أحيانًا، لا تحتاج إلى خيال علمي لتعيش مشهدًا أغرب من الخيال. يكفي أن تكون في جماعة ترناتة، وتسمع أن 400 طن من الماء تم ضخها في صهريج مائي فوق جبل أولا اوشاح ثم… تبخرت خلال سويعات !؟ ايه من يصدق ان 400 الف لتر ماء مشات في كف عفريث ..! انه الواقع المرير .
نعم، تبخرت. لا تسربات ظاهرة، لا انفجارات في الأنابيب، لا صهاريج امتلأت، لا دواوير ارتوت. فقط ماء تم ضخه واختفى كما لو أننا في فيلم سريالي، لا تجربة تقنية!
المشهد وقع مساء يوم الثلاثاء 8 يوليوز 2025. السلطات المحلية، أعوان الجماعة، ممثلو الفيدرالية.. الكل حاضر. الترتيبات دقيقة، القنوات مقفولة، الأنبوب المؤقت المرتبط ببئر الرئيس مفصول. كل شيء مضبوط.. نظريًا.
لكن عمليًا ؟ لا شيء.. حرفيًا، لا قطرة ماء وصلت إلى السكان. لا للدواوير، لا للنقطة السابقة، لا لأي مكان. صهريج ضُخّت فيه 400 ألف لتر من الماء، ثم فتح الصنبور.. فخرج الهواء!
هل هي خدعة بصرية؟ هل تسرب الماء إلى باطن الأرض؟ هل دخلنا في ثقب أسود مائي؟ لا أحد يعرف. كل ما يُقال لحد الساعة مجرد فرضيات، على رأسها أن الشبكة المائية المهترئة، التي تعود لبداية الألفينات، ابتلعت الماء بصمت، مستفيدة من غياب نظام مراقبة أو صيانة.
لكن، هل هذا يبرر أن تختفي 400 طن في رمشة عين؟ ألا يُفترض أن تظهر على شكل تسربات؟ روائح؟ حتى رطوبة؟ لا شيء!
السكان، وهم من أكثر المتضررين من الجفاف في الجنوب الشرقي، كانوا يعلّقون آمالاً على هذه التجربة التي جرى الترويج لها كحلّ استثنائي، قبل أن تتحوّل إلى مثال حيّ على العبث المائي.
أما السلطات، فـتلتزم الصمت المائي أيضًا. لا بلاغ رسمي، لا توضيح، لا فتح تحقيق علني. فقط أسئلة مشروعة تتراكم:
“فين مشى الما؟”
هل نحن أمام فشل تقني؟ تلاعب محتمل؟ إهمال؟ أم مجرد نموذج آخر لـ”التجارب الفاشلة” التي تُمارس على ساكنة تُعاني وتُنسى؟
في انتظار توضيحات رسمية تزيل الغموض، يبقى المشهد كاريكاتوريًا:جماعة ترناتة تبحث عن قطرة ماء، فتخسر 400 طن دفعة واحدة، دون أثر ملموس.. و دون مساءلة .انه العبث يا سادة ..