الرئيسية آراء وأقلام عصر تحويل المواهب لمهارات حدث فريد يخرج من جنبات المملكةتجربة رائدة تجاوزت الحدود الجغرافيةتحويل الأفكار لواقع ملموس

عصر تحويل المواهب لمهارات حدث فريد يخرج من جنبات المملكةتجربة رائدة تجاوزت الحدود الجغرافيةتحويل الأفكار لواقع ملموس

IMG 20221225 WA0013
كتبه كتب في 25 ديسمبر، 2022 - 2:24 مساءً

بقلم: الدكتورة نجيمة طايطاي غزالي استاذة بالمعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس الرباط، وزيرة سابقة مكلفة بمحو الأمية والتعليم غير النظامي

تابعت باهتمام كبير مبادرة (مواهب) التي أطلقتها المملكة العربية السعودية، ممثلة في مؤتمر “رحلة نحو المستقبل الجديد” الذي نظمته مؤسسة الملك عبد العزيز للموهبة والإبداع، وسألت نفسي ماذا تعني الموهبة وما واجب الدول والممالك نحوها؟ فأجبت مباشرة أنها امتلاك قدرة استثنائية إذا أُحسن استثمارها صارت قادرة على التغيير والتحسين وأن واجب الدول نحوها إنشاء مدارس ورصد منح مالية لها وتوفير بعثات علمية للدول المبادرة في المجال للتعرف على ثقافتها والنهل من معارفها وهذا ماتفعله كثير من الدول نحو أبنائها الموهوبين لأنه أمر بديهي لكن قيام المملكة العربية السعودية بالخروج عن حدود مملكتها والبحث عن اكتشاف الموهوبين في كل دول العالم فهذا حدث فريد جعلني أتوقف عنده كثيرًا لأن تجربتها الرائدة التي بدأتها في 2002 م بإنشاء مؤسسة ( مواهب) كان علامة فارقة في الوطن العربي أشعلت التنافس بين المبدعين والمفكرين، وحولت الكثير من المواهب إلى مهارات وممارسات عملية.
ان امتلاك الموهبة لايعني شيئًا ما دام لم يترجم لمهارة عملية فما فائدة أن تكون صيادًا ماهرًا ولاتستطيع أن تستفيد من قدراتك والمساهمة في نفع محيطك و مجتمعك، وهذا ما يميز الموهوب الممارس أنه يطور موهبته ، بعكس الشخص الذي يمتلك الموهبة ولا يمارسها.
وقد لاحظت أن مواصلة اكتشاف المواهب وعقد مؤتمر عالمي منذ أيام في السعودية تحت شعار “رحلة نحو المستقبل الجديد” الذي نظمته مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” يجدان اهتمامًا خاصًا من المملكة العربية السعودية برعاية صاحب الجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد محمد بن سلمان حيث غرس المؤتمر في نفوس المتسابقين العمل على التعلم من غيرهم، بل والبحث عن موهوبين من أمثالهم لأن الموهوب إذا لم يحاط بمناخ ملائم وبأقران متميزين يتنافسون فيما بينهم فيتعلم من مواقفهم فلن يتقدم، وهذا أمر مهم جدًا لأن عملية تحويل الموهبة إلى مهارة والمهارة إلى قدرة عملية ليست سهلة، لأنّه كلما زاد التعلم عن موضوع ما، كلما زادت تعقيداته وتفاصيله، وهو ما يستوجب على الموهوب ضرورة الالتزام بتعلّم كلّ شيء حول الموهبة من أجل تحويلها إلى حقيقة وقد تتبعت ذلك في مبادرة ( مواهب) حيث حولت الأفكار التي قدمها (ممثلو 30 دولة) من مختلف دول العالم إلى واقع ملموس وتجربة حية أنجبت لنا (100) مبتكر وأظهرتهم للرأي العام الذي لم يكن يعلم شيئًا عن مواهبهم
وإني أرى كغيري أن هذا العمل الإنساني المتميز في اكتشاف الموهوبين ورعايتهم إذا وجد من يسانده من رجال الأعمال والشركات والمؤسسات والمنظمات العالمية فأجزم أنه سيغير وجه العالم، لقد أعادني هذا العمل إلى مئات السنين عندما كانت مملكتنا في المغرب ترعى النابغين من طلاب العلم فتوفر لهم الإقامة والطعام والشراب فكان وقف السيد اليعقوبي، الذي يضم حانوتا بحي العطارين، ونصف أروى بحي سيدي الصعيدي، وأربعة أحواض للملح بقبيلة بني معدان،ودارا بحومة الجنوى، وغرسة بحي الزينة، وكذا وقف السيد أحمد الفاسي، الذي يضم نصف دار بحي المطامير، ونصف حانوت بحي النيارين، إضافة إلى أوقاف خاصة كانت في المغرب مخصصة للكراسي العلمية، ككراسي تفسير الفخر الرازي بجامع الأندلس بفاس، وكرســي صحيح البخاري بشرح فتح الباري لإبن حجر ، وكرسي تهذيب البراذعي في الفقه المالكي بجامع الأذرع بفاس،وكرسي المدونة في الفقه المالكي،بجامع الأندلس بفاس أيضا ، وكرسي السيرة النبوية بالزاوية التيجانية بتطوان، وبفضل الله تتواصل الجهود ولايزال هناك استمرار في مثل هذه الأوقاف لكننا بحاجة إلى تذكير، ولقد بادرت مؤسسة مغرب الحكايات منذ تاسيسها لإدخال الحكاية داخل المؤسسات التعليمية كويسة للتربية والتكوين وكذلك لتحفيز الطلاب على الابداع والمبادرة وصقل المواهب وكذلك لربط جسور التواصل مع الاجيال ومع الثقافات… ان فكرة بناء منصة للموهوبين والمبدعين جاءت في وقتها لتعيد لنا تاريخنا وتؤكد على تميزنا كوطن عربي يتكامل بمثل هذه الأعمال الإنسانية الناجحة و الرائدة

مشاركة