محمد جعفر
تعيش كرة القدم المغربية اليوم أزمة مالية خانقة، حيث تتوالى أخبار إفلاس الأندية وعجزها على مسايرة البطولة الوطنية ،تصاعدت النزاعات مع لجنة الأخلاقيات ومحكمة الطاس التابعة للفيفا. هذا الوضع المتأزم، الذي أصبح يشمل جميع الأندية، يعكس مدى التدهور المالي الذي أصاب الكرة المغربية وأثر بشكل كبير على مستوى اللعبة وعلى مستقبلها الوطني والقاضي.
*ديون متراكمة ومستقبل مظلم
تشير التقارير إلى أن العديد من الأندية المغربية تواجه ديونًا متراكمة وصلت احداها لتسع مليار سنتيم، في حين تصل ديون بعض الأندية الأخرى إلى ما بين أربعة وخمسة مليار سنتيم بجميع اقسامها. هذه الأرقام المخيفة تضع كرة القدم المغربية في موقف حرج، حيث باتت أغلب الفرق محرومة من التعاقدات الجديدة نتيجة المنع المفروض من الفيفا، الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع ويحد من قدرة الفرق على تعزيز صفوفها وتقديم أداء مشرف في المسابقات الوطنية والقارية.
هذا الوضع المتأزم ليس فقط نتيجة لضعف الموارد المالية، بل يعكس أيضًا سوء التدبير والتسيير داخل الأندية. فالكثير من الأندية لم تتمكن من التعامل بحكمة مع مواردها، ما أدى إلى تراكم الديون والعجز عن الوفاء بالتزاماتها المالية. كما أن غياب التخطيط المالي البعيد المدى والتسرع في التعاقدات المكلفة ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة.
* نزاعات لا تنتهي مع لجنة الأخلاقيات والفيفا
إلى جانب الديون المتراكمة، تشهد الكرة المغربية تصاعدًا في النزاعات بين الأندية واللاعبين من جهة، ولجنة الأخلاقيات وحكمة الطاس من جهة أخرى. هذه النزاعات غالبًا ما تتعلق بعدم دفع المستحقات المالية للاعبين والمدربين، وهو ما يؤدي إلى فرض عقوبات قاسية على الأندية. ومع تزايد هذه النزاعات، أصبحت الكرة المغربية محط أنظار الفيفا، التي لم تتوان عن فرض عقوبات منعت العديد من الأندية من التعاقد مع لاعبين جدد.
*دور الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم
في ظل هذا الوضع المتأزم، تبرز الحاجة الماسة لتدخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لوقف هذا النزيف المالي الذي يعصف بالأندية. يجب على الجامعة أن تلعب دورًا محوريًا في وضع سياسات مالية صارمة تلزم الأندية بتبني تدبير مالي شفاف ومسؤول، وتقديم الدعم اللازم للأندية لتجاوز هذه الأزمة.يجب على الجامعة أيضًا العمل على إنشاء صندوق دعم مالي للأندية التي تواجه صعوبات مالية، شريطة أن تلتزم هذه الأندية بتطبيق سياسات تقشفية وتقويمية تهدف إلى تحسين أدائها المالي. كما يمكن للجامعة التعاون مع الدولة لتطوير سياسات مالية تساعد على توفير دعم مالي مستدام للأندية من خلال رعاية خاصة أو تمويلات إضافية.
*أين تكمن الحلول جذرية للخروج من هدا الإفلاس؟
للخروج من هذه الأزمة، يجب التفكير في حلول جذرية تتجاوز المعالجات المؤقتة. على الأندية المغربية أن تعيد النظر في استراتيجياتها المالية، وأن تضع خططًا واضحة لتقليل الديون وتحقيق توازن مالي. ومن الضروري أيضًا تعزيز الشفافية في إدارة الأندية، وذلك من خلال فرض رقابة صارمة على الإنفاق والتأكد من توجيه الموارد بشكل صحيح.كما يجب على الدولة، بالتعاون مع الجامعة، أن تضع سياسات لتطوير البنية التحتية الرياضية في البلاد، ما يسهم في تعزيز موارد الأندية وتحسين أدائها المالي. تطوير الأكاديميات الرياضية، وتحسين ظروف اللاعبين والمدربين، والاستثمار في المواهب الشابة يمكن أن يسهم في تحسين أوضاع الأندية على المدى الطويل.
لهذا تعيش كرة القدم المغربية مرحلة حرجة تتطلب تدخلًا عاجلاً من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والدولة. إن معالجة الأزمة المالية التي تعصف بالأندية يتطلب وضع سياسات مالية صارمة وشفافة، إلى جانب توفير الدعم اللازم للأندية لتجاوز هذه المرحلة الصعبة. ومن خلال التعاون المشترك بين جميع الأطراف المعنية، يمكن للكرة المغربية أن تستعيد عافيتها وتواصل مسيرتها نحو تحقيق النجاحات على المستوى الوطني والدولي.