الرئيسية أحداث المجتمع جاد عبد السلام يحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص في موضوع “أثر البراءة في الحكم الجنائي على دعوى التعويض”

جاد عبد السلام يحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص في موضوع “أثر البراءة في الحكم الجنائي على دعوى التعويض”

f0029b7e76822c071097f1253a865583
كتبه كتب في 19 فبراير، 2024 - 12:23 مساءً

صوت العدالة / أكادير

حصل الطالب الباحث جاد عبد السلام على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر ، عن أطروحة في موضوع “أثر البراءة في الحكم الجنائي على دعوى التعويض”، و ذلك يوم السبت 17 فبراير 2024 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة إبن زهر بأكادير .

و تكونت لجنة المناقشة من الدكتورة عائشةفضيل أستاذة التعليم العالي ، كلية العلوم القانونية والسياسية، جامعة الحسن الأول رئيسا ،و الدكتور أحمد قيلش استاذ التعليم العالي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة ابن زهر اكادير مشرفا ، و الدكتور عبد الرحيم زضاكي استاذ محاضر مؤهل ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكادير ، جامعة ابن زهر عضوا ، و الدكتور محمد اطويف أستاذ محاضر مؤهل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الكادير، جامعة ابن زهر عضوا ، و الكتور إدريس الشبلي مستشار بمحكمة الإستئناف بكلميم خبيرا .

و في عرضه البحثي أكد الطالب:” إن البحث في موضوع البراءة، وما يترتب عنها من آثار يعتبر من أهم المواضيع التي تثير اهتمام الباحثين والمهتمين بالقانون، لا سيما القضاء الجنائي والمدني على السواء، فالبراءة حكم يعكس أن القاضي قام بفحص أدلة الادعاء بقناعة تامة ليخلص إما للبراءة أو الإدانة.

وافتراض البراءة وصف يلازم المتهم خلال جميع المراحل التي تجتازها المحاكمة ولا يزول هذا الوصف إلا بحكم قضائي بالإدانة حائز لقوة الشيء المقضي به.

أما في حالة الشك، فإن الشك يفسر لصالح المتهم كمبدأ اولي فلا يجوز تجزئته، سواء من حيث الحرية وما يتعلق بها أو من حيث الاثبات الجنائي، ففي المحاكمة الجنائية يكفي أن يتشكك القاضي في صحة اسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي بالبراءة وكل اخلال بذلك يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام القضائي في نظر المجتمع.

ومبدأ قرينة البراءة، قررته الشريعة الإسلامية وجعلته أساسا للمحاكمة العادلة، وهو ما تبنته مختلف التشريعات الوضعية المعاصرة.”

  و أضاف ذات المتحدث : “إن العدالة الجنائية لا تقوم إلا بتمكين القاضي من بسط سلطانه على الأدلة الجنائية وتقديرها باعتبارها المرتكز الأساسي لحريته في تكوين اقتناعه الصميم، ذلك الاقتناع الذي يترتب عنه تقييد لحرية القاضي المدني استنادا إلى القاعدة الفقهية “الجنائي يعقل المدني”.

 وتبعا لذلك، فالدعوى المدنية لا يختص بنظرها القضاء الجنائي إلا تبعا لدعوى عمومية معروضة عليه من ذات الفعل المكون للجريمة وعلى ذات المتهم، وبالتالي إذا سقطت الدعوى العمومية قبل إقامة الدعوى المدنية أو إذا أعلن هذا الأخير عدم اختصاصه للنظر في الدعوى العمومية، فإنه لا يكون هناك مجال لكي تنظر المحكمة الزجرية في الدعوى المدنية.

إن قاعدة حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني في التشريع المغربي، تستشف من خلال قاعدة الجنائي يعقل المدني، والتي لتطبيقها يتعين أن يكون الحكم الزجري صادرا إما بالبراءة أو الإدانة، لا تعقيب فيه وأن تكون الجريمة هي السبب.

إن نطاق تطبيق الحجية لم يتطرق إليه المشرع المغربي وإنما ترك ذلك لاجتهاد القضاء، ويمكن إجمال الحجية فيما يتعلق بثبوت الأفعال الاجرامية أو عدم ثبوتها وفي الوصف القانوني للواقعة وفي نسبتها أو عدم نسبتها الى المتهم وفي قيام المسؤولية أو عدم قيامها.

وعليه، فنطـاق تطبيق حجية الحكم الجنائي على المدني يمكن حصره في أنه لا يمكن للقاضي المدني أن يخالف ما انتهى إليه القاضي الجنائي ما لم يطرأ سبب من أسباب السقوط أثناء نظر الدعوى العمومية.

دواعي اختيار الموضوع:

تتجلى دوافع انجاز هذه الدراسة في خصوصية الموضوع وأهميته وتعدد القضايا المعروضة بشأنه أمام المحاكم، فالقانون أجاز استثناء للمتضرر من الجريمة أن يطالب بحقه في التعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى العمومية وإدا كان ذلك يسيرا في حال الإدانة، فإن الأمر لا يبدو كذلك عند صدور الحكم بالبراءة وهو ما دفعنا إلى محاولة الإحاطة بالإشكاليات القانونية والواقعية التي تطرح بخصوصه بقصد إيجاد الحلول المناسبة لها وذلك من خلال التطرق للموضوع والوقوف على مختلف جوانبه القانونية وموقف العمل القضائي منها.

كما لخص أهمية الموضوع في كون الأحكام الجنائية بما لها من حجية مطلقة تسري على المتهم وتنتج آثارا اتجاه المجني عليه حتى ولو لم يتدخل فيها عن طريق الدعوى المدنية سواء كان الجاني فاعلا أصليا أو شريكا في الجريمة، فثبوت مسؤولية المتهم الجنائية تكون لها قوة الشيء المحكوم به بالنسبة للمسؤولية المدنية ويكون على القاضي عندئذ النظر في دعوى التعويض عن الضرر حسب درجة جسامته لتقدير قيمة ذلك التعويض.

 لكن ما هو الأمر في الحالة المخالفة عندما يصدر الحكم الجنائي بالبراءة، فهل في هذه الحالة يكون لهذا الحكم الأثر الملزم أمام القضاء المدني رغم اختلاف الاساس القانوني للدعوى العمومية عن الدعوى المدنية؟

فالقاعدة أن المسؤولية المدنية والجنائية تشتركان معا في سبب واحد هو الفعل الغير المشروع الذي يختلف فقط في تكييفه القانوني،  ومن هذا المنطلق  فإن الجريمة يمكن أن تكون سببا للدعوى العمومية، وفي نفس الوقت سببا للدعوى المدنية، غير أن الجريمة ليست دائما هي السبب الوحيد للدعوى المدنية  التي قد تقوم فقط على مجرد الخطأ المدني الذي يرتب المسؤولية المدنيــــــة ولا يعد جريمة، بل أحيانا فإن الجريمة قد لا يترتب عنها أصلا  ضررا بالغير كما هو الحال بالنسبة لجرائم التسول، وعلى العكس من ذلك قد  يترتب عن الفعل  مسؤولية مدنية دون الجنائية كما هو الشأن بالنسبة للمنافسة الغير مشروعة في المجال التجاري. 

والأهمية تظهر عندما ترفع دعوى التعويض ويثار أمام المحكمة المدنية حجية الحكم الجنائي خاصة الصادر بالبراءة لأن الأصل أن القضاء المدني يلتزم بما قرره القضاء الجنائي في تقييمه للوقائع ووسائل الإثبات وفحصها أكثر من القاضي المدني، مما لا يستطيع معه هذا الأخير أن يخالف ما قرره القاضي الجنائي بشأن تكييف الفعل ووصفه القانوني ونسبته إلى مرتكبه.

 والقاضي المدني وإن كان ملزما باحترام الأحكام الجنائية الصادرة بالبراءة فهو غير ملزم في تقديره للمســؤولية المدنية ومدى التعويض المحكوم به بما قضى به الحكم الجنائي بشأن قيام المسؤولية الجنائية على الرغم من أن أساسها هو الخطأ المتصل بالجريمة وأساس المسؤولية المدنية هو الفعل الضار.

 وأحكام البراءة تطرح دائما التساؤل حول مدى الاستجابة لطلب التعويض أو رفضه وهو ما نوضحه من خلال اشكالية البحث.

و خلص اللطالب الباحث الى مجموعة من التوصيات أهمها

  • ضرورة التأكيد على أن الأدلة العلمية أصبحت تندرج ضمن وسائل إثبات في الميدان الزجري، والاعتراف لها بالحجية القاطعة.
  • التنصيص صراحة على أن استئناف الطرف المدني، يجب يشمل حتى الشق الزجري عند استنكاف النيابة العامة عن ممارسة حق الطعن فيه.
  • إضافة مقتضى لقانون المسطرة الجنائية، يعطي الحق لأحد طرفي الدعوى، سواء المتهم أو المطالب بالحق المدني، باستئناف الحكم استئنافا فرعيا في حالة استئناف خصمه، على غرار ما هو معمول به في طرق الطعن المدنية.
  • منح المتضرر الصلاحية في المطالبة بتوقيع العقاب إلى جانب المطالبة بالتعويض.
  • تكريس مبدأ عام مفاده اعتبار قانون المسطرة المدنية المرجع الأساسي لقانون المسطرة الجنائية، يتعين الرجوع إليه عند سكوت قانون المسطرة الجنائية.
  • إضافة مقتضى لقانون المسطرة الجنائية يقدم مقتضيات قانون المسطرة المدنية عند تعارضها مع مقتضيات قانون المسطرة الجنائية. 
  • توحيد أجل تقادم الدعوى المدنية التابعة، بإخضاعه لأجل تقادم الدعوى العمومية، عندما تكون الدعوى المدنية مرفوعة أمام القضاء الجنائي.
  • وجوب وضع نص تشريعي يحدد مختلف الصور التي يلتقي فيها الخطأ المدني مع الخطأ الجنائي، وتصنيفها إما أخطاء مدنية أو جنائية لرفع كل لبس.
  • ليس من الضروري لإيقاف الدعوى المدنية توافر وحدة الموضوع والسبب، وإنما يكفي وجود واقعة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية لا تستطيع المحكمة المدنية الفصل فيها دون ثبوت الجريمة، خشية أن يتعارض حكمها مع حكم المحكمة الزجرية في حالة عدم توقف الدعوى المدنية
  • إن مبدأ حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني غير منظم بنص تشريعي واضح، لذا نقترح أن يتدخل المشرع ليحدد كيفية إعماله والشروط اللازمة لتطبيقه.

مشاركة