شيء ما لا يبدو على ما يرام في عمل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. وكأنني أشعر بأن الاستراتيجية الجديدة لمندوبية السجون و إعادة الادماج لم يستطع بعض من الحرس القديم، ومن العقليات القديمة استيعابها وهضمها.
ومن باب الإنصاف، لا يمكننا أبدا أن ننكر دور المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في ترسيخ مبدأ حقوق الإنسان داخل المؤسسات السجنية، ومجهوداتها الرامية إلى تغيير النظرة السلبية إلى الموظف الساهر على تطبيق القانون داخل المؤسسة السجنية، والتوقف عن النظر إليه كجلاد وأداة للقمع والحط من كرامة المسجون.
ولقد بدأ يسود فعلا شعور بأن موظفي السجن يستحقون أن ننظر إليهم بعين مغايرة، بل ويصل التقدير أحيانا إلى الافتخار بأسماء معينة سواء تلك التي تعمل في الظل أو تقف في بقعة الضوء. كما يسود شعور بأن محهودات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج و حرصها على حماية النزلاء أثناء فترة الاعتقال من كل تجاوزات وانتهاكات حقوقية فيه كثير من الصدق، وأننا نعاين تلقي الموظفين تكوينا في المجال الحقوقي يتمحور حول التعريف بالمعايير الدولية لمعاملة السجناء ومناهضة التعذيب، وطرق وآليات الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة والممارسات السيئة. مثلما نلمس هذا الصدق في إخراج النقاش حول ذلك إلى العلن، كما ظهر ذلك في تنظيم ندوة بملحقة رئاسة جامعة محمد الخامس بالرباط، حول “المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وتطبيقاتها في المؤسسات السجنية”، حيث اتخذت تتخذ مناهضة التعذيب وكل أشكال المعاملات غير الإنسانية محورا لها.
هكذا، نرى المندوبية تعمل على جعل تأهيل العنصر البشري أولوية لها، لأن هذا العنصر هو المسؤول عن تنزيل هذه النوايا الطيبة إلى الأٍض، وتجسيد هذه الرؤية الطموعة فالواقع. إلا أن هذا الواقع يكشف كم هي المسافة كبيرة جدا بين ما ينوي السيد التامك تحقيقه وبين ما يتحقق فعلا. فيتحول كل شيء على يد بعض الموظفين إلى مجرد شعارات جوفاء كاذبة ومليئة بالبهتان.
نعم، مازال داخل المؤسسات السجنية بعض الموظفين يهدّون كل ما نحاول جميعا بناءه، ضاربين بتعليمات المندوب العام عرض الحائط تحت مبرر تنفيذ القانون بصرامة، لتصل هذه الصرامة إلى حد إهمال المرضى المعتقلين او منح امتيازات لسجين على حساب باقي السجناء
هذا ما ينطبق على السجين ن.ب و الذي يقبع بالسجن المحلي تيفلت 2 تحت رقم الاعتقال 4608 حيث يتعرض لإهمال طبي خطير من لدن طبيبة السجن و التي اصبحت الآمرة الناهية في صحة السجناء و التي تتجاهل حقه في التطبيب والرعاية الطبية اللازمة، ويصرخ الآن، ولا أحد سمع صراخه، فتحولت حياته إلى عذاب نفسي وجسدي رهيب جعلته يفقد كل الآمال في تلقيه العلاج . ولقد استحلفتني عائلته أن أرفع صرخته خارج أسوار السجن، لعل صرخته تعيد إليه حقه، وتُنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان
أترككم مع صوت عائلة ن. ب وهو المغلوب على أمره، وأمره إلى الله.
تقول العائلة، قبل دخول ابننا الى السجن كان له موعدا مع طبيب القلب من أجل اجراء عملية جراحية مستعجلة، غير أن الظروف شاءت أن يعتقل في البداية بالسجن المحلي عين السبع و للأمانة تقول العائلة خلال هذه المدة كان ابننا يتلقى العلاجات الضرورية و لم يكن يعاني من أي إهمال، غير أنه خلال السنة الماضية تم ترحيله الى السجن المحلي تيفلت 2 و هنا بدأت المعاناة،
خلال شهر يناير 2022 بدأ يعاني من مشاكل صعبة على مستوى الصدر و ألم على مستوى الرأس و مشكل في الجهاز الهضمي، هذه الاعراض قوبلت بالاهمال مما زاد من تدهور صحته نتج عنه
تقيؤ الدم بشكل مستمر، و مشاكل في الجهاز الهضمي نتج عنه مضاعفات خطيرة منها الإسهال المزمن تارة و تارة يعاني من الإمساك، و عند قضاء حاجته بعد معاناة بسبب الإمساك فإن الفضلات تكون شديدة الاحمرار بسبب كمية الدم، معاناة ابننا لم تقف عند هذا الحد، بل ان بطنه عرف انتفاخا مع ظهور كويرات صغيرة مما زاد من الآلام
فمنذ شهر يناير و ابننا يعاني في صمت داخل اسوار السجن و لم يستفد الا من فحوصات بسيطة، تم منحه مسكنات لا غير
عائلة المعتقل تؤكد في شكواها ان ابنها تم نقله للمستشفى مرتين، المرة الاولى من أجل انحاز بعض التحاليل، غير انها تؤكد ان حالة ابنها تستوجب اجراء سكانير و IRM و التنظير الداخلي او Fibroscopie حتى يتم قطع الشك باليقين عن حالة المريض، كل هاته الإجراءات لم تتم، بل قاموا بتحليل للدم دون معرفة نتائج هاته التحاليل و مرة أخرى تم نقله لنفس المستشفى من أجل تلقى مهدئات قوية بعدما تدهورت حالته، عائلة المعتقل تلقي اللوم على طبيبة المؤسسة السجنية التي ترفض طلبات ابنها لزيارتها رغم أن مدير المؤسسة اوصى بذلك و أعطى تعليماته من أجل فحصه لكن سيادتها تضرب بتعليمات المدير عرض الحائط
هذا الاهمال نتج تدهور صحته و فقدانه للوزن بشكل خطير، مما زاد في معاناة الابن و تأزيم وضعيته النفسية هو فقدانه لوالده و رحيله عن الدنيا و هو داخل أسوار السجن
هاته المعاملة و التي هي تعريف حقيقي للامبالاة، تعرف النقيض تماما بسبب الاهتمام الزائد لاحد المعتقلين الفرنسيين، حيت يستفيد من جميع الفحوصات من Fibroscopie و فحوصات اخرى بشكل مستمر و من حين لاخر، و زيارة للطبيبة بشكل منتظم و تمتعه بعدة امتيازات لا يستفيد منها ابناء جلدتنا
.
هذه قصة ن.ب كما حكتها العائلة، نعم، لقد تعرض إلى الاهمال و الى التمييز من طرف طبيبة المؤسسة السجنية، وبسبب الاهمال حالته في تدهور خطير، مواطن مسجون لا حول ولا قوة للعناية بنفسه، ويشعر بأن لا حول له ولا قوة حتى ليشتكي. هل يعقل ان مؤسسة سجنية تطلق على نفسها إعادة الإدماج ترتكب فيها هكذا جرائم ويتم التستر على مرتكبيها ؟
عائلة المعتقل توحه نداءها إلى السيد تامك، وأصوغه هنا بأسلوب يستطيع أن يفهمه بكل سرعة”
سيدي الفاضل، مع كل الاحترام لكم، لا أطلب منكم إلا شيئا واحدا، وهو إيفاد من يستمع إلى معاناة ابننا، وإعطاء اوامرك بأن يحظى برعاية طبية لازمة خصوصا بعدما تأزمت وضعيته الصحية، سيدي المندوب العام، فقدنا رب الاسرة و كان لهذا الرحيل الاثر السيء على العائلة و أملنا في علاج ابننا داخل أسوار السجن و يعانق الحرية، فلا يهمنا أن نرى من تسببت في إهماله تنال عقابها بقدر ما يهمنا ألا يموت ابننا مهملا