و النجاح … التغير كله يبدأ في الوعي الداخلي، فالأزمة ليست في عالمنا الخارجي بل في عالمنا الداخلي ، ونرفض مواجهة هذه الفكرة.
فالنظام الذي جاء به العالم الخارجي هو الذي أدى لهذه الفوضى العارمة ، و الاقتصاد الذي جاء به العالم الخارجي هو الذي أدى الى هذا الفقر و البطالة والجشع ، و السلام الذي جاء به العالم الخارجي هو الذي أوصلنا الى كل هذه الحروب و الفيروسات ، وهذا شيء تعلمناه و فهمناه اليوم ، للكننا لازلنا مصرين على التعامل مع هذه القضايا من الخارج وبنفس الأسلوب و الحماس لأننا مبرمجين ومكيفين نفسيا للتعامل فقط مع الخارج ومع الأنظمة الخارجية ، ومراقبين منها ونعتمد على هذه المراقبة لإصلاح ذواتنا ونتعرف عليها ، وهذا شيء خطير ومؤسف ولن يؤدي الى أي شيء. فالذي سيجلب لنا النظام و السلام و الحرية هو مراقبة أنفسنا مراقبة ذاتية ، واي تغير نتطلع اليه لن ينفعنا اذا لم يحدث أولا من الداخل .
كلما اقتربنا أكثر لذواتنا كلما قصرنا المسافة بينا وبين أي شيء في هذا العالم بأضعاف مضاعفة ، كلما كنا متعطش لفهم ذواتنا كلما استطعنا أن نصل لحقائق عميقة حول المعنى الحقيقي لهذه الحياة ، ففهمنا لذواتنا سيجعلنا نرفض كل شيء موجود بأن يكون موجود بالشكل الذي هو موجود عليه .
فالإنسان دائما في حالة تغير شاء أم أبا ، نحن في هذه الساعة من اليوم لسنا نفس الإنسان الذي كنا عليه في مثل هذه الساعة البارحة ، ولو هذا التغيير كان بسيط لكنه أحدث تغيرا ما في طريقة تفكيرنا وفي أشكال أجسادنا وفي أعمارنا… ، لكن المشكلة الوحيدة أننا نحن لا ننتبه لهذا التغيير، وهذا هو الأمر المطلوب القيام به ؛ أن نفهم هذا التحول المستمر و أن نكون واعون به وشركاء في صناعته ما دام هو شيء محتوم، فليس بالضرورة أن نقاوم هذه التغيرات الذي يصير معنا ، لأن هذه المقاومة قد تكون مصدرا للألم و الإحباط ، كل ما علينا فقط أن نفهم هذه التغيرات ،هنا نصير قادرين على إضافة لمسة شخصية على هذا التغيير وهذا هو الأمر الذي يترك لنا المجال للرفع من أقصى احتمالات الابداع التي نمتلكها لكي نحسن كل ما هو موجود حولنا . - قوة التغيير المجتمعي : (مغرب الغد )
كثيرا ما نسمع نقاشات بليغة عن الأفكار و الحلول لتخطي أزمة كورونا كوفيد 19 التي تمر منها البشرية عموما ، وهناك مجموعة من الأقاويل تحاول فقط تشخيص الوضعية ولا تتجاوزها الى فهم عميق للتحول الناتج عن الأزمة سواء على مستوى البنية النفسية و العقلية و الجسمانية للأفراد أو على مستوى البنية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الدينية و الإيديولوجية للمجتمع عموما ، لأن الوضعية الراهنة معقدة وتحتاج الى اكثر من قراءة و تحتاج الى دراسات علمية لا يسمح الوضع للقيام بها لتفسح المجال أمام الخبراء أصحاب التجارب و التراكمات العلمية لتقديم رؤية عميقة بناء على قراءة وتحليل عميقين للمعطيات بهدف استخلاص الدروس و التنبؤ بالوضعية المجتمعية بعد هذه الأزمة .
فنحن جميعا كمواطنين مغاربة بمختلف مشاربنا وروافدنا الثقافية و مستوياتنا الاقتصادية و الاجتماعية فخورون ومعتزون بالإجراءات الاحترازية و الوقائية و الاستباقية التي قامت بها بلادنا في مختلف المجالات بتعليمات ملكية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده ، و استخلصنا مجموعة من العبر كان أهمها أن المغرب فضّل صحة وحياة المواطنين على الاقتصاد ، لأن الحق في الحياة من أسمى الحقوق الانسانية ، وسجلنا بارتياح كبير الانخراط الجماعي لكافة المؤسسات و الأشخاص المعنويين وفعاليات المجتمع المدني وعموم المواطنات و المواطنين بالمساهمة في المجهود الوطني لمواجهة هذه الجائحة العالمية
فكرة التغيير لا تصح و لا تعطي نتائج ملموسة على أرض الواقع إلا إذا آمن بها مجموعة من الأفراد وعملوا على إقناع بقية المجتمع بصلاح أحوالهم ، بالتالي فمن البديهي أن يتغير المجتمع و أن تتغير معه المنظومة التي يقوم على أساسها .
وفي اعتقادي أن فترة الحجر الصحي هي مناسبة سانحة لجمعية أفراد المجتمع المغربي ليغيروا مجموعة من السلوكيات السلبية ( التدخين ، الإدمان على تناول المخدرات ، الإدمان على تصفح الأنترنيت ، الممارسات الشاذة والغير الأخلاقية …) بسلوكيات أكثر إيجابية (المطالعة ، حب الأخر ، تقدير الذات ، ممارسة الرياضة ، حب التعلم …) ، كما أنها فترة لمراجعة مساراتنا الشخصية وتقييم الذات وتحسين المهارات و تعلم أمور و كفاءات جديدة .
خلاصة :
إن الذين يعتبرون أننا بعد انتهاء زمن الجائحة سنعود الى حياتنا الطبيعية و العادية؛ هذا كلام ينم عن عدم قدرة هؤلاء الأشخاص على تغيير عقولهم ، و رؤيتهم للمستقبل لم تجدد بعد خوض هذه التجربة العصيبة .
فوجب أن نطمح لنعود إلى حياة أكثر إيجابية و أكثر عدلا و أكثر تقديرا لكفاءات الإنسان ، حياة تعج بالإبداع ، وهذا أمر رهين بامتلاك قوة التغيير لدى أفراد المجتمع ككل و رغبتهم في تغيير أحوالهم إلى الأفضل .