الرئيسية إقتصاد أسعار المحروقات في المغرب… حين يصبح الانخفاض العالمي خبراً بلا أثر

أسعار المحروقات في المغرب… حين يصبح الانخفاض العالمي خبراً بلا أثر

gazz190222 1766913181
كتبه كتب في 28 ديسمبر، 2025 - 10:25 صباحًا

لم يعد انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية خبراً يبعث على الارتياح لدى المستهلك المغربي، بقدر ما أصبح مناسبة متجددة لطرح سؤال الثقة في آليات تسعير المحروقات داخل السوق الوطنية. فبينما تشهد الأسواق العالمية تراجعاً واضحاً في الأسعار، تظل الأرقام المعروضة على مضخات الوقود بالمغرب عصية على التغيير.
الأسواق الدولية تتحدث اليوم بلغة الأرقام: وفرة متزايدة في الإنتاج، تراجع في التوترات الجيوسياسية، واحتمالات فائض كبير في المعروض خلال السنة المقبلة. خام برنت يواصل الانحدار، والنفط الأميركي يسير في الاتجاه نفسه، في سيناريو يُفترض، منطقياً، أن ينعكس إيجاباً على المستهلك النهائي في الدول المستوردة، وفي مقدمتها المغرب.
غير أن الواقع المحلي يسير في اتجاه مغاير. أسعار الغازوال والبنزين لا تتأثر إلا نادراً بالمنحى التنازلي للأسواق الدولية، وكأن آلية التسعير تعمل في اتجاه واحد فقط. فحين ترتفع الأسعار عالمياً، تُسجل الزيادات محلياً بسرعة لافتة، أما حين تنخفض، فإن التفاعل يصبح بطيئاً، محدوداً، أو منعدماً.
هذا الوضع يسلط الضوء مجدداً على إشكالات تحرير سوق المحروقات، الذي كان يُفترض أن يخلق منافسة حقيقية ويضمن شفافية أكبر في تحديد الأسعار. لكن ما يظهر على أرض الواقع هو سوق شبه مغلقة، تتحكم فيها اعتبارات لا تصل تفاصيلها إلى المواطن، في غياب تواصل واضح يشرح مكونات السعر، وهوامش الربح، والكلفة الحقيقية للاستيراد والتخزين والتوزيع.
ومع استمرار ارتفاع تكاليف النقل والمواد الأساسية، يزداد الضغط على القدرة الشرائية للأسر المغربية، التي تجد نفسها مضطرة لتحمل عبء أسعار لا تعكس التحولات العالمية، ولا تراعي هشاشة الوضع الاجتماعي لفئات واسعة من المواطنين.
إن الإشكال اليوم لم يعد مرتبطاً فقط بسعر البرميل في الأسواق الدولية، بل بثقة المستهلك في منظومة التسعير برمتها. فغياب الوضوح يفتح الباب أمام الشكوك، ويغذي الإحساس بوجود خلل بنيوي في طريقة تدبير هذا القطاع الحيوي.
ويبقى السؤال قائماً: هل آن الأوان لإعادة تقييم نموذج تحرير سوق المحروقات؟ أم على الأقل، فرض آليات أكثر صرامة للمراقبة والشفافية، تضمن أن تصل آثار الانخفاض العالمي إلى المواطن، كما تصل إليه تبعات الارتفاع دون تأخير؟
أسئلة مشروعة، تزداد إلحاحاً كلما هبط النفط في العالم، وبقيت الأسعار في المغرب على حالها.

مشاركة