الرئيسية غير مصنف إشكالية تجديد البطاقة المهنية للصحفيين: بين الاعتراف والاستمرارية

إشكالية تجديد البطاقة المهنية للصحفيين: بين الاعتراف والاستمرارية

IMG 7548
كتبه كتب في 3 فبراير، 2025 - 8:13 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

إشكالية تجديد البطاقة المهنية للصحفيين تثير جدلاً واسعًا في الأوساط الإعلامية والقانونية حيث يعتبر العديد من الصحفيين أن هذا الإجراء يشكل انتقاصًا من مهنتهم مقارنة بمهن أخرى كالمحاماة والطب والهندسة التي تمنح منتسبيها الاعتراف الدائم بممارسة مهنتهم دون الحاجة إلى تجديد سنوي لإثبات ذلك.

فالصحفيون بالمغرب يواجهون تحديًا قانونيًا يتمثل في ضرورة تجديد بطاقاتهم المهنية سنويًا مما يجعلهم في حالة دائمة من القلق حول استمرارية الاعتراف بهم كمهنيين فبمجرد انتهاء صلاحية البطاقة يصبح الصحفي مطالبًا بإعادة إثبات ممارسته للمهنة حتى لو قضى سنوات طويلة في المجال هذا الإجراء يتناقض مع ما هو معمول به في مهن أخرى حيث لا يطلب من الطبيب أو المحامي تجديد اعتراف الدولة بممارسته لمهنته إلا في حالات استثنائية تتعلق بمخالفات جسيمة أو فقدان الشروط القانونية والأخلاقية.

يطرح هذا الوضع تساؤلات حول الأسس التي يقوم عليها منح البطاقة المهنية للصحفيين و الجهة المستفيدة من هذا الوضع الشاذ وهل يرتبط الأمر بضبط المهنة وحماية المجال من الدخلاء أم أنه وسيلة للرقابة والحد من استقلالية الصحافة ففي حين أن بعض الجهات تعتبر أن تجديد البطاقة سنويًا يهدف إلى التأكد من استمرار الممارسة الفعلية للمهنة يرى الصحفيون أن هذا الشرط يحمل في طياته استهدافًا غير مبرر لمهنتهم ويفرض عليهم إثبات ما هو مفترض بحكم الواقع والممارسة اليومية.

مقارنة مع مهن أخرى نجد أن الاعتراف بالممارسة لا يتطلب تجديدًا مستمرًا فالمحامي يحصل على بطاقة دائمة بعد استيفاء الشروط القانونية نفسها ينطبق على الأطباء الذين لا يضطرون إلى تجديد رخصتهم إلا في حالات محددة تتعلق بتغييرات قانونية أو مهنية جوهرية فلماذا يكون الصحفي وحده مطالبًا بإثبات وجوده المهني كل سنة رغم أن مهنته تقوم على الاستمرارية والالتزام اليومي.

فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصبح البطاقة المهنية أكبر هموم الصحفيين، في وقت تعاني فيه المهنة من أزمات أعمق تتعلق بحرية التعبير، وأوضاع الصحفيين الاقتصادية، واستقلالية وسائل الإعلام، والتحديات الرقمية التي تعصف بالمجال.

فالبطاقة المهنية هي مجرد أداة إدارية تمنحها هيئة مهنية لتنظيم المجال، لكنها لا تحدد هوية الصحفي ولا قيمته في المجتمع ،فالصحفي الحقيقي يُعرَف بممارسته اليومية لمهنة البحث عن الحقيقة ونقلها للجمهور بمهنية ومسؤولية، وليس بوثيقة تحدد صلاحيتها لسنة واحدة،التمسك بالمطالبة بإلغاء أو تعديل شروط هذه البطاقة يجب ألا يحجب عن النقاش القضايا الجوهرية التي تمس جوهر المهنة، مثل ضمان الحماية القانونية للصحفيين، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية، ومواجهة الضغوط التي تحد من حريتهم في أداء واجبهم المهني.

من الضروري أن يوجه الصحفيون جهودهم إلى القضايا التي تؤثر على مستقبل الصحافة، بدلاً من التركيز على مسألة إدارية يمكن معالجتها في إطار نقاش أوسع حول تنظيم المهنة. الصحافة في حاجة إلى إصلاحات حقيقية تحمي استقلاليتها وتضمن استمراريتها كمهنة أساسية في بناء الديمقراطية، وليس إلى اختزال مشكلاتها في تجديد بطاقة مهنية.

هذا الوضع يفرض ضرورة مراجعة القوانين المنظمة للمهنة وإعادة النظر في مسألة تجديد البطاقة المهنية بما يحترم مكانة الصحفي ويمنحه الاستقرار القانوني الذي يحظى به زملاؤه في مهن أخرى دون المساس بالمعايير المهنية التي تضمن جودة العمل الصحفي.

مشاركة