الرئيسية آراء وأقلام أين أنتم من روح فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟؟

أين أنتم من روح فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟؟

IMG 20181228 WA0049.jpg
كتبه كتب في 27 ديسمبر، 2018 - 5:29 مساءً

 

 

أحمد الصبار: إعلامي و إطار تربوي.

 

 

نؤكد قبل قول المقصود أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حسب التعريف الذي أعطته لها الجهات الرسمية، هي مشروع تنموي من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكان المغرب يقوم على ثلاث محاور أساسية، أولها التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، وثانيهما تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل، وثالثهما العمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة.

فعلى المستوى الجهوي، يعتبر والي الجهة هو رئيس الهيئة الجهوية، وعامل الإقليم هو رئيس اللجنة الإقليمية، فيما تعود رئاسة اللجنة المحلية للتنمية البشرية إلى “منتخب” رئيس الجماعة الترابية، مما يفتح الباب على مصراعيه لاستغلالها سياسيا وأداة للضغط على الخصوم وإخضاع الراغبين في الاستفادة من المشاريع أو من الدورات التكوينية التي تعمل مختلف الجماعات الترابية على تنظيمها بشكل سنوي دون مراعاة إمكانيات الجماعة المادية ودون الأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الأولية للساكنة/ الناخبة، والنموذج من مدينة جرسيف.

ولوضع القارئ و الرأي العام المحلي و الوطني في الصورة، علاقة باللجنة المحلية للتنمية البشرية موضوع الحديث، فهي تتشكل على صعيد الجماعة أو المقاطعة الحضرية، يرأسها رئيس المجلس، وتتكون من المنتخبين المحليين الممثلين في المجلس الجماعي ومن ممثلي القطاعات الحكومية  بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني، والذين لا نعرف كيف يتم اختيار ممثلي هذا الأخير ولا المعايير التي يجب أن تتوفر في هذه الجمعية أو تلك لتكون ممثلة في اللجنة المحلية، خصوصا وأن كل من تتبعوا أشغال اللجنة المحلية وهي تحضر للدورة التكوينية بين ألف قوس المزمع تنظيمها نهاية شهر يناير المقبل، لم يسجلوا حضور أغلب الناشطين الجمعويين، مما يعني أن جماعة جرسيف ستقتصر وكالعادة على اعتماد معيار الولاء السياسي والانتخابي سواء في ممثلي المجتمع المدني أو في اختيار مؤطري الورشات التكوينية بين ألفي قوس.

وتنويرا للرأي العام، فإن مهام اللجنة المحلية للتنمية البشرية تهم إعداد برامج المبادرة المحلية للتنمية البشرية وكذا اختيار وتقييم المشاريع المقترحة في إطار المبادرات المحلية للتنمية البشرية ثم ضمان الالتقائية مع البرامج القطاعية الأخرى، إن وُجدت طبعا في تصور الجماعة وبرنامج عملها الذي لم تعلن عنه بعد رغم مرور نصف الولاية.

إشارة أخرى لابد من الوقوف على حيثياتها، وهي تلك المتعلقة بفرق تنشيط الجماعات والأحياء، والتي أثارت وتثير جدلا واسعا بين مجموع الموظفين الحكوميين والناشطين الجمعويين بجماعة جرسيف، بعد الطريقة والمعايير غير المفهومة التي يعتمدها رئيس الجماعة بصفته رئيسا للجنة المحلية للتنمية البشرية، والتي اتسمت بسيمة الإقصاء وتهميش الكفاءات المؤهلة.

للعب الدور المنوط بهذه الفئة انسجاما مع مقتضيات المرسوم المتعلق بتخصيص تعويضات جزافية لفائدة أعضاء فرق تنشيط الأحياء الحضرية والجماعات القروية المستهدفة.

على كل حال، وحسب ما نشره موقع جماعة جرسيف كإعلان للجمعيات والتعاونيات الراغبة في الاستفادة من الدورة التكوينية التي سيتم تنظيمها نهاية يناير 2019، مرفوق باستمارة يفترض ملؤها كشرط أساسي للمشاركة، إلا أنه يبقى إعلان ناقص في غياب المحاور التي سيتم تكوين هذه الجمعيات والتعاونيات بخصوصها إسوة بما تقوم به اللجنة الإقليمية، إذ أن أغلبية المعنيين تحفظوا على ملئ هذه الاستمارة الملغومة التي ترمي إلى جمع أكبر عدد من المشاركين الذي لا تهمهم في الدورات التكوينية التي تنظمها اللجنة المحلية إلا فقرة “وجبة الغذاء” المجانية والتي لا تربطها اللجنة المحلية بالحضور الإلزامي، كما أن عدم الإفصاح عن البرنامج الذي قد يتضمن المحاور الأساسية وخصوصيات الورشات ينم عن نوايا مبيتة لا تتماشى وروح فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإنما الهدف من ذلك تبذير أموال عمومية لا أقل ولا أكثر.

وختاما، نؤكد أن المواطن عنصرا مهما في التنمية المحلية، والمواطنة الحقة أساسية لإنجاح المبادرة من أجل تنمية بشرية عنوانها التكامل والتضامن والتعاون… وتبقى كذلك العلاقة بين المواطنة والتنمية البشرية علاقة جدلية، على اعتبار أن بناء الوطن هو قوام المواطنة، والتنمية البشرية هي بناء الوطن بالمعنى الشامل، فكلما كانت المواطنة أصيلة و قوية، كلما كان إسهام المواطن في التنمية البشرية فاعلا ومؤثرا، وما تأكيدنا على أخلاقيات المواطنة، إلا تأكيدا على ترسيخ أسس التنمية البشرية التي تهدف إلى تحقيق التقدم والرفاهية لجميع أفراد المجتمع انسجاما مع مبادئ الورش الملكي الكبير.

مشاركة