الرباط – تشهد المملكة المغربية هذه الأيام موجة حرّ استثنائية، تجاوزت المعدلات المعتادة، بفعل تأثير المنخفض الصحراوي القادم من الجنوب. وقد أعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية عن ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، يمتد تأثيره ليشمل مناطق الوسط والسهول الداخلية، مصحوبًا برياح قوية، زوابع رملية في بعض الأقاليم، وزخات رعدية مرتقبة خاصة في مناطق الأطلس.
وفي ظل هذه الظروف المناخية المتقلبة، حذّر الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، من مخاطر صحية خطيرة ناجمة عن التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصًا في الفترة الممتدة بين الساعة الثانية عشرة زوالًا والخامسة مساءً، حيث تكون الأشعة فوق البنفسجية في ذروتها.
وقال الدكتور حمضي، في تصريح خاص لجريدة هسبريس، إن أشعة الشمس قد تسبب حروقًا جلدية متفاوتة الخطورة، تبدأ باحمرار بسيط وتصل أحيانًا إلى تقشر الجلد أو تلفه العميق، مشددًا على أن تغير لون الجلد أو تقشره بعد التعرض للشمس ليس أمرًا طبيعيًا، بل يعد من علامات الحروق الشمسية المماثلة للحروق الحرارية.
وأشار حمضي إلى أن الارتفاع الحاد في حرارة الجسم نتيجة التعرض المفرط للشمس يمكن أن يؤدي إلى الغثيان، الإرهاق، فقدان الوعي، أو ما يُعرف بـ”ضربة الشمس”، داعيًا إلى الحذر خصوصًا بين الفئات الهشة، كالأطفال، المسنين، ومرضى السكري والقلب.
كما نبه الطبيب ذاته إلى أن بعض الأدوية ومستحضرات التجميل قد تتفاعل سلبيًا مع أشعة الشمس، مما قد يؤدي إلى تفاعلات جلدية خطيرة، مؤكدًا على أهمية استشارة الأطباء أو الصيادلة قبل استخدامها، لا سيما خلال موجات الحر.
وفي ما يتعلق بالأثر بعيد المدى للتعرض لأشعة الشمس، أوضح حمضي أن أضرار الشمس لا تختفي بانتهاء فصل الصيف، بل تتراكم مع مرور الوقت، وتُسهم في تسريع شيخوخة الجلد وزيادة احتمالات الإصابة بـسرطان الجلد على المدى الطويل، مما يستوجب وعيًا دائمًا واتخاذ إجراءات وقائية مستمرة.
ودعا المتحدث المواطنين إلى تفادي التعرض لأشعة الشمس المباشرة خلال ساعات الذروة، والاحتماء بالظل، مع ارتداء ملابس خفيفة ذات ألوان فاتحة، قبعات واسعة، ونظارات شمسية واقية. كما شدد على أهمية استعمال واقيات الشمس المناسبة لنوع البشرة، وتجديدها كل ساعتين، حتى في الأجواء الغائمة أو الضبابية، نظرًا لقدرة الأشعة فوق البنفسجية على اختراق الغلاف الجوي.
وأضاف حمضي أن القماش المبلل بعد السباحة يسمح بمرور الأشعة بنسبة أكبر، ما يستدعي تجفيف الملابس فور الخروج من الماء. كما أوصى بالإكثار من شرب الماء وتناول الفواكه، لاسيما في الجبال والشواطئ أو داخل الماء، حيث تنعكس أشعة الشمس وتُضاعف من آثارها.
وفي ختام تصريحه، شدد الدكتور الطيب حمضي على أن الوقاية والوعي الصحي يظلان السبيل الأمثل لتفادي المخاطر المرتبطة بموجات الحر والتعرض للشمس، داعيًا إلى تضافر جهود الأفراد والجهات المعنية من أجل التوعية وحماية المواطنين من تداعيات هذه الظواهر المناخية المتطرفة التي باتت أكثر تكرارًا في ظل التغيرات المناخية العالمية.