صوت العدالة- عبد الكبير الحراب
تستمر جلسات الاستماع بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء في إطار القضية المثيرة للجدل المعروفة إعلاميًا بـ”إسكوبار الصحراء”، والتي يتابع فيها عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم القياديان السابقان في حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي.
خلال إحدى الجلسات، واجه القاضي المتهم “العربي .ط” بتسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية خضعت للتفريغ بأمر قضائي، والتي تضمنت محادثات بينه وبين عدد من رجال الشرطة، من بينهم “نصر الدين. س” و”خالد. ح”. غير أن المتهم أنكر أي علاقة تربطه بالشرطي “خالد .ح” أو معرفته بالسليماني.
عند استفساره عن طبيعة أعماله، صرّح طيبي بأنه يملك شركة تنشط في قطاع العقارات بكل من وجدة وإسبانيا، كما أشار إلى دخوله مجال الفلاحة رفقة والده، مؤكدًا أن تعاملاته التجارية شرعية.
في السياق نفسه، استمعت المحكمة إلى المتهم إسماعيل لمعلم، الذي أنكر بدوره أي تورط في عمليات تهريب أو تصدير المخدرات. وعند سؤاله عن علاقته بالمتهم الملقب بالمالي، أوضح أنه سبق له بيع شقة لهذا الأخير في مدينة المحمدية.
ورغم مواجهته باعترافات المتهم المالي، الذي أقرّ بوجود عمليات تهريب لمخدر الشيرا عبر مناطق الراشيدية والريش وراس الخنفرة، وذكر اسم عبد النبي بعيوي ضمن المتورطين، مشيرًا إلى نقل 200 طن من المخدرات بسيارات رباعية الدفع نحو الحدود الجزائرية لفائدته، إلا أن بلمعلم استمر في إنكار جميع التهم الموجهة إليه.
كما تطرّق القاضي إلى واقعة إيداع مبلغ مالي يتجاوز 500 مليون سنتيم باسم زوجة المتهم المالي الأوكرانية، مستندًا إلى تسجيلات كاميرات المراقبة وشهادة مدير الوكالة البنكية، غير أن المتهم نفى الأمر كليًا، مشددًا على عدم وجود أي صلة له بهذه التحويلات.
شهدت إحدى الجلسات القضائية استجوابًا مكثفًا للمتهم “بلمعلم”، حيث استفسر القاضي عن علاقته بشبكة دولية للاتجار بالمخدرات، وذكر عددًا من الأسماء المشتبه في تورطها، من بينهم عبد النبي بعيوي، “العربي”، “علال”، “إسماعيل”، “بلمير”، و”عبد الرحيم ب”، بالإضافة إلى سعيد الناصري، الذي يُزعم أنه كان مسؤولًا عن نقل عائدات تجارة المخدرات. غير أن المتهم نفى بشدة أي علاقة له بهذه الشبكة، مؤكدًا أنه لم يسبق له الانخراط في أي نشاط مرتبط بالمخدرات.
وخلال الجلسة، استعرض القاضي محضر اعترافات “إسكوبار”، الذي أكد معرفته بالمتهم، مشيرًا إلى زيارة الأخير له في مالي رفقة العربي طيبي بغرض تهريب شحنات مخدرات إلى ليبيا. إلا أن “بلمعلم” رفض هذه الادعاءات، موضحًا أن تعامله مع المالي اقتصر على بيع شقة بقيمة 89 مليون درهم، وأنه لم يلتقه إلا مرة واحدة خلال توقيع العقد لدى الموثقة.
كما قدم القاضي وثائق تكشف تفاصيل الحسابات البنكية للمتهم، مبينًا أن إجمالي المبالغ المودعة خلال سنة 2020 بلغ 43.726.120 درهمًا. إلا أن “بلمعلم” اعتبر هذه الأرقام طبيعية بالنظر إلى نشاطه في مجال الإنعاش العقاري، مشددًا على أن هذه الأموال تُستخدم في تغطية التزامات مهنية ودفع الضرائب المستحقة.
أما فيما يتعلق بالمتهم “فؤاد. ي”، فقد تمت مواجهته بتصريحات “الحاج بن براهيم”، الذي أكد لقاءه به رفقة سعيد الناصري في مكتب الموثقة “سليمة. ب” سنة 2014، حيث تمت مناقشة بيع شقتين كان قد اشتراهما من بعيوي، إضافة إلى تفويت ملكية خمس شقق لصالح الناصري دون استلام ثمنها. وقد قام “فؤاد” بتحرير شيكات بقيمة البيع ومصاريف التسجيل والتحفيظ.
وبالنسبة لسعيد الناصري، أوضح المتهم أنه كلّفه ببيع شقتين ضمن مشروع ساحلي بالسعيدية، رغم أنهما كانتا مسجلتين باسم مواطن مالي وليس باسمه. وذكر أن طرفي المعاملة كانا عبد المولى عتيقي وزوجته، وعبد الصمد عاشوري وزوجته، حيث تسلم منهما قيمة الشقتين، قبل أن يحوّل مبلغ 650.000 درهم إلى الناصري كجزء من الثمن.
وأكد المتهم أن تكليفه بالوساطة في عملية البيع جاء بناءً على معاملات سابقة مع المواطن المالي، دون أن يكون له علم بأي مخالفات قانونية.
وفي ظل ترقب واسع لمجريات المحاكمة، قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى يوم الجمعة المقبل، لاستكمال الاستماع إلى باقي المتهمين، وسط اهتمام إعلامي وجماهيري كبير، في انتظار الكشف عن مزيد من التفاصيل حول هذه القضية التي أثارت جدلًا واسعًا.

