بقلم: عبد السلام اسريفي
لم تكن ليلة السبت ككل الليالي. فمع صفارة النهاية التي أعلنت المغرب بطلاً للعالم في كأس العالم للشباب بالشيلي، تحوّلت شوارع المملكة إلى بحر من الأعلام الحمراء والنجوم الخضراء، واختلطت الدموع بالهتافات، والفخر بنبض الوطن. لم يذق المغاربة طعم النوم، لأنهم شعروا جميعاً بأن ما تحقق لم يكن مجرد فوز كروي، بل كان انتصاراً لروح وطنية متقدة آمنت بالشباب وراهنَت عليه.
لقد أثبت أشبال أقل من 20 سنة أن الثقة في الكفاءات المغربية ليست شعاراً عاطفياً، بل رهاناً عملياً ناجحاً. فحين نوفر للشباب فضاءً للتكوين وفرصة للتعبير، يُبدع ويتفوّق، ويُثبت أنه قادر على مقارعة الكبار بإرادة لا تلين. هذا الفريق الشاب لم يحمل فقط قميص الوطن، بل حمل معه قصة أمل لملايين المغاربة الذين رأوا في هذا التتويج تجسيداً لحلم طال انتظاره: أن يرى المغرب في مكانته التي يستحقها.
إن الإنجاز العالمي في الشيلي هو ثمرة رؤية ملكية حكيمة آمنت منذ البداية بأن بناء الإنسان هو المدخل الحقيقي لكل تنمية، وأن الاستثمار في الطاقات الشابة هو الضمانة لمستقبل أفضل. من أكاديمية محمد السادس لكرة القدم إلى مشروع التكوين والاحتراف، نرى اليوم ملامح عمل استراتيجي طويل المدى بدأ يعطي أكله بوضوح.
لكن ما هو أبعد من الكأس هو الدرس. فقد أرسل “أشبال الأطلس” رسالة بليغة مفادها أن الشباب المغربي لا ينقصه الذكاء ولا الموهبة، بل الفرص والثقة. حين تتوفر بيئة الدعم والرعاية، يتحول الحلم إلى إنجاز، والطموح إلى واقع ملموس.
ليلة السبت كانت أكثر من مجرد احتفال؛ كانت صحوة وطنية جماعية أعادت للمغاربة الإيمان بقدرتهم على تحقيق المستحيل. كانت برهاناً على أن روح هذا الوطن ما زالت شابة، تنبض بالأمل والإصرار، وأن جيلاً جديداً من المغاربة قادم، يحمل راية التحدي، ويؤمن بأن المستقبل يُصنع هنا، في المغرب.

