أصدرت محكمة الاستئناف بسطات في الأونة الأخير سلسلة من الأحكام الصارمة في ملفات تتعلق بالسماسرة والفساد واستغلال النفوذ، لتبعث برسالة واضحة مفادها أن زمن الإفلات من العقاب قد ولّى، وأن القضاء المغربي عازم على تطهير محيط العدالة والإدارة من كل الممارسات المشبوهة.
هذه الأحكام، اخرها ملف الدركيين التسعة و ملف السمسار الاخطبوط وملفات اخرى تابعها بشغف و اهتمام الرأي العام السطاتي و التي جاءت عقب تحقيقات معمقة وبحث قضائي دقيق، استهدفت شبكات تورطت في الوساطة غير القانونية والتلاعب بالملفات واستغلال حاجة المتقاضين مقابل مبالغ مالية، مستعملة أسماء وهمية ونفوذاً مزعوماً للتأثير على مسار القضايا، في ضرب سافر لمبدأ سيادة القانون وتكافؤ الفرص أمام القضاء.
وأكدت مصادر قضائية أن المحكمة اعتمدت على قرائن قوية وتسجيلات ومعطيات تقنية دقيقة، كشفت حجم التجاوزات التي كانت تتم في الخفاء، مستهدفة البسطاء والمواطنين الباحثين عن الإنصاف، وهو ما دفع الهيئة القضائية إلى التشديد في العقوبات، وتوقيع أحكام سالبة للحرية وغرامات مالية ثقيلة في حق المتورطين.
وقد لقي هذا القرار ارتياحاً واسعاً في أوساط الرأي العام المحلي والمهني، حيث اعتُبر خطوة نوعية في مسار تخليق الحياة العامة، وتعزيز الثقة في المؤسسة القضائية، وتحصينها من كل أشكال الابتزاز والتلاعب التي تمس صورة العدالة وهيبتها.
وتؤكد استئنافية سطات، من خلال هذه الأحكام، أنها ماضية بثبات في محاربة الفساد، حماية لحقوق المتقاضين وصوناً لكرامة القضاء، في انسجام تام مع التوجيهات و الرسائل التي يرسلها المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة الرامية إلى ترسيخ دولة الحق والقانون وربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن ما تحقق اليوم بسطات ليس مجرد أحكام قضائية، بل رسالة ردع قوية من السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بسطات و السيد الوكيل العام لكل من يراهن على الطرق الملتوية، ودعوة صريحة إلى جعل القضاء فضاءً للنزاهة والإنصاف، لا سوقاً للسمسرة والمتاجرة في آلام الناس .

