الرئيسية أحداث المجتمع أهم ما ميز مداخلة نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024

أهم ما ميز مداخلة نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024

6875AA4D 091A 4CEE 8E34 2779B751E410
كتبه كتب في 14 نوفمبر، 2023 - 12:24 مساءً

السيد الرئيس

السيدات والسادة الوزراء

السيدات والسادة النواب المحترمون،       

 تشكل مناقشة مشروع قانون المالية السنوي، لحظة دستورية وسياسية بالغةالأهمية، وهي مناسبة لنعبر في الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادليةبمجلس النواب، عن اعتزازنا الكبير بأهمية الأشواط الكبرى التي قطعتهابلادنا، بقيادة جلالة الملك حفظه الله، في كل المجالات، بفضل التلاحمالتاريخي لأمتنا، ملكا وشعبا، وهو ما أفرد لوطننا الغالي، استقرارا متفرداواستثنائيا في ظل سياق إقليمي وعالمي بالغ التعقيد والتوتر. وهو استقراريشكل في حد ذاته، نعمة ورأسمال ثمين لبناء دولة المؤسسات وسمو القانون،وترسيخ حقوق الإنسان مسلحين في ذلك بالإجماع الوطني المطلق حولثوابتنا الدستورية الجامعة.

ويهمنا هنا، أن نعبر عن اعتزازنا الكبير بوحدة صف أمتنا وصمودها فيدفاعها المستميت عن قضيتنا الأولى، قضية وحدتنا الترابية المقدسة بقيادة جلالة الملك حفظه الله، والتي أضحت تتمتع اليوم بمساندة واسعة ومتزايدة من المنتظم الدولي، ليس فقط بفضل جدية ومصداقية مقترح الحكم الذاتي الذي طرحته بلادنا والذي يعتبر الحل الوحيد والأوحد لحل هذا النزاع المفتعل من طرف عدد محدود جدا من الأنظمة المأزومة والشاردة، بل أيضا بفضل اقتناع العالم بما تحقق ويتحقق يوميا بجهاتنا الجنوبية الغالية من منجزات تنموية كبيرة على كل الأصعدة، بل تحولها الى قاطرة لتنمية الوطن، كما أكد ذلك جلالة الملك بمناسبة خطابه السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة،  حيث أضحت الجهات الجنوبية للمملكة ولله الحمد، تنعم بمقوماتتنمية مستدامة، صلبة ومنصفة، تتوجها المشاركة الفاعلة لساكنة الصحراءالمغربية، سواء في دينامية البناء والتنمية الوطنية، أو في تدبير الشؤونالسياسية والتمثيلية المحلية، وهو ما أصبح محط إشادة من المجتمع الدوليوالحقوقي، في مقابل إصرار زمرة الانفصاليين وداعميهم على نهج التطرف والإرهاب كما حدث مؤخرا بمدينة السمارة، حيث امتدت الايادي الإرهابية الغاشمة، لقتل المدنيين وترويع استقرارهم وأمنهم، فخلفت شهيدا وعددا من الجرحى، وهو إرهاب آثم رفضته وترفضه ليس فقط كل الدول الديموقراطية في العالم، بل كل ساكنة أقاليمنا الجنوبية بمختلف مكوناتها التي خرجت في مسيرات كبرى للتنديد بهذه الجريمة النكراء التي تؤكد بكل وضوح أن موضوع هذا الصراع المفتعل لم يكن يوما مع جماعة إرهابية وراعية للإرهاب والتطرف، بل مع النظام  الجزائري الذي  يصر على معاكسة  مجرى التاريخ والمستقبل ويصر على  رفض اليد المدودة التي عبر عنها جلالة الملك في مناسبات عديدة. 

كما نعبر بهذه المناسبة عن اعتزازنا الكبير بالقرار الأممي الأخير بشأنالصحراء المغربية والذي أكد مرة أخرى على أن مقترح المغرب بتمكين ساكنةالصحراء المغربية من حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية هو مشروع جديوذو مصداقية، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الحل واقعيا وعملياومستداما وهو ما يمثله المقترح المغربي للحكم الذاتي الذي ندعو إلىالتسريع بتنزيله.

ولا يفوتنا هنا أن نجدد التقدير والاعتزاز بقواتنا المسلحة الملكية الباسلة، بكلتصنيفاتها، تحت قيادة جلالة الملك القائد العام للقوات المسلحة الملكية، علىما تبذله من تضحيات وطنية جسيمة واستثنائية، للدفاع عن حوزة الوطنوحماية حدوده.

السيد الرئيس،

لقد شكلت الرسالة الملكية السامية التي وجهها أمير المؤمنين جلالة الملك حفظه للسيد رئيس الحكومة والرامية إلى إعادة النظر في مدونة الأسرةوالتي جاءت تفعيلا للقرار السامي الذي أعلن عنه جلالته في خطاب العرش لسنة 2022، في تجسيد للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها، أعزه الله، للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة بشكل عام. شكلت لحظة فارقة في مسار صون مقومات الإنسية المغربية المستمدة من تاريخ أمتنا الإسلاميةوحضارتها، والتي تواجه اليوم تحديات جمة، تفرضها خارجيا، نتائج العولمةوتأثيرات الفورة التكنولوجية، وداخليا بعض النزعات الشاذة، التي حاولت جاهدة ولا تزال خلق أزمة حول الهوية الوطنية، وهي نزعات تواجهها الأمةالمغربية موحدة بالرفض المطلق، مستندة في ذاك على ثقتها المطلقة فيمؤسسة إمارة المؤمنين، والتي شكلت عبر التاريخ، أحد أبرز عناصرالاستقرار والأمن الروحي للشعب المغربي.

ولذلك ومن منطلق مسؤوليتنا الوطنية في حزب الاستقلال، فإننا نثمن عاليا المبادرة الملكية بتشكيل لجنة مختصة تعتمد مشاورات تشاركية الواسعة لرفعمقترحات التعديلات التي ستنبثق عن أشغالها، إلى النظر السامي لجلالة الملك، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان.

السيد الرئيس

لقد مرت بلادنا بلحظات عصيبة إبان الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز والأقاليم المجاورة، ورغم الألم الذي خلفته هذه الفاجعة التي لا راد لقضاء الله فيها، فقد نجحت بلادنا ولله الحمد، في تقديم رسالة واضحة للعالم مرة أخرى، أكدت بجلاء، قوة وصلابة بلادنا، وتلاحم مكونات أمتنا، ونهضتها السريعة لمواجهة آثار هذا الزلازل، فبعد النجاح المبهر الذي تحقق في المرحلة الأولى للإنقاذ وانتشال جثامين الشهداء ومعالجة المصابين بفضل القيادة السديدة لجلالة الملك حفظه الله، الذي حرص منذ اللحظات الاولى للفاجعة على تجنيد كل امكانيات الدولة وتتبع كل التفاصيل بتعليمات ملكية سامية ومتواصلة، ترأس خلالها جلالته سلسلة من الاجتماعات وتوجت بزيارة جلالته الميدانية لعيادة الجرحى بالمستشفى الجامعي بمراكش، في صورة اختزلت كل معاني التضامن والتآزر بين الملك والشعب.

ولعل الملحمة التضامنية الكبرى التي رسمها الشعب المغربي بكل مكوناته، من جنوبه الى شماله، ومن شرقه إلى غربه، من كل القرى والمداشر والمدن، من داخل الوطن كما خارجه، لخير دليل على وحدة أمتنا وتفرد الانسية المغربية التي أبهرت العالم، وجعلته يقف احتراما لنجاح أمتنا في تدبير هذه الأزمة، بمهنية وإنسانية وحكمة.

ولا يفوتني هنا أن أجدد شكري لكل مكونات قواتنا المسلحة الملكية بقيادة قائدها الأعلى جلالة الملك حفظه، ومختلف السلطات العمومية، وجمعيات المجتمع المدني وكل المتطوعين، على ما قدموه ولا زال في الميدان، من تضحيات جسام، لمؤازرة إخواننا في مناطق الزلزال.

السيد الرئيس،

إن نجاح بلادنا في المرحلة الأولى للزلزال، بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، لرهينة بالإنجاح الجماعي لمرحلة الاعمار، كل من موقعه، كما وجه بذلك جلالة الملك حفظه الله، لذلك فإننا نعتبر ان احداث وكالة تنمية الأطلس الكبير،خطوة أولى كبيرة في الاتجاه الصحيح من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المندمجة بهذه المناطق وإنجاز مشاريع إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة، في مرحلة أولى، وفي كل مناطق الأطلس الكبير بصفة عامة. بتكلفة إجمالية تقدر ب 120 مليار درهم على خمس سنوات.

السيد الرئيس

بكل تأكيد أن ما نعيشه اليوم ليس فقط مجرد مشروع قانون مالي عادي، وليس مجرد إجراءات متفرقة ذات طابع اجتماعي، بل في الحقيقة هي خطوةتاريخية  تبصم عليها بلادنا ، في مسار بناء وتعزيز ركائز الدولة الاجتماعيةالتي أسس لها وأطلقها جلالة الملك حفظه الله، والتي تهدف الى حمايةالفئات الهشة وتمكينها من الحد الادنى من سبل العيش الكريم، وتكرس  ضمانات وحقوقا أساسية في كل المجالات الاجتماعية وعلى رأسها توفير  دخل أدنى للأسر المستحقة وتكريس الحقوق الدستورية في الولوج للصحة والتعليم اللذان ظلا لسنوات مطلبا شعبيا وسياسيا، عبر منظومة اجتماعية متكاملة ومتناسقة تحقق الانصاف وتعيدنا الى سكة العدالة الاجتماعية.

وبكل وضوح فإن هذا الورش الملكي الاستراتيجي غير المسبوق فيمنطقتنا العربية والافريقية، يشكل منظومة اجتماعية متكاملة ومتناسقة كما هو الشأن بالنسبة للدعم الاجتماعي المباشر للأسر المغربية المستحقة، وهوأمر غاية في الاهمية لعدد كبير من الاسر التي لا تتوفر على أي دخل أو دخل محدود جدا، والأهم أنه دعم مركب يمتد على عدة محاور ومعايير دقيقة للاستهداف، خاصة للأسر المغربية التي  تتوفر على اشخاص في وضعيةاعاقة وهي الأسر التي عانت لسنوات طويلة مع مشكلة الإعاقة في غياب أي دعم منتظم وواضح، علما أن الأمر  يتعلق بقرابة  700 ألف مواطن ومواطنة من ذوي الاحتياجات الخاصة المختلفة مع ما يتطلبه الأمر من مواكبة مرهقة للأسر في التدريس والادماج الاجتماعي فضلا عن التكاليف الباهظة للعلاج والرعاية، وفقط هذه الأسر من سيقدر هذه الالتفاتة المهمة في انتظار تطويرها أن شاء الله تعالى فضلا عن الأسر التي تتوفر  أشخاص مسنينفوق 65 سنة من الذين لا يملكون نظاما للتقاعد من خلال مدخول الكرامة ووصولا الى  التعويض عن الاطفال في حدود 3 اطفالا كما هو معمول به فينظام الوظيفة العمومية مع مستجد منحة الولادة،  وهي منظومة لا تقف عند هذا الدعم الاجتماعي المباشر بل تتعداه الى توفير التغطية الصحيةالاجبارية عن المرض لفائدة 21 مليون مواطن ومواطنة من حاملي بطاقةراميد سابقا الذين اضحوا اليوم مؤمنين عن المرض ويمكنهم الولوج السلسللخدمات الصحية سواء في القطاعين العام او الخاص اسوة بباقي الأجراءوالموظفين وبنفس نسب التعويض ونفس سلة العلاجات، والمغاربة البسطاء الذين عانوا لسنوات طويلة من معضلات منظومتنا الصحية يدركون جيدا أهمية هذا الجزء من المشروع الملكي الاستراتيجي لترسيخ ركائز دولة اجتماعية منصفة وعادلة، فضلا عن نظام التعويض عن فقان الشغل الذي تشتغل عليه الحكومة بوثيرة سريعة، ووصولا إلى الثورة الإصلاحية التي يشهدها قطاع التعليم سواء على مستوى تطوير البنية التحتية التعليمية أو فيما يخص العناية بنساء ورجال التعليم وتحسين وضعياتهم المهنية والمادية بالرغم من بعض الصعوبات المطروحة في التنزيل والتي نتطلع ان تعالجها الحكومة بالحوار والاشراك ومزيد من الانصاف والتحفيز لفائدة هذه  الاسرة التي تقدم خدمات جليلة للوطن والمعول عليها لبناء وتنشئة الأجيال، فأخيرانظام الدعم المباشر للسكن لفائدة الأسر التي لا تمتلك سكنا رئيسيا، في سابقة مهمة، بعدما ظلت منظومة  الدعم توجه للمقاولات العقارية دون أن يلمس المواطن أثرها الكبير، وهي كلها إجراءات متزامنة ومتناسقة ولكن ايضا مكلفة جدا للميزانية العامة للدولة، وتأتي في سياق اقتصادي وماليعالمي صعب نتيجة عدم استقرار أثمنة المواد الاولية في السوق العالمية التي تعتمد عليها بلادنا عبر الاستيراد، وكذا توالي سنوات الجفاف الذي أضحى هيكليا مع ما يتطلبه الأمر من تعبئة استثنائية ومستعجلة ومكلفة لضمان الأمن المائي لبلادنا ووصولا للتكلفة الكبيرة لمعالجة اثار زلزال الحوز  

لذلك فإن هذه الاجراءات الشجاعة والتاريخية التي يشرف عليها جلالة الملكحفظه الله تشكل بحق ثورة اجتماعية كبرى سيشعر بآثارها المواطناتوالمواطنين المغاربة الذين يعانون من الشاشة أولا وأخيرا وهي بداية مهمة لعقد اجتماعي منصف وأكثر عدالة في دولة تعتمد على الإنسان المغربي كثروة وحيدة وواحدة.

وبوضوح، فإننا في حزب الاستقلال ندعم بقوة هذه الاجراءات، لأنها تهمفئات واسعة من الشعب المغربي التي ظلت لسنوات تعاني من غياب العدالةفي توزيع الثروة، وفي الحقيقة انه مشروع فوق حزبي ينبغي ان يكون فوقكل مزايدة سياسية ويتطلب انخراط الجميع من كل المواقع لإنجاحه لان المهمليس ان ينجح حزب او حكومة أو غيره بل ان ينجح الوطن اولا واخيرا.

السيد الرئيس

إن هذا الورش الملكي الاستراتيجي الذي يحدد هوية الدولة المغربية التي اختارت ان تكون دولة ديموقراطية اجتماعية، وبالتالي يرتكز في كل جوانبه على خطواته مدروسة ودقيقة وعلى رأسها مسألة استدامة تمويل هذه البرامج، وكما أعلن عن ذلك السيد رئيس الحكومة أمام البرلمان، فالتركييةالمالية لضمان استدامة هذا التمويل مؤطرة بشكل دقيق وتتوزع على خمسرافعات اهمها 20 مليار درهم في ظرف ثلاث سنوات عن طريق تعبئة المواردالذاتية للدولة و 6 مليار درهم من العائدات الجبائية وعائدات الرسومالضريبية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الارباح والدخولالخاصة بالمقاولات اضافة الى الرسوم الضريبية المستخلصة من المساهمةالابرائية برسم الممتلكات والمجودات المنشئة بالخارج و 15 مليار درهم منعقلنة وتجميع واعادة توجيه مجموعة من الاعتمادات المالية المسخرة لمجموعةمن البرامج السابقة و9 ملايير درهم من   من احتياطي صندوق التماسكالاجتماعي واخيرا استثمار هامش اصلاح صندوق المقاصة اي 12 ملياردرهم

وبالتالي فإن ضمان ديمومة هذا المشروع متحكم فيها والمطلوب اليوم هو انيتعبأ الجميع من اجل انجاح هذا الورش الملكي كل من موقعه.

السيد الرئيس

بدون شك فإن إعلان جلالة الملك عن تنظيم بلادنا لكأس العالم 2030 إلى جانب الدولتين الصديقتين إسبانيا والبرتغال، ليشكل بحق، ليس فقط حدثا سياسيا يزكي المكانة والثقة الكبيرة والفعلية التي تحظى بها بلادنا في المنتظم الدولي، بل  حدثا تنمويا كبيرا،  سيجعل بلادنا بحول الله تعالى ورشا مفتوحا على كل الأصعدة وفي كل المجالات، وهو ورش تنموي من المؤكد أنه سياسهم في تعزيز النهضة التنموية الكبرى التي تشهدها بلادنا،  حيث سيعرف مشروع قانون المالية الذي نناقشه اليوم، تخصيص اعتمادات مهمة لبدء تنزيلهن حتى تكون بلادنا ان شاء الله تعالى وكما دائما في الموعد من اجل رسم صورة بهية عن وطننا وقارتنا الافريقية.

السيد الرئيس

إن بلادنا ولله الحمد كانت دائما وستبقى دولة وأمة تحديات. لكن الأهم هو أننا نمتلك الخبرة والحكمة والقوة والعزيمة لنحول كل التحديات رغم تعقيداتها وصعوباتها إلى فرص بقيادة جلالة الملك حفظه الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

9

مشاركة