صوت العدالة- عبد الكبير الحراب
شهدت قاعة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء واحدة من أغرب الجلسات في ملف “إسكوبار الصحراء”، حيث تحوّلت شهادة فنانة مغربية مشهورة إلى جزء من رواية الدفاع عن برلماني سابق، متّهم في واحدة من أعقد قضايا التهريب وتبييض الأموال بالمغرب.
مير بلقاسم، البرلماني السابق وصهر القيادي البامي عبد النبي بعيوي، وجد نفسه في قلب العاصفة، بعدما تحوّل من رجل أعمال في الفلاحة والعقار إلى متّهم محتمل بالضلوع في شبكة دولية لتهريب المخدرات والذهب، تمتد خيوطها من المغرب إلى النيجر ومالي، مرورا بالجزائر.
في لحظة درامية، طالب بلقاسم من القاضي استدعاء الفنانة لطيفة رأفت للإدلاء بشهادتها حول استضافة زوجها المالي السابق، بنبراهيم، المعروف بلقب “إسكوبار الصحراء”، داخل فيلته الفاخرة بحي كاليفورنيا بالدار البيضاء. مؤكدا أن السكن تم بطلب منها بعد “وجبة كسكس”، وأنه سلّمهما المفاتيح فقط لأن “وجهها عزيز عليه”.
لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد. إذ صرح بلقاسم أنه اضطر لاحقاً لتغيير أقفال الفيلا بعد سماعه خبر طلاقهما، مشككاً في تصريحات بنبراهيم الذي اتهمه بالضلوع في عمليات مشبوهة، متسائلاً بحرقة: “علاش غيكذب عليّ؟ درت فيه غير الخير”، قبل أن تدمع عيناه في مشهد إنساني أثّر حتى في القاضي.
المحكمة واجهت بلقاسم بسيل من الاتهامات: شاحنات مستوردة من الصين، صفقات مشبوهة مع رجال أعمال معروفين، فواتير ماء وكهرباء باسم بنبراهيم، وشهادات تتحدث عن سهرات خاصة وعلاقات بأسماء ثقيلة في عالم التهريب، من ضمنهم بعيوي وسعيد الناصري.
غير أن بلقاسم تشبّث بالإنكار، ورفض أي صلة له بتجارة الذهب أو المخدرات، معتبراً نفسه فلاحاً ومنعشاً عقارياً لا علاقة له لا بالرشيدية ولا بالريش ولا بالحدود الشرقية، بل كان – حسب زعمه – بفرنسا رفقة والده المتوفى سنة 2006.
في ختام الجلسة، طالب بلقاسم بإجراء تحقيق تقني يشمل تتبع تحركاته ومكالماته، معتبراً أن التكنولوجيا الحديثة كفيلة بإثبات براءته أو تورّطه، داعياً إلى مواجهته وجهاً لوجه مع كل من يتهمه أو يدّعي معرفته.
القضية لا تزال في بداياتها، والخيوط متشابكة بشكل كبير، من السياسي إلى الفني، ومن التجاري إلى الإجرامي. هل يكون بلقاسم فعلاً ضحية استغلال علاقاته ونواياه الحسنة؟ أم أنه جزء من شبكة كبيرة تُخفي أسراراً خطيرة خلف ستار التجارة والفن والعقار؟
الأيام القادمة ستكشف ما إن كانت دموع البرلماني السابق صادقة، أم أنها مجرّد فصل تمثيلي في مسرحية قضائية تتجاوز الخيال.