بقلم..محمد عزيز الوكيلي / إطار تربوي
العنوان ليس نكتة.. بل من صميم واقع نظام أسلم عقله للريح.. ويوشك أن يُسلم روحه هي الأخرى.. والمصيبة أنه يأخذ معه ملايين من الجزائريين المغرر بهم في حربه المعلنة على الجيران.. وعلى كل من يظهر له في مجال الرؤية.. حتى الجراد لم يسلم من هذه الحرب.. خاصة أنه سمّاه “جراداً مغربياً” ربّته المخابرات المغربية وأرسلته عمداً لإهلاك محاصيلهم الزراعية.. التي يشهد العالم من حولهم أنها لم تستأنس بتربتهم.. منذ طرد بوخروبتهم حوالي 350 ألفاً من المغاربة نكايةً في المسيرة الخضراء.. معظمهم مزارعون كانوا يشكّلون فخر الزراعة الجزائرية.. يا حسرة… والبقية يعرفها الخاص والعام!!!
مناسبة هذا الكلام غير المريح.. وربما غير المُسالم ولا اللبق.. أن وزيرا وسفيرا جزائريا سابقا يُفترض أنّ شعر رأسه ابْيَضَّ بفعل الخبرات والتجارب السياسية والدبلوماسية.. لم يجد في جعبته قيد شعرة من الحياء.. ومن الأخلاق.. فخرج على قومه بتقليعة جديدة وغير مسبوقة.. فيها رائحة وكالة “لا ناسا” للأبحاث الفضائية.. جاء فيها أن المسيرة الخضراء المغربية.. المظفرة.. “لم تتقدم ولو كيلومترا واحدا داخل الصحراء” حسب تعبيره.. وإنما تم تصوير مشاهدها في الأستوديو.. وأنها كانت عبارة عن جموع من العاطلين والأميين والمتسكعين.. جاءوا لهم بأعداد وفيرة من الباغيات ليشجّعنهم على التجمهر وعلى اداء دورهم المفبرك… وهلمّ عَبَثاً وأوصافاً قادحة في شرف المغاربة.. وفي شرف مسيرتهم التي وقف لها العالم أجمع انبهاراً.. لأنها كانت منفردة.. وسيدة زمانها بامتياز.. وكيف لا وقد نجحت في استعادة أقاليمنا الجنوبية من المستعمر فرانكو وجيوشه دون إراقة قطرة دم من هذا الخندق أو ذاك الآخر.. والأكثر من هذا.. أنها شهدت المشاركة الفعلية لمسؤولين وقادة سياسيين عرب وأجانب حملوا فيها رايات أوطانهم.. فكانوا شهود عيان.. يستحيل تكذيب شهاداتهم.. فضلا عن مئات من الصحافيين والإعلاميين من كل أنحاء المعمور.. وعن ملايين من المغاربة الذين كانوا عند انطلاق المسيرة مصطفين ليل نهار على طول مسارها الطرقي من طنجة إلى كلميم.. وهم يشيرون بأيديهم ويصدحون بحناجرهم تحيةً وإكباراً.. حتى أن آلافا مؤلفة منهم كانت عيونهم تتفطّر من الدمع لعدم قبول تسجيلهم في قوائم المشاركين.. التي بلغ تعداد المترشحين فيها ما يزيد على ثلاثة ملايين مترشح.. بينما المطلوب لم يكن يتجاوز 350 الفا كما كان مقرراً آنئذ… وربما لو كنت المشاركة شاملة لكل المترشحين لما توقفت جحافلها عند الكويرة.. ولكانت الجزائر الجنوبية برمتها مرتعا للبوءات وأسود تلك المسيرة!!!
بماذا يمكن للمرء أن يصف وزيرا وسفيرا سابقا.. متخرّجا من جامعة الأزهر الشريف.. يطلع على الملأ بمثل هذه الهرطقة الفاقدة لأي صلة بالواقع.. غير القول إن الرجل فقد عقله تأسيا بالنظام الذي نما وتربى في أحضانه.. والذي خرّج جيلين.. على الأقل.. من أشباهه.. وقد رأينا سلوكاتهم الرعناء في مدرجات ملاعب الكرة الجزائرية.. وفي عز تظاهرات رياضية وكروية قارية وعربية ضحك العالم منها حتى استلقى على قفاه؟!
لقد وصف هذا المعتوه حدث المسيرة الخضراء بمثل ما يصف به المتشككون نزول أمسترونغ على سطح القمر.. وبمثل ما جاء به القائلون بتسطيح الأرض نكاية في الجهود العلمية الجبارة لوكالة ناسا.. التي لم تعد أمريكية في واقع أمرها.. بل صارت عالمية بعد أن انضم إليها علماء متخصصون من مختلف بلدان الدنيا.. ومن بينهم مغربيات ومغاربة يُقامُ لهم هناك ويُقْعَد!!!
بماذا يمكن وصف دولة يتخرّج منها تِباعاً أمثال هذا المسؤول الأخرق؟!
نهايته.. من يتطوع لينقذ الجزائر العربية أو الأمازيغة إن شئتم… فالواقع يؤكد أنها على وشك الانشطار الذاتي الشامل؟!!