أولاد الفشوش بين التطبيق الصارم للقانون والتحامل المجتمعي والإعلامي

نشر في: آخر تحديث:

عزيز بنحريميدة

في المجتمعات التي تتمتع فيها بعض العائلات بثروة ونفوذ كبيرين، يبرز مصطلح “أولاد الفشوش” للإشارة إلى أبناء الأثرياء الذين يُعتقد أنهم يعيشون حياة مترفة بعيدًا عن المتطلبات والمسؤوليات اليومية التي تواجه الآخرين. هؤلاء الأبناء غالبًا ما يجدون أنفسهم تحت مجهر النقد والانتقاد من المجتمع ووسائل الإعلام، وتكون تصرفاتهم محل اهتمام خاص.
فكما يعلم الجميع أن القانون يجب أن يكون عادلًا ويطبق بالتساوي على الجميع بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية،ولكن في بعض الحالات، يتعرض “أولاد الفشوش” لنوع من التسامح أو المعاملة التفضيلية بسبب نفوذ أسرهم، هذا الوضع يثير استياء المجتمع ويعزز الشعور بالظلم، حيث يعتقد الناس أن الأثرياء وأبناؤهم يمكنهم الإفلات من العقاب بفضل المال والعلاقات.

في المقابل، هناك حالات يتعامل فيها القانون بصرامة شديدة مع هؤلاء الأبناء لتجنب الانتقادات المجتمعية والإعلامية، ومحاولة لإظهار نزاهة النظام القضائي، هذا التطبيق الصارم قد يكون ضروريًا لضمان العدالة والمساواة، لكنه أيضًا قد يُفسر على أنه تحامل على هؤلاء الأبناء بسبب خلفيتهم العائلية.

فالمجتمع غالبًا ما ينظر إلى “أولاد الفشوش” بعين النقد والحقد الطبقي حيث يُعتقد أن هؤلاء الأبناء يحصلون على كل ما يريدون دون بذل جهد يذكر، وأنهم مدللون وغير مسؤولين. هذه النظرة المتحاملة يمكن أن تؤدي إلى تشويه سمعتهم وتعزيز الصور النمطية السلبية،التي زكتها الأفلام و المسلسلات منذ أن تسيد الإعلام مناهج التوجيه و حل محل دور التربية و التعليم.

فبعض الأبناء الأثرياء يشعرون بالضغط الناتج عن هذه النظرة المتحاملة، مما يمكن أن يؤدي إلى انعزالهم عن المجتمع وزيادة شعورهم بالوحدة، قد يجدون صعوبة في تكوين صداقات حقيقية وثقة بالآخرين، حيث يُنظر إليهم دائمًا من خلال عدسة الثروة والنفوذ.

وسائل الإعلام بدورها تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام حول “أولاد الفشوش”،عبر نشر الأخبار التي تتعلق بأخطائهم أو فضائحهم التي تتصدر العناوين بسرعة، مما يضخم من حجم المشكلة ويزيد من التشويه الإعلامي،هذا التركيز الإعلامي يمكن أن يكون له تأثير مدمر على حياة هؤلاء الأبناء، حيث يتم تصويرهم دائما بشكل سلبي بطريقة تزكي حقد بعض الأشخاص على كل ثري لا لشيء سواء لثراءه و ما أنعم به الله عليه من ثروة وجاه.

فالإعلام يسعى لجذب الانتباه وزيادة المشاهدات، لذلك يتم التركيز على القصص المثيرة والتي تشمل فضائح أبناء الأثرياء. هذه التغطية الإعلامية المبالغ فيها لا تأخذ في الاعتبار الجانب الإنساني والنفسي لهؤلاء الأبناء، وتساهم في تعزيز النظرة المتحاملة نحوهم لأن الغاية تبرر الوسيلة و الغاية هنا هو تحقيق أعلى نسب المشاهدات و المتابعات ولو على حساب الحياة الخاصة لهؤلاء الأثرياء و أبناءهم.

فمن الضروري أن يكون هناك توازن في كيفية تعامل المجتمع ووسائل الإعلام والقانون مع “أولاد الفشوش”، فالعدالة تقتضي أن يُعامل الجميع بالمساواة أمام القانون، دون تمييز أو تفضيل ،في الوقت نفسه، يجب أن يكون هناك تفهم للضغوط والتحديات التي يواجهها بعض أبناء الأثرياء بسبب الصغوطات الكبيرة والتحامل المجتمعي والإعلامي.

فأولاد الفشوش يواجهون بدورهم مشاكل و تجاذبات متعددة بسبب ثروة آبائهم، منها التشديد و التطبيق الصارم للقانون عند أخطاءهم ولو كانت تعتبر عادية إذا ما إقترفها شخص عادي،إذ يجب على القانون أن يُطبق بنزاهة وعلى الجميع، كما يجب على وسائل الإعلام التعامل مع هذه القضايا بحساسية ووعي أكبر، ففي النهاية، يمكن أن يؤدي الفهم المتوازن والدعم النفسي والاجتماعي إلى تحسين حياة هؤلاء الأبناء على إعتبارهم أفراد ينتمون إلى هذا الوطن الحبيب.

اقرأ أيضاً: