الرئيسية آراء وأقلام إسقاط الحكومة المغربية: خيار الضرورة لا رفاهية الاختيار

إسقاط الحكومة المغربية: خيار الضرورة لا رفاهية الاختيار

IMG 20250512 WA0000
كتبه كتب في 12 مايو، 2025 - 8:50 صباحًا


بقلم: عبد الكبير الحراب

تنبيه أولي: هذا المقال لم يُكتب عبثاً

هذا المقال الذي بين أيديكم لم يُكتب بدافع انفعال عابر أو مزايدة سياسية رخيصة. بل هو ثمرة تفكير عميق، وتمحيص طويل، وقراءة دقيقة لتطورات المشهد السياسي المغربي، وتداعيات الأوضاع الاجتماعية التي باتت تضغط على كاهل المواطن المغربي بشكل غير مسبوق.

لقد قضيتُ أسابيع وأنا أراقب مؤشرات الاقتصاد، أتابع تصريحات المسؤولين، أستمع لنبض الشارع، وأحلل توجهات القوى الحية في هذا الوطن. وبعد هذا المسار من التحليل والتمعن، اقتنعت أن ما أكتبه اليوم ليس خياراً ذاتياً، بل ضرورة وطنية يمليها الضمير ويستوجبها الواقع.

لهذا، أدعو القارئ إلى أن يقرأ هذا المقال بعقل بارد وقلب مفتوح، بعيداً عن الاصطفافات الضيقة، لأن الهدف ليس تصفية حسابات، بل طرح تصور واقعي لإنقاذ المغرب من أزمة تتفاقم يوماً بعد يوم.

حينما يتحول الصبر إلى عبء وطني

منذ سنوات والمغاربة يراهنون على الحكومات المتعاقبة لإحداث نقلة نوعية في ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. لكن الواقع الصادم اليوم يفرض سؤالاً لا مفر منه: هل من مخرج حقيقي من هذا النفق المظلم في ظل استمرار الحكومة الحالية؟ أم أن خيار إسقاطها أصبح ضرورة وطنية لإنقاذ ما تبقى من الأمل؟

حكومة فقدت بوصلتها أمام معاناة المواطن

في ظل تصاعد الأسعار، تراجع القدرة الشرائية، ارتفاع البطالة، وتدهور الخدمات الاجتماعية الأساسية، أضحت الحكومة الحالية عاجزة عن تقديم أجوبة مقنعة. برامج الدعم الاجتماعي لم تتجاوز كونها مسكنات ظرفية، فيما استمرت الامتيازات والاحتكارات تنهش جسد الاقتصاد الوطني.

اليوم، لم تعد القضية مسألة تقييم أداء حكومي فقط، بل تحولت إلى معضلة معيشية تمس كرامة المواطنين وتفقدهم الثقة في المؤسسات.

التغيير السلمي: مسؤولية دستورية ومجتمعية

إسقاط الحكومة ليس دعوة للفوضى أو قفزاً على الشرعية، بل هو حق مشروع منصوص عليه في دستور المملكة. ويمكن تحقيق هذا الهدف عبر أدوات سلمية واضحة:
– ملتمسات الرقابة البرلمانية
– المسيرات السلمية المنظمة
– التوعية الإعلامية والرقمية
– تحريك رقابة المجتمع المدني والنقابات

المطلوب اليوم هو حراك وطني منظم، يعيد للمواطنين زمام المبادرة ويضغط من أجل حكومة جديدة ذات مشروعية شعبية حقيقية.

مواصفات الحكومة البديلة: كفاءة، نزاهة، جرأة

أي تغيير بلا رؤية واضحة محكوم عليه بالفشل. لذا نحتاج إلى حكومة بديلة بهذه الشروط:
– تحالف سياسي متوازن: يضم الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، العدالة والتنمية (بوجوه متجددة).
– وزراء أكفاء: نزار بركة، شكيب بنموسى، نزهة الصقلي، أمينة بوعياش.
– برنامج أولويات واضح: خفض الأسعار، إصلاح الضرائب، النهوض بالتعليم والصحة.
– نظافة اليد: منع تضارب المصالح، شفافية الممتلكات.
– تفاوض ناضج مع المؤسسة الملكية: استقلالية قرارية ضمن الثوابت الوطنية.
– انفتاح على الكفاءات الشابة والمجتمع المدني.

ميثاق الشرف الحكومي: تعاقد جديد مع المغاربة

نقترح ميثاقاً يُلزم أي حكومة مقبلة بهذه المبادئ:

  1. أولوية الكفاءة
  2. شفافية الممتلكات
  3. برنامج واضح بزمن محدد
  4. لا ولاية ثانية دون محاسبة
  5. تغليب المصلحة الوطنية
  6. انفتاح دائم على المجتمع المدني

نداء إلى الأحزاب السياسية: ارتقوا إلى مستوى اللحظة

إلى قيادات الأحزاب الوطنية، يميناً ويساراً، تقدميين ومحافظين: الوطن اليوم يناديكم بصدق، بعيداً عن لغة المناورات والمقايضات. لقد سئم المغاربة تحالفات هجينة تعلو فيها المصالح الحزبية على مصلحة الشعب. إن الزمن السياسي الجديد الذي تفرضه الأزمة الاجتماعية الحادة، يقتضي منكم جميعاً شجاعة مراجعة الذات وتقديم تنازلات تاريخية من أجل الوطن.

لا تكونوا أدوات في صراع النخب، بل كونوا صوت الشعب، وانخرطوا في مشروع إنقاذ وطني حقيقي. ليس المطلوب فقط إسقاط الحكومة الحالية، بل الأهم هو بناء حكومة بديلة تجسد آمال المغاربة، وتجعل من ثقتهم المهدورة رصيداً سياسياً جديداً.

كلمة أخيرة

أيها المغاربة، الوطن لا يُبنى بالانتظار ولا بالشعارات الجوفاء. فلنكن جميعاً في مستوى هذا التحدي التاريخي. لا لإدارة الأزمة بترقيع الحلول، نعم لثورة إصلاحية هادئة تعيد الأمل والكرامة.

آن الأوان.

كتبه: عبد الكبير الحراب
صحافي مغربي يؤمن بأن الكلمة الحرة أمانة في خدمة الوطن

مشاركة